منتخبنا وأشياء

لم يكن عدد المتفائلين كثيرا بهذا المنتخب منذ التصفيات، ولكن لما رأوا المسؤولين في الاتحاد والهيئة متفائلين انضموا لهم من أجل دعم المنتخب، ولكن حدث أسوء مما توقعوا لم نكن نتوقع الفوز على روسيا رغم أن روسيا أقل فريق في التصنيف في كأس العالم، ولكن كان على الأقل تعادل أو خسارة بعد ظهور تنافس وندية، ولكن حدث مالم يتوقعه أحد مستوى هزيل وهزيمة يندى لها الجبين ماتت الروح.

خمسة قتلت طموح كل مواطن، بل جعلت البعض يتندر على هذا المنتخب من واقع الصدمة، والبعض قال بأنها (خيرة) لو كنا في مجموعة قوية ربما كانت كارثية، فعلا نحن في أضعف مجموعة في كأس العالم وهذا كان مجالا للتفاؤل، ولكن قتل كل شيء، ولكن ما الأسباب؟

موسم كامل مليء بالصراعات

موسم كأس العالم كان كله أحداث وتوترات بين كل شيء ينتمي للرياضة، (هيئة – اتحاد – إعلام – أندية – لاعبين) وكل من حولهم شاركوا في هذا التوتر، وهذا جعل المنتخب هزيلا، كان الأجدر بأن يكون موسم كأس العالم هادئا وتحضيرا للمنتخب فقط بعيدا عن التوتر الذي لم ينتبه الكثير إلى أنه سيؤثر على  كل شيء، بل دمر كل حلم ممكن. ( قلة خبرة ) معقول!

الأندية كيانات مستقلة

عندما تشاهد أي منتخب في العالم تجد بأن مدرب المنتخب يختار من لاعبي الأندية، ولا يكون اختياره إلا للاعب يراه مناسبا لخطته وطريقة لعبه، ولا يفكر في أن تلك الدولة سوف تبتعث لاعبين لتجهيزهم، بل إن كان مدربا محترفا سيختار الأجدر سواء من يلعب داخل الدولة أم خارجها، لذا الأندية هي من تؤسس اللاعب منذ كونه في الأشبال إلى أن يدخل الفريق الأول، أو عن طريق الكشافين فقد يجدون لاعبا شابا ذو مواهب، فيتم تجهيزه في النادي.

ولكن أن يجهز المنتخب اللاعبين فهذه دائما ما يكون مصيرها الفشل، لأن حساسية المباريات وأجوائها هي من تعطي اللاعب الخبرة الكافية والمهارات المطلوبة، إذن ما الحل؟ هو أن تترك الأندية لتجهيز من تراه وفق رؤيتها، والمنتخب يأخذ الجاهز، فكل ما كان النادي كيانا مستقلا كلما نجح منتخب تلك الدولة في حصد البطولات، ولعل زيادة عدد المحترفين الأجانب ستجعل للاعب السعودي خيارا واحدا إما أعطي مستوى جيدا أو سأكون خارج النادي.

الحل

لا يوجد حل سوى أن تكون الأندية مستقلة وهي مصدر كل شيء، هي من تؤسس اللاعبين منذ الصغر والتركيز على ذلك، فكلما نجحت الأندية في صنع اللاعبين نجحنا في الوصول للهدف المنشود، وهو تحقيق شيء هام في كأس العالم، كوريا الجنوبية حينما حققت رابع العالم في إنجاز تاريخي لهم لم يكن لديهم محترفين في الخارج سوى لاعب واحد – إن لم تخني الذاكرة – بل كانت أنديتهم هي من جهزت منتخبها، دول كثيرة حاولت بعث لاعبيهم لدول أخرى، ولكن لم تنجح بالشكل الكبير.

ولعل اليابان أكبر دليل على ذلك، ولكن حينما نبع اللاعبين من الأندية بدأت في السيطرة على آسيا، أسبانيا لم تحقق كأس العالم إلا حينما بدأت أنديتها في إعطاء الفرصة فقط للاعب المتميز، وأهم أمر عدم التدخل في الأندية كما كان يحدث قديما، فقام نادي برشلونة بصناعة جيل كبير جعل منتخب اسبانيا يحصد كأس العالم.

الأندية يجب أن يكون لها أكاديميات خاصة تصنع اللاعب منذ الطفولة حتى يدخل المنتخب، وهذا ما يجعل الأندية قوية والدوري أقوى والمنتخب يمتلك حينها مجموعة كبيرة من اللاعبين المتميزين.

إذن التركيز على الأكاديميات التي ترعاها الأندية. المبالغة في عقود اللاعبين جعلتهم لا يفكرون في تطوير قدراتهم، لان المبلغ الذي يحصل عليه لن يجده في أي فريق في العالم بمستواه هذا، فكونه يبقى هنا يضمن له المبلغ الكبير بمجهود أقل. إذن نقول هنا أن المشكلة في فكر اللاعبين الذين رسخ في ذهنهم عبر الإعلام وغيره بأنهم أصحاب مستويات كبيرة، ويستحقون أكبر مما يأخذون، سيطروا على الإعلام يتغير الكثير ( أقفلوا فوه كل مطبل).

كل ما سبق لا يعفي الاتحاد السعودي بل يتحمل أكبر سبب للإخفاق لتغييره المدرب وإحضار مدرب أقل منه، ولنكون واقعيين بأن لدينا لاعبين مستواهم جيد لو كانوا في التشكيلة أو حتى في الاحتياط لكان الوضع أفضل، لم نلعب بالتشكيل الأفضل لذا خسرنا بفعل المدرب الذي اختاره الاتحاد، لم نلعب بأفضل حارس ولا أفضل مدافع ولا أفضل وسط ولا أفضل مهاجم. إذن هنالك جانب من الإخفاق يتحمله المدرب الذي اختاره الاتحاد. (جملة ستتكرر كثيرا).

كان بالإمكان أفضل مما كان

كنا نستطيع أن نهزم روسيا، ونتعادل أو نخسر من الأرجواي ومع الإصرار قد نفوز، ونهزم مصر، ونتأهل للدور التالي، لدينا لاعبين جيدين في أغلب المراكز كان بإمكانهم تحقيق شيء جيد، ومتأكد بل أجزم بأننا نقدر هزيمة روسيا بكل سهولة، ولكن يداك أوكتا وفوك نفخ.

لا خالد مسعد ولا ماجد

نعم لن يتكرر الظاهرة خالد مسعد نجم 94، ولا الأسطورة ماجد أحمد عبدالله نجم كل زمان إلا بعد أعوام طويلة، ولكن يجب أن نثق في اللاعب الذي يستطيع تقديم شيء، لا أن نجعله خارج التشكيلة أو في الاحتياط. لكن اللوم على المدرب الذي اختاره الاتحاد.

بالروح أو القدرات أو بهما معا

الروح أصبحت أهم شيء في كرة القدم الحديثة، فلم تعد المهارات هي من تحقق شيئا، وإذا تريد أن تتأكد أنظر إلى كأس العالم 1982 المنتخب الإيطالي لم يكن ذاك المنتخب القوي مقارنة بمنتخب البرازيل الذي يعد بعد منتخب 1970 من أعظم المنتخبات. يكفيك اسم سقراط كي تعرف أنه منتخب عظيم، ولكنه تقهقر أمام روح إيطاليا وإصرارها، أعادت إيطاليا الكرّة مرة أخرى في كأس العالم 2006 عندما دخلت كأس العالم ومستواها لا يؤهلها حتى لتجاوز الدور الأول.

ولكن لاعبي المنتخب الإيطالي عقدوا العزم على تحقيق شيء، فحققوا شيئا من ضرب الخيال بالروح والعزيمة فقط. حققوا كأس العالم، وقهروا جميع المنتخبات القوية، أحداث كثيرة تكررت تثبت أن الروح هي شيء مهم جدا، ولا تنسوا اليونان الفريق الضعيف الذي حقق كأس أوروبا. بل ننظر للأمس أيسلندا قهرت الأرجنتين بالتعادل، والمكسيك مسحت تاريخ ألمانيا بروح كان اللاعبون يحرثون الملعب من أجل المكسيك فقط. ولعل دموعهم نهاية المباراة دليل أن هدفهم هو تحقيق شيء لبلادهم.

ومضة

لاعب كرة القدم إما موهبة وإما مصنوع، الأول تكون قدراته فردية ذاتية والثاني يصنع متى ما كان لديه الإمكانية لذلك، والمكان المناسب وصاحب الفكر الحاذق الذي يجعله يؤمن بقدراته ويهيئ له ذلك.

فيديو مقال منتخبنا وأشياء

أضف تعليقك هنا