الضحك – وجهان لعملة واحدة –

ظروف الضحك

يقول الطبيب النمساى – سيغموند فرويد
السخرية ولدت من رحم القسوة، وأنها تعبير عن الوحشية و العنف..فنحن نضحك على مأسى الأخرين و عثراتهم لنشعر أننا على ما يرام“..
طبيعة قاسية، موارد قليلة، قبائل يغير بعضها على بعض، فى ظل تلك الظروف كان العنف سلوكاً طبيعياً يومياً فى العصور القديمة و كانت الشراسة فى الفتك بالإعداء أمر يتباهى به و فى ظل تلك الأجواء يمكننا تخيل رجل الكهف و هو يضحك سعيداً لأنه وجد طعاما بينما فريسته تتلوى ألماً من الرمح المغروس بها..

هل ولد الضحك من رحم اللحظات القاسية ؟

هذه النظرية تدعمها بعض الشواهد، نراها عند النظر فى تاريخ بعض الشعوب فى كتابه
the mountain people
يحكى – كولين ترنبول
عن زيارته لقرية يعيش أهلها على الصيد فى الجبال بين حدود أوغندا و كينيا، قائلاً بأن حس دعابتهم غريب جداً فهم يضحكون على أشياء غريبة فمثلاً حين تعثرت امراة عجوز ضريرة و وقعت فى حفرة بينما كانت تحاول الخروج منها تجمع الناس حولها كى يضحكوا عليها!
فى الظروف القاسية التى كان يعيش فيها البدائيون قد تجدهم لاإرادياً يميلون إلى الضحك على عثرات الاخرين ليشعروا بأنهم لم يصبهم مكروه و على ما يرام، فلقد كان شيئاً عادياً فى الماضى أن تجد بعض مستشفيات الأمراض العقلية تبيع التذاكر للناس ليشاهدوا المرضى و يضحكوا على تصرفاتهم.

أول ظهور للسخرية

أول ظهور للسخرية فى الأدب العربى كانت فى قصائد الهجاء قبل الإسلام و كان الهدف منها السخرية من الخصم و إيذاء معنوياته.
و فى سيرك فى لندن عام 1801 كانت الأفريقية “سارتجى بارتمان” تعرض عارية فى السيرك ليضحك الناس على حجم مؤخرتها الكبير و حين ماتت استمر عرض هيكلها العظمى بمتحف فى باريس حتى عام 2002 نقل الهيكل لتدفن فى بلدها بطلب من نيلسون مانديلا.

تغير مفهوم الضحك

كل هذا يعطى تفسيراً منطقياً لإعتبار القدماء الضحك شئ سلبى و غير مستحب و لكن اليوم لم يعد من اللائق السخرية أو الضحك من معانة الأخرين و لكننا نفعل هذا براحة تامة لو كان شخصاً خيالياً أو شخصية كوميدية فى فيلم لانه ليس حقيقى.
و الضحك أيضاً أصبح له أبعاد فلسفية و نفسية اخرى غير التسلية فلقد أصبح وسيلة لمعالجة المشاكل المجتمعية و الشخص كثير السخرية يعتبره بعض علماء النفس شخص ناضج فكرياً، فلم نعد ننظر للسخرية كما كان ينظر لها الأقدمون بل تطورت كما تتطور كل شئ حولنا..

إنه ليس مجنوناً على الإطلاق، بل إن ضحكته هذا دليل على أنه أكثر الناس حكمة و جدية، وفهماً لمفارقات هذه الحياة و تناقضاتها

كانت هذه الكلمات التى انهى بها أبى الطب أبقراط بعد جلسته لعلاج الفيلسوف اليونانى ديمقريطوس الذى كان دائم الضحك و السخرية من كل شىء فظنوا الناس أنه مجنوناً..

فيديو مقال الضحك – وجهان لعملة واحدة –

أضف تعليقك هنا