كيف تستثمر عقلك الباطن؟

كيف تستثمر عقلك الباطن؟

هل شعرت في أحد المرات أثناء قيادتك للسيارة، أو ترديدك لأحد الأغنيات أو قيامك بأحد الأعمال الروتينية التي تعودت القيام بها أنك تقوم بذلك العمل بشكل لا شعوري، وبدون أن تفكر في طبيعة العمل الذي تقوم به أو في الكيفية التي تؤدي بها ذلك العمل؟!

هل سمعت من قبل أحد الأشخاص يردد عبارة “أنا أحفظها عن ظهر قلب”؟!

ماهو العقل الباطن؟

في حقيقة الأمر إن قيامك بأداء أحد الأفعال أو الأقوال بشكل لا شعوري يعود إلى انتقال هذا الفعل أو هذا القول من محيط العقل الجسدي (المعروف بالعقل الواعي أو العقل الظاهر) إلي محيط العقل النفسي (المعروف بالعقل اللاواعي أو العقل الباطن).

إن هذا الخلق المبدع المتمثل في البشر يتضمن عناصر أساسية تتكامل فيما بينها مكونة هذا الإبداع الإلهي.

المكونات الرئيسية للكائن البشري

إن هذا الكائن البشري يتكون – على خلاف ما يعتقده الكثيرون – من ثلاثة مكونات رئيسة وهي الجسم البشري ، والروح الإلهية ، والنفس الإنسية ، بحيث يتحول هذا الجسم الساكن بعد ضخ طاقة الإحياء به متمثلة في الروح إلي جسد حي ، وبارتباط هذا الجسد الحي بالنفس الإنسية يكتمل تكوين هذا الكائن البشري ، وهو موضوع كبير ومتشعب سوف أتعرض له من خلال كتابي القادم (حقيقة النفس الإنسية).

العقل الجسدي والعقل النفسي

أما الأن وفي هذه اللفتة السريعة فسوف نحاول التعرف على أحد أسرار انتقال المعارف والمهارات من هذا العقل الجسدي إلي العقل النفسي ، كيف يحدث هذا الانتقال ؟ وما هي العوامل المؤثرة عليه؟ وما هي طبيعة علاقة الارتباط بين تلك العوامل ومعدل الانتقال المطلوب؟

اتصال النفس البشرية بالعالم الخارجي

بداية يجب أن ندرك أن اتصال النفس البشرية (الإنسية) بعالمها الخارجي لا يتم إلا من خلال عناصر الجسد البشري ، فهي لا تدرك ولا تشعر بالمحيط الخارجي إلا من خلال عوامل الاتصال الجسدي المتمثلة في حواس الإدراك الخمس وفي مقدمتها السمع والبصر ، بالإضافة إلي الإحساس والشعور العاطفي المتمثل في الفؤاد (القلب).

وعلي عظم ما يتردد من إمكانات العقل الجسدي الكبيرة ، والتي تعد أحد معجزات الخلق ، إلا أنه لا يمكن مقارنتها بتلك الإمكانات الهائلة للعقل النفسي.

وحتى يمكن استغلال بعض من الإمكانات الهائلة لهذا العقل النفسي يجب أن نحرص على نقل المعارف والمهارات من محيط العقل الجسدي (الظاهر) إلي محيط العقل النفسي (الباطن).

انتقال المعارف من العقل الظاهر إلى العقل الباطن

إن انتقال المعارف والمهارات من العقل الظاهر إلى العقل الباطن يتم عبر مجموعة من الحجب والحواجز التي تختلف في كثافتها وسماكتها من شخص لأخر طبقاً لطبيعة الشخص الجسدية والنفسية ، وبيئته المحيطة.

عوامل انتقال المعرفة

كما أن انتقال المعرفة أو المهارة (العناصر المنتقلة) يتوقف علي عدة عوامل:

  1. قوة اندفاع العناصر المنتقلة.
  2. سماكة وكثافة الحواجز الفاصلة.
  3. معدل تتابع العناصر المنتقلة.

وكلما ازدادت قوة اندفاع العناصر المنتقلة زادت سرعة التحول من العقل الظاهر (الجسدي) إلا العقل الباطن (النفسي) ، في علاقة ارتباط طردي.

وكلما قلت أو ضعفت سماكة وكثافة الحواجز الفاصلة كلما ازدادت سرعة التحول إلي العقل النفسي ، في علاقة ارتباط عكسي.

وكلما ازداد معدل تتابع العناصر المنتقلة كلما ازدادت سرعة التحول والانتقال إلي العقل النفسي ، في علاقة ارتباط طردي.

وهذا ما يجب أن يشكل أحد الركائز الأساسية للدراسات والأبحاث العلمية المتعلقة بمجالات التعليم والتطوير ، من حيث التركيز على زيادة معدل العلاقة الطردية ، وخفض معدل العلاقة العكسية ، حتى نصل إلي أسرع وأعلي معدلات التحول من العقل الجسدي الظاهر إلي العقل النفسي الباطن ، وعندها يمكننا أن نلمس ذلك التطور المذهل في كل ما نقوم به.

أضف تعليقك هنا

د. أحمد حسنين

خبير إدارة المشروعات واستشاري الادارة الاستراتيجية ،باحث في مجال العلوم الإدارية والتنمية البشرية ،كاتب ومفكر استراتيجي ، له العديد من المقالات والمؤلفات .