أيهما أفضل: بناء الإنسان أم تقويمه؟

أيهما أفضل: بناء الإنسان أم تقويمه؟

بقلم: ضحى عبيسي

تربية الإنسان وتقويمه منذ الصغر

من المُسلّم فيه أن كل والدين يحبوا ويسعوا أن يكون أبناءهم الأفضل وأن يكونوا أصحاب خلق وأدب وعلم، هذا الأمر لا يأتي دون جهد أو تعب أو مثابرة، ولا يعقل أن يبقى الأهل مراقبين لأبناءهم دائما في كل تصرف وقول، ولن يستطيعوا حتى وإن أرادوا ذلك، فطبيعة الحياة أن الأبناء لا بد أن ينفصلوا عن آباءهم سواء أكانو ذكوراً او إناثا، لكن لو قام الآباء بتربية أبناءهم منذ الصغر وطيلة فترة ارتباطهم بآباءهم على المبادئ والدين والعلم وحب الخير لوجدوا ثمار هذه التربية في جميع أمور حياتهم، ويكونوا على اطمئنان وثقة أن ما يفعله أبناءهم في غيابهم هو ما يتطلعوا إليه.

خير مثال للمعلم والمربي

وخير مثال يقتدى به على هذا من سيرة رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو أول معلم ومرب لنا، فقد كان بمثابة أب ومعلم ﻷصحابه ولكل المسلمين حتى يومنا هذا ولآخر الزمان، فقد علم ودرس ووعظ وأرشد في أحسن الطرق والأساليب، ولم يكن بمثابة محاسب أو مراقب لكل صحابي في كل قول وعمل، فهو علمهم ورباهم في أحسن ما يكون ثم أعطاهم كامل الثقة لينطلقوا في هذه الحياة.

وفي حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) لابن عباس ((يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك اذا سألت فسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك)) وهذا دليل ومثال واضح على أسلوب الرسول في التعليم والتربية وأسلوبه المؤثر في التعليم.

كلٌ في ميدانه ومجاله

وهذا لا يكون في تربية الأبناء فقط بل هي الطريقة الأنجع والأفضل لكل معلم وصاحب فكرة يريد أن يعلم طلابه أو يوصل فكرته لطلابه، فعليه أن يبني فكرته في نفوس طلابه ويرسخ مبادئه وآرائه بالطريقة الفعالة ليكونوا حملة لهذه الأفكار، وبهذا يكون قد ساهم في بناء جيل واع وله تأثيره وثماره في هذه الحياة، ولا يهم العدد (فأن تخرج بإنسان واحد تكون قد ساهمت بإصلاحه وبنائه على الخير هذا لأمر عظيم فعلا).

مثال للتعليم من تدريس العلم الشرعي

فمثلا كونك مدرس للعلم الشرعي، فأن تعلم الطلاب وتكونهم على أساس التفكير الجيد والمنطقي الموافق لمنهج الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحابته، أن تدرسهم كيف يستطيعوا أن يخرجوا الأحاديث لتمييز الصحيح من الضعيف، أن تعلمهم كيف يستطيعوا أن يعرفوا الراجح من المرجوح، كيف يستطيعوا أن يتعاملوا مع تعارض النصوص وكيف يواجهوا اختلاف آراء المذاهب واختلاف العلماء في كثير من المسائل الفقهية، لا أن تمضي سنوات تدريسك في تلقين الطلاب هذا صح وهذا خطأ، هذا راجح وهذا مرجوح، وطريقة التعليم هذه لا تكون في تدريس العلم الشرعي فقط بل في كل العلوم، في مواد التربية والرياضيات والاقتصاد وغيرها.

فائدة بناء وتربية وتعليم جيل على الأمة الإسلامية

أن تربي أبناء صالحين وفاعلين في المجتمع، أن يكون أبناؤك أصحاب خلق وعلم هو بحد ذاته انجاز كبير ومجهود له وزنه عند الله تعالى، وأن تكون معلم وتخرج بطلاب يحملون أفكارا سامية ويكون لهم دورهم في هذه الحياة، إنما هو خدمة عظيمة للإسلام لرفعته ونصرته فأنت عندما تغرس الفكرة السوية والقيم النبيلة حتى لو بإنسان واحد فأنت لا تعرف كم عدد الذين سيلحقون بهذا الواحد، تكون قد ساهمت ببناء جيل.

ولا ننسى أن ما نبنيه هو الدين، هو العلم، هو الخلق، هو القيم، هو الوطن، هو القدس،هو الأقصى،فإن ما تبنيه ستلاقي ثماره في الدنيا .

بقلم: ضحى عبيسي

أضف تعليقك هنا