رحلتي مع السرطان “الخروج من الصدمة” – #قصة

لا بد من الجراحة

في اليوم المعلوم قام الطبيب بفحص القولون كالمعتاد، بالرغم ترنحي بسبب العلاج الإشعاعي، كنت واعيا بما يكفي لأتمكن من رؤية وجه الطبيب الذي يعلوه علامات القلق والتعجب، وهو يقول: ” أنت بحاجة إلى الجراحة”، بعد ان أخبرني الجراح بأنني قد أخسر 70% من الأمعاء الغليظة، راح يعدد لي المضاعفات الممكنة ومنها الموت.

كان العرق البارد يتصبب مني، وتنتابني الحمى، وترتعش خلجاتي أثناء مغادرتي للمصحة، وقد جلست أنا وأخي على مقعد اخاص بركاب الترام أنتظر وصوله للتوجه لمحطة القطار، استدعيت جميع الأشخاص الإيجابين الذين قرأت سيرهم، وقد كان لديهم الكثير من المشاكل مثلي، ولكنهم بطرقهم الخاصة تغلبوا عليها. كان تأثيرهم علي كبير، ثم بدأت أبحث عن الأسباب التي قد تجعلني سعيدا، وقد راودتني فكرة هي:” أمعائي طويلة جدا وجاء الوقت لأقصرها”.

الاعتراف بحقيقة مشاعري 

تعلمت من خلال تجاربي وتجارب الآخرين أن البداية هي الاعتراف بحقيقة كل مشاعري وتقبلها، مع اختيار الحالة الإيجابية كمنهج لحياتي. قلت بعين دامعة أحتاج إلى عشرين يوما للاستعداد. رغم أن جزءا مني كان يشعر بالصدمة، علمت أنه لدي بعض الأسئلة الرئيسية التي تحتاج الى إجابة: هل هذه رسالة ربانية لأغير طريقة عيشي؟ هل حان الوقت لكي أموت؟ كيف سأعمل على رفع عمل جهازي المناعي؟ ماهي الطرق أكثر إفادة لتقبل مخاوفي؟ كيف سأخبر زوجتي، أمي، إخوتي؟ ما هو نوع الطعام الذي يجب أن أتناوله خلال هذه المرحلة؟.

بدأت بإعداد قوائم، واحدة خاصة بمن سيرافقني، وأخرى خاصة برسائل حبي لابنتي، وقائمة أخرى بالكتب التي سأقرأها. أخرجت مذكرتي الصغيرة، وكتبت بيدي المرتعشة رسالة حب لجسدي لأعلمه بالأخبار الجيدة المنتظرة، وشكرته على تحمله إياي، وأخبرته بأنني بحاجة لمساعدته حتى أصبح مستعدا لأجراء العملية، وهذا كله مبني على حسن ظني بالله.

الوصول للمصحة في الموعد 

في مكان ما بداخلي، بدأ الخوف في التلاشي، وأحسست براحة في بطني، وبصوت داخلي يطمئنني، خلال الأيام التالية، وبالرغم من وجود لحظات من الضيق تقربت لزوجتي، وشاهدت بعض المسرحيات الكوميدية، لقد حافظت على وعيي قدر الإمكان، في الثالثة صباحا انطلقت إلى مدينة الرباط، ووصلنا إلى المصحة، دخل أخي ليسوّي الأوضاع المالية، وأتوني بملف لأوقعه، فنظرت فإذا بممرض يدلني على غرفتي، واتاني بلباس خاص بالجراحة، فصحت قائلا: “أنا مستعد”.

كان معي داخل الغرفة رجل مسن، خضع هو كذلك للجراحة نفسها  عند دكتور مختلف، كان مؤنسي بالليل، كنا نراقب بعضنا البعض، استمر هذا الحال لمدة أربعة أيام، مع تعدد الزيارات العائلية ورسائل الأصدقاء عبر الهاتف، وكذلك زيارة غير متوقعة من إنسان عزيز عليّ “الأستاذ سعيد ابطارني” لم ألتقه قط، كانت الوسائط الاجتماعية هي من جمعتنا والغريب لم يزرني أقرب الأصدقاء هذه النقطة تعاملت معها بإيجابية لم أتوقعها أنا من نفسي.

عند انتهاء اليوم الخامس تم إخباري بإمكانية مغادرة المصحة، لأنني كنت أتحسن بصورة جيدة، رجعت إلى مدينتي المفضلة طنجة وأملي بالشفاء يزداد، تعلمت في هذه الرحلة برمجة اللاوعي على الإيجابية، وتأكدت أنه هو الحل الأمثل للقضاء على الشعور السلبي الذي ينتاب كل مريض وهو عامل من عوامل تسريع الشفاء.

فيديو مقال رحلتي مع السرطان “الخروج من الصدمة”

أضف تعليقك هنا