تخيلات اﻵخرة

ليس هناك معيار أو مقياس ثابت تقاس به مشاعر البشر ولكنها مختلفه ، تتقلب مابين كره وحب صعودا وهبوطا . كيف يتم إعادة توجيه ورد تلك المشاعر إلى أصلها ؟
الحياة اليوم التى نعيش فيها لم يعد لها معيار ثابت للحكم على أفعالنا نحن البشر فيها من الشر والخير والحق والباطل والعدل والظلم ، فالنفس البشريه متقلبه متغيره ليست ثابته .
فما هو معيار الثبات ومعيار الحكم الذى يخفى عنا وعمل به السلف الصالح وأتموا حياتهم على أكمل وجه أو بمعنى آخر عاشوا حياة متوازنة ما بين الدنيا وما فيها واﻵخرة وما لها.

مفهوم الثبات

فالثبات هو أنت نعم أنت بعقلك وحكمه وحكمته فالإمام العزالى حينما أرهقته الدنيا ومتاعبها قرر أن يرد كل شئ إلى أصله واعتزل الناس جميعاً واستخدم عقله لتهذيب نفسه ورد كل أفكاره إلى أصلها فعادت حياته إلى طبيعتها وقلبه إلى زهده، فكلنا يحتاج مثل هذه العزله والإختلاء بالنفس لتهذيبها لندرك المعنى الحقيقى من الحياة ولتكن بهدف الوصول إلى هذا الحد.

ومن هنا أتحدث مع حضراتكم عن قوة التخيل وأثرها القوى فى تشكيل نهاية مابعد نهاية حياتنا على كوكب اﻷرض ، فإذا أغمضت عينك وأنت مستلقيا على اﻷرض فى جو هادئ مظلم وتخيلت أنك قمت بالتحليق بروحك عالية مابعد الحياة الدنيا وإنفصال العمل والقدرة عن جميع التقيدات وعدم الإراده ، أو بمعنى أدق دع روحك تحكم على جسدك ونفسك بما عملت فى حياتك كلها ماذا ستجد ؟
هل تجد روحا لاتبالى بما ستلقى من متاعب ومصاعب متزودة بما عملت وحسن ظن فى خالقها ولذة نور وجهه الكريم وجنته وشفاعة من نبيه ، أم أن روحك لاتطيق تلك التخيلات التى ترهقها لأنها لا تستطيع أو لاتقدر على مثل هذه الرحلة القصيره البعيدة الأهداف.

تحديد هدف الحياة

اﻷهداف التى يجب أن نتجه إليها إما أهداف قريبه أو أهداف بعيده وبالتالى تتحول اﻷهداف البعيده إلى غايات فى حد ذاتها إذا كانت تحمل معها معانى السمو واﻹرتقاء فمثلاً لو طبقنا ما أمرنا به رسول الله وطلبنا من الله الفردوس اﻷعلى كما كان يفعل اﻷنبياء والرسل لهانت علينا مصاعب الدنيا بما تحمل من ألم وتشتت روحى ونفسى ، وبهذا يسهل وضع وتنفيذ الأهداف القريبه فى الدنيا حتى وإن لم تتحقق بسرعه .

ولتعيش طول عمرك مطمئنا سعيداً ، هب أنك لن تعيش إلا يوماً واحداً ليكون عمرك كله هذا اليوم ستجد أنك تفعل كل الخير ،وبدون حقد أو كره ﻷحد ﻷنك لن تنتبه ﻷحد ، وذاك ما كان يرمى إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حينما قال ((عش فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) .
لقد كان سيدنا عمر يحاسب نفسه كل يوم ويعاقبها ويحاسبها إن أخطأت من يفعل ذلك ؟ يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ويعمل فى دار العمل لدار نتمنى أن تكون لنا نسكنها بكل حب وأمل ليس فقط بالتفكير فيها ولكن بالتدبير لها ، فالكيس الفطن من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.

دور الدعاء في حياتنا

وهنا يأتى دور الدعاء الذى هو سر من أسرار الدنيا وحلقة الوصل الخفيه فى علاقة لاتنقطع ، و اللطيف الخبير يقدر بالدعاء ما يخفى عن النفوس ، فليس من الزهد الإقتصاد فى الدعاء ، فالله يحب عبده الذى يدعوه دوماً يحب الله أن يسمع أصواتنا ، فإذا ذكرنا الله عز وجل فى أنفسنا ذكرنا فى نفسه فهو أقرب إلينا من حبل الوريد أقرب إلينا من أنفسنا التى فى الصدور فقال عز وجل (( وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أحيب دعوة الداعى إذا دعان )) .
فليكن حبك لله تضرعا ،وخوفك منه تقربا ، وحرصك على طاعته توسلا ووسيلة وصولك لجنة خلقها لتسكن فيها مطمئنا فكيف تكون هناك عند الله جنة عرضها السماوات واﻷرض وليس لك نصيب فيها ؟

فيديو مقال تخيلات اﻵخره

أضف تعليقك هنا