مـاذا بعد محمود عباس “أبو مازن”؟

تقديم ملف إحالة إلى محاكمة الجنايات الدولية، ما دلالته؟

هل تقديم وزير خارجية فلسطين رياض المالكي ملف إحالة إلى محاكمة الجنايات الدولية، للتحقيق في جرائم إسرائيل المستمرة في حق الشعب المقاوم والمناضل الفلسطيني، يؤكد اقتناع السلطة بأنه حان الوقت لإظهار التزامها بالدفاع عن الفلسطينيين؟ ما يجري اليوم في فلسطين من تدهور مريع نتيجة حتمية لتواطؤ سلطة رام الله التي استطاعت إجهاض تقرير جولدستون الذي خلص إلى أن القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب في هجومها على قطاع غزة في ديسمبر / كانون الأول 2008 ويناير / كانون الثاني 2009.

مع الأسف سيرة محمود عباس رئيس السلطة المنتهية شرعيته منذ التاسع من يناير 2009م، تثير الكثير من علامات الاستفهام والشكوك المشروعة في جدية سلطة رام الله، خاصةً أنها حرصت على الانفراد بإعداد ملف الإحالة دون باقي الفصائل الفلسطيني.

لا تقل جريمة ترك الشعب الفلسطيني أمام المجهول بعد شغور منصب رئيس السلطة، ومنظمة التحرير، والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية بوفاة عباس عما ترتكبه إسرائيل من مجازر في حق هذا الشعب الحر. الكل يعلم أنه وبعد التردي الأخير في صحة أبو مازن الذي بلغ الثالثة والثمانين من العمر، يتربض غربان السلطة لسماع نبأ الوفاة لينقض كل منهم على ما يظنه غنيمة مشروعة. وطبعا لن تقف إسرائيل على الحياد. وتترك للشعب الفلسطيني حرية اختيار من يمثله، فهذا الشعب حتى اليوم يدفع فاتورة اختياره الحر منذ (25 يناير/كانون الثاني) من عام 2006.

متى تقتنع فصائل المقاومة بضرورة العمل المشترك؟

يصدق ما سبق ما قيل عن مصر بأنه لن يُسمح لرئيس يحكمها إلا بموافقة أمريكية ورضا إسرائيل على الوضع في فلسطين، لكن ماذا عن الإرادة الفلسطينية المقسمة بين فلسطيني الداخل والخارج، والمشتتة بين فصائل المقاومة التي لم تجد فيما يجري حتى اليوم مبررا للاقتناع بضرورة العمل الوطني المشترك، ولتحقيق الوحدة فيما بينها.

لا زلنا نستسهل استدعاء نظرية المؤامرة وهي تحاك يوميا أمام أعيننا صباح مساء، والأغرب أنها لا تثير فينا الرغبة الصادقة في إيجاد قواسم مشتركة على الأقل بين الفصائل التي تعتبر المقاومة المسلحة الوسيلة الوحيدة للتحرر الوطني، لكن وللإنصاف يجب ألا نغفل الضغوط الكبيرة التي تمارسها أميركا وإسرائيل والسقف الذي وضع لمنع تحقيق مصالحة أو وحدة فلسطينية، خاصة بعد اتفاق مكة الذي جرى في الفترة من 19 إلى 21 محرم 1428 هجرياً الموافق من 6 إلى 8 فبراير 2007،

تقدم السلطة الفلسطينية لمحكمة الجنايات الدولية الآن، جاء ذراً للرماد في العيون ولغسل يدها من جرائم إسرائيل ومجازرها التي كانت شريكا أصيلا فيها بتقديم غطاء شرعي لها، سواء بالتواطؤ أو الإصرار على التنسيق الأمني الذي اعتبره محمود عباس ” مقدسا ” أو بمزيد من إحكام الحصار على أهلنا في غزة وتجويعهم ومنع حبة الدواء عنهم.

جاء تحرك السلطة بعد أن أزيح ملف القدس عن مفاوضات الوضع النهائي، ونقل السفارة الأمريكية إليها والاعتراف بها من قبل الولايات المتحدة عاصمة إسرائيل. لقد جاء قرار السلطة بعد خمسة وعشرين عاما من المفاوضات التي حولت السلطة من كونها آلية لتحقيق مشروع التحرر إلى أداة طيعة لتصفية القضية الفلسطينية.

إذا كان من غير المتاح في المستقبل القريب محاسبة ومساءلة إسرائيل عن جرائمها دوليا، فما الذي يقنعنا بأن نتقبل فكرة استحالة توحد الشعب الفلسطيني حول قواسم مشتركة وتحت علم فلسطين؟.

مشروع عملي، لتقديم البديل الوطني

إن حركة المقاومة الإسلامية حماس وأحرار منظمة التحرير الفلسطينية اليوم، يقع عليهم المسؤولية الأكبر تاريخيا ووطنيا ودينيا لإيجاد صيغة لتمثيل إرادة هذا الشعب، الذي يقدم كل يوم قوافل من الشهداء لانتزاع حقه في تقرير مصيره والتحرر من الاحتلال البغيض الجاثم على صدره منذ أكثر من سبعين عاماً.

اسمحوا لي أن أتقدم هنا بمشروع عملي، شرفني بالاطلاع عليه البروفيسور رياض شاهين رئيس جمعية الرياض الخيرية بغزة، وأراه الطريق الثالث الذي يجب أن يسلكه الفلسطينيون لتقديم البديل الوطني، والأسلم لكل السيناريوهات المخيفة والمرعبة التي تحاك اليوم.

وأستأذن البروفيسور رياض أن أقدم الفكرة، مع بعض التصرف بما أراه الأمثل لتحقيق الهدف المنشود، ولأخذ زمام المبادرة والتقدم خطوة في الاتجاه الصحيح بعد سبعة عقود من مناشدة المجتمع الدولي ومخاطبة الضمير العالمي، فقد آن الأوان لنخاطب العالم باللغة التي يفهمها، من خلال مجلس لإنقاذ فلسطين والمقدسات الإسلامية يترأسه شخصية مرموقة غير عربية لإعطاء القضية بعدها الإسلامي، وأرشح هنا شخص بقامة الدكتور أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي السابق أو البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو رئيس منظمة التعاون الإسلامي السابق.

و تكون مهمة هذا المجلس تمثيل إرادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، أمام المجتمع الدولي لفك الحصار الجغرافي والسياسي عنه، ولإجبار المجتمع الدولي على الاستماع لصوت الحق والعدل، ولإرسال رسالة قوية للجميع بأن فلسطين والمقدسات خط أحمر، والتنازل عنهما كالتنازل عن مكة والمدينة.

فيديو مقال مـاذا بعد محمود عباس “أبو مازن”؟

أضف تعليقك هنا

هيثم صوان

الكاتب هيثم صوان