فقط في رمضان (4)

قصة الخمسين ضعفاً

كنا في الطريق وفجأة! رأيت زحاماً شديداً عند أحد المحلات، بالكاد وجدت موقفاً للسيارة -وإن كان بعيداً-، انطلقت إلى مكان الزحام، فلم أستطع الوصول إلى الداخل فالطابور طويل، فسألت أحد الواقفين: ما سر هذا الزحام؟ فأجابني باستغراب: ألست في المدينة، ألم تقرأ، أو تسمع عن الخبر!، فقلت: لا. فتحدث بصوت واثق كله فرح: هذا المحل، ولمدة محدودة فقط يعطيك خمسين ضعفاً لما تدفعه.

ففتحت فمي وقلت: أجادٌ أنت، يعني أعطيه عشرة فيعطيني 500؟! فرفع صوته وقال: نعم، وبكل تأكيد. فبادرته مسرعاً: ما الذي يجعلك متأكداً؟ فقال: هناك ضمان من الحكومة وتأكيد من الملك نفسه، لكن بشرط. فهجمت عليه: ما هو؟ قال: لن يعطيك الخمسين ضعف الآن، وإنما في الوقت الذي تكون فيه محتاجاً، وإذا كنت لا تصدق، فلا تدفع فالأمر اختياري، والعرض لهذا اليوم فقط. وبحركة سريعة أخرجت هاتفي النقال(الجوال) لأتصل على أبنائي وأحبائي ليسارعوا، ولا يتأخروا قبل انتهاء الوقت.

ليلة القدر خير من 29000 يوما

أنت، هل ترغب بالمضاعفة الخمسينية، تواصل معنا، أما إذا كنت تريد أكثر من خمسين، فبين يديك إعلان عن مضاعفة ليس فيها الطوابير الطوال، ولا تتطلب الاتصال، ولا تحتاج إلى أموال، وإنما تتطلب المسارعة في الأعمال، فما عليك إلا أن تعمل، وتخلص النية لله  في ليلة من الليالي لتحصل على ثواب أكثر من  29000 يوما مثلها في غير هذه الليلة، فإذا صليت ركعتين فلك ثواب خير مما لو صليت مثلها في 29000 يوما ليس فيها هذه الليلة.

هذا فضل من الله، أظنك عرفتها إنها ليلة القدر التي قال الله عنها: ” لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ “[1]، إنه لم يقل “مثل” وإنما قال “خير”، فما أكرمك يا رب!، وما أرحمك بعبادك، فالحمد لله والشكر له، والمراد بالخيرية هنا ثواب العمل فيها.[2]

إنه ليس ضماناً دولياً بل ربانياً، وليس من الملك وإنما من ملك الملوك، ومن لطفه وكرمه – سبحانه- أن أضاف نعمة أخرى لهذه الليلة، فقد ثبت عن قدوتنا وحبيبنا أنه قال: “مَن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه.”[3]، يا الله قيام ليلة واحدة يغفر ذنوب سنوات، كم أذنبنا، وكم نحتاج إلى مغفرتها، كم نخطئ، وأنت المسامح، كم نعصي، وكم هي رحمتك الواسعة، وكم وكم، فاللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لوجهك وعظيم سلطانك.

اعلم أنك متحفز ومستعد لاستقبال تلك الليلة والتشمير فيها بالعمل الصالح، فلتنطلق، ولتسارع فالوقت قصير، فإلى الاستدراك. بقي أن أذكرك أن هذه النعمة –ليلة القدر- لا توجد إلا في “رمضان فقط”.
فشكراً رمضان


  1. [1] سورة القدر آية 3، الشهر 29 أو 30 يوما، فأخذنا بالأقل فيكون 1000 شهر يساوي على الأقل 29000 يوم.
  2. [2] راجع تفسير ابن كثير والقرطبي وغيرهما.
  3. [3] رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واللفظ للبخاري رقم 1901.

فيديو مقال فقط في رمضان 4

أضف تعليقك هنا