انييستا إلى الأبد – #برشلونة

المبارة الأخيرة مع نادي برشلونة

عندما حانت الدقيقة الثانية والثمانون من المباراة المقامة بين برشلونة وريال سوسيداد بالجولة الأخيرة من الدوري الإسباني أعلن الحكم إجراء تغيير بصفوف فريق برشلونة. هنا لم يلتفت إلى الحكم الرابع ولا إلى زملائه في الملعب، بل أمعن كثيرا في وجوه من امتلئت المدرجات بأصواتهم وأعلامهم التي لاحت منذ بداية المباراة وحتى نهايتها باسمه هو فقط.

ربما اختلطت نظرته لهم بالدمع علي فراق قد حان وقته، وإن رغبت نفسه باحتضانهم حتى الممات. من قال أن كرة القدم مجرد لعبة؟! هنا خرج الرسام أندريس أنييستا، وأظهر مهاراته وقدرته علي التحكم في نسق المباراة، وعشقته قلوب المشاهدين قبل أعينهم. ليس فقط عشاق البلوجرانا وإنما كل من ذاب عشقا لكرة القدم لا بد وأنه تذوق حب أندريس انييستا.

ومن هنا خرج أنييستا من الملعب، وهو يعلم تماما أنها لحظاته الأخيرة، فأحس بتثاقل قدميه رغبة في الاستمرار ولو لبرهة لكنه الفراق. بالأمس القريب كانت وداعية أندريس أنييستا ورحيله عن فريق برشلونة، وهو يعد أحد أمهر لاعبي منتصف الملعب في العالم، وربما في تاريخ الكرة.

إنييستا أيقونة المنتخب الإسباني

وسيتذكره الناس كثيرا كأيقونة تتويج المنتخب الإسباني لأول مرة في تاريخه بكأس العالم عام 2010 بعد تسديدة أطلقها الرسام في مرمي ستيكلنبرج حارس المنتخب الهولندي حينها في العاصمة الجنوب افريقية جوهانسبرج، ليضع اسم بلده الأم على رأس منتخبات العالم، وبين من حملوا هذه الكأس في السابق.

أندريس أنييستا الذي جاء إلى برشلونة فتى صغيرا، وترعرع في أكاديمية اللا ماسيا قبل انضمامه للفريق الأول وظهوره للمرة الأولى في عام 2002، وهو فقط بسن الثمانية عشر. لعب بألوان برشلونة لمدة 22 عاما. لعب خلالها 674 مباراة مع الفريق الكتالوني وحقق خلالها 32 لقبا ونال احترام جميع جماهير الكرة لموهبته وأخلاقه، ليس فقط مشجعي برشلونة، وإنما حتى أقرب المنافسين له.

انييستا الملاذ الأكثر ثقة لزملائه في الملعب

عند سؤال بيب جوارديولا عن كيفية تدريب ليونيل ميسي أجاب مبتسما: ” الأمر بسيط جدا فقط امنح له الكرة وهو سيتولي الأمر “، الأمر هكذا أيضا بالنسبة لأنييستا في منتصف الملعب، فهو يعد الملاذ الأكثر ثقة لزملائه عندما يتعرضون لضغط قوي من الفرق المنافسة، عندها ما عليهم سوى منح الكرة للرسام وهو يعلم ما عليه فعله.

ظهر ذلك جليا في الهدف الذي أحرزه نيمار في مرمي فريق باريس سان جيرمان في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا لعام 2015 عندما استلم أنييستا الكرة عند خط ال18 لفريقه، وراوغ لاعبي الفريق الفرنسي، وتوغل من المنتصف حتى وصل إلى حافة منطقة جزاء الخصم، ومنح الكرة لنيمار ليحرز هدفا سيظل عالقا في أذهان محبي الكرة ليس لمهارة نيمار في تسجيل الهدف، وإنما لما أظهره أنييستا من معاناة على وجوه لاعبي باريس سان جيرمان.

المشجعون يطلقون حملة “انييستا إلى ما لا نهاية”

في اليوم الأخير له بشعار فريق برشلونة أطلق المشجعون ومسئولو الفريق الكتالوني حملة أنييستا إلى ما لا نهاية InfinityIniesta لتكريم اللاعب، والتعبير عن مدى حبهم وتعلقهم بلوحات اعتادوا على رؤيتها، واعتادت قدماه على رسمها، وكذلك توديعه في الملعب لكنه مازال مستوطنا للقلب إلى اللانهاية.

لا تبدو الحياة في برشلونة كسابقها قبل رحيله، فهو من كان يمنحهم أخر ما تبقى من التيكي تاكا، ويساعد الفريق علي الحفاظ علي طريقة اللعب كما هي، لكن من بعده سيعاني برشلونة كثيرا لإيجاد من يكون بديلا له وليس مثله، من بعده سيفقد الفريق الكثير من الكرات في منتصف الملعب، وسيجد صعوبة بالغة في الاستحواذ لفترات طويلة من المباراة، لذلك أعتقد أن الفريق سيلجأ إلى تغيير طريقة اللعب لتناسب من حلّ بديلا لأندريس، وإن كان من الصعب تعويض قائد كأنييستا.

” عندما تطلق علي مكان ما المنزل لفترة تفوق العقدين من الزمان فمن الصعب جداً أن تقول له وداعا ” هكذا عبر أندرسينيو -كما أطلق عليه سيرجيو راموس قائد فريق ريال مدريد- عن رحيله عن منزله الثاني، واختلطت كلماته بدموع الحزن علي فراق من أعطوه قبلة الحياة، فالحياة بالنسبة له تتمثل في الكامب نو.

أضاف أنييستا محدثا الجماهير:

” لقد كان من الفخر أن أدافع عن هذا الشعار، حيث جئت إلى هنا فتى، ورحلت وأنا رجل ذو 34 عاما. أشكركم جميعا وستبقون دائما في قلبي “.

طريقة وداع انييستا للكامب نو

رحل كل من كان في الملعب إلا هو، حيث اختار البقعة التي أحبها من الكامب نو، وقضى بها حياته. اختار أندريس أنييستا أن يجلس حافيا في منتصف الملعب حتى الواحدة صباحا يدور في عقله سنوات مضت سريعا، لكنها ملئت بلوحاته الفنية التي أدهشت العالم.

هنا جلس يتأمل أركان الملعب للمرة الأخيرة ليشعر بمذاق الفراق، ويسترجع ذكريات شكلت شخصيته وحياته. هنا تذكر الانتصارات والفرح وكم الألقاب التي حصل عليها، وتذكر أيضا خيبات الأمل ومساندة الجماهير لهم. هنا تذكر حياته.

فيديو مقال انييستا إلى الأبد

https://youtu.be/hjokubshWdk

أضف تعليقك هنا