بديع الخيال في كتاب الله الله المتعال

بديع الخيال في كتاب الله الله المتعال

إن الناظر في كتاب الله –حتما- لا يراه نصا صامتا عقيما خاليا من الإحساس بالألفاظ والتراقص على أنغام موسيقاه الكامنة في بعض الأخيلة التي تأخذنا إلى عالم بعيد من النشوة الروحانية, ففيه ينطق الجماد, وفيه رسم للوحات من الكلمات المرهفة التي تحرك الشعور أيما حركة.

أنوع الخيال أربعة وهي:

وقد قسم البلاغيون الأخيلة إلى أربعة أقسام : التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل, وما هذه الصور الأربع بمستحدثة على يد البلاغيين وإنما هي موجودة بالفعل في كتاب الله –عز وجل- وموجودة في كلام العرب الفصحاء أيضا, وإنما البلاغيون هم الذين استنبطوها من نصوصها التي أتت عليها, وسنتناولها بشيء من الإجمال في هذه السطور.

أولا التشبيه :

وهو عقد مقارنة بين شيئين لوجود صفة مشتركة بينهما باستخدام أداة كما في قوله “مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت (41) “ العنكبوت

فالآية تتحدث عن الذين يستعينون بغير الله من أشخاص أو غير ذلك وتعقد المقارنة بينهم وبين أنثى العنكبوت التي تبني بيتا من خيط ضعيف واهن غير مؤهل للحماية, وذلك التشبيه يقرب فكرة ضعف الأولياء من دون الله وكذلك يقررها في النفس بالأدلة مستخدما أداة ألا وهي حرف الكاف.

ثانيا الاستعارة:

وهي عبارة عن تشبيه موجود بمفقود أو تشبيه مفقود بموجود مع قرينة حاضرة تدل على المفقود, فالاستعارة تشبيه حذف أحد طرفيه، وهي كما في قوله “فلما سكت عن موسى الغضب” الأعراف 154

فهل يسكت الغضب ويتكلم؟ بالطبع لا؛ إنما السكوت والكلام من أفعال الإنسان, وجاء هنا الغضب متكلما ليشابه الإنسان وقرينة الدلالة على الإنسان هي السكوت.

ثالثا الكناية:

قال تعالى “وحملناه على ذات ألواح ودسر” القمر 13، ففي الآية كناية عن السفينة بأنها لها ألواح ودسر, ولم يقل سفينة وذلك لبيان ضعفها وأن ما حماه حقا هي عناية الله فالكناية هي أن يذكر لفظ ويراد غيره مع احتمال إرادة المعنى نفسه.

رابعا المجاز المرسل:

ويتجلى جمال المجاز المرسل في قوله “واسأل القرية التي كنا فيها” يوسف 82، فلم يقصد سؤال القرية الصماء وإنما أراد ساكنيها, وأتى بلفظ القرية لجذب الانتباه والعموم والشمول, فقد استخدم المحل وأراد الحال فيه.

وهذا جزء بسيط يسير من الخيال الجميل الكثير الذي يفرض جماله ويزيد من جمال القرآن كتاب الله أفلا تدبرون؟!

أضف تعليقك هنا