حاقدة الماضي – #قصة

بقلم: عابرة

لحظة انتحار 

لن أنسى يوما أنني فكرت بالانتحار دخلت إلى الحمام مسرعة حاملة بيدي سكينا، نعم حملتها للأعلى وكنت موشكة على قتل نفسي، كنت موشكة على أن أبقى في نظر كل الناس جبانة، ولكن لم يهمني هذا الامر نعم ثبت السكين جيدا وأنا موشكة على غرسه داخلي وأنا اردد «يا رب سامحني» انا حقا لا اريد هذا، ولكني لا أستطيع أن استمر في هذه الحياة، حقا لا أستطيع.

ولوهلة وكأن صوت في داخلي يخاطبني: هل حقا تطلبين من الله المسامحة وانت تريدين الانتحار وهذا شيء حرمه تعالى، ألا تستحين من نفسك؟! للحظة جاء في مخيلتي تلك اللحظة التي سأقف فيها أمام الله تعالى، كيف سأطلب منه المسامحة؟ كيف سأحتمل أن الله لا ينظر إلي في تلك اللحظة؟ رميت السكين بعيدا عني، واستلقيت على أرض الحمام منهارة أبكي، وأنا أردد سامحني يا الله. بعد عدة دقائق نهضت وأنا أرش الماء على جسدي بالكامل حتى أصبحت مبللة بكاملي.

سرير الحزن

خرجت وعيناي منتفختان كان واضحا علي أثر البكاء، لم أنظر في وجه أحدهم حتى لا أثير الشكوك والأسئلة ذهبت مسرعة إلى سريري. استلقيت وأخفيت وجهي تحت الغطاء، حينها لم أنم كما ظن أفراد عائلتي. عندما مروا بجانبي يحدثونني لم أجب احدا منهم فقط اكتفيت بالصمت وكأنني دخلت في سابع نومة. ساعات وأنا على نفس الوضعية صامتة، عيناي جفت من الدموع بقيت على تلك الحالة حتى سمعت صوت أذان الفجر، ابتسمت وكأنني وجدت مخرجي من تلك العتمة.

نهضت مسرعة توضأت وارتديت لحاف الصلاة، بدأت في الصلاة وفي كل سجدة أرجو من الله أن يحميني، ويساعدني على تخطي تلك المرحلة بقيت على تلك الحالة حتى نمت ساجدة. لم أشعر بنفسي حتى أيقظتني والدتي في الصباح لكي أذهب إلى تلك المدرسة التي كرهتها بكل ما تشمل من أفراد. تمنيت لهم الموت جميعا، لأنهم أصبحوا ينمون وهم لا يفهمون أساسا الموضوع وصحته، ولكنني أعذرهم فهم في النهاية بشر وهذه طبيعتهم. فالحق على من فتح أفواههم لتتحدث.

الثأر أم المسامحة

في تلك اللحظة كنت مصممة على أخد ثأري، نعم، كنت أريد أن أقتله لأنه لا يستحق البقاء على قيد الحياة، فهو ظالم وأناني ومغرور يفكر في نفسه فقط، ولم يتساءل عن حالتي حينها هل كان يظن بأنني أقفز من البهجة والسرور، أم كان يظنني متحمسة لما سيؤلف عني كل واحد من تلقاء نفسه؟ رغم كل ذلك إلا أنني كنت لا زلت أحمل له في قلبي بعض الحب، كنت أريده أن يصحح خطأه، كنت مستعدة أن أغفر له واتجاوز خطأه. ولكن يا لغبائي أحقا تريدين مسامحته؟ وكأن شيئا لم يكن، هل أنت ترخصين من نفسك هكذا وكأنك حشرة؟. حقا غبية.

أصبحت وكأنني منفصمة الشخصية كل مرة تظهر عندي شخصية، واحدة توبخني وتلعنني باستمرار، وأخرى تغطي خطأه بكونه كان يحبني. كرهت حقا تلك التي كانت في داخلي حينها، لأنها لم تكن تنصت إلي كنت أنصحها وأقول لها بأنه لا يستحق، حقا لأنه سيتمادى أكثر كنت أترجاها أن تكف عن حبه، ولكنها لم تنصت إلي، وتمادت هي الأخرى، وحين كلمها قالت له بأنها سامحته.

حينها كرهتها كثيرا، كيف لها أن تقرر مكاني من سمح لها بهذا؟ غبية. بعدها دخلت في صراع بين حنينها له وحقد عليه، ولكنني انتصرت في الأخير لأنني قتلتها. لن أسمح لها أن تدمرني ثانية، فأصبحت لا أرى شيئا سوى الحقد في عيني، كلما نظرت إلى المرآة كنت أدعو عليه كل يوم أن يحرمه الله من أكثر شيء يسعده في هذه الحياة، كما حرمني من براءتي. فأنا متيقنة أنه سيلاقي مصيره فلازلنا في هذه الدنيا، ولا نعلم ما قد يحدث غدا. ففي ثانية يمكن لحياتنا أن تنقلب رأسا على عقب.

لا بد للظالم من عقاب

فأنا أنظر الآن من بعيد وأراك يوما بعد يوم كيف حياتك تضيع “المخدرات” .”ابتعادك عن طريق الله”. ولا أعلم ما القادم إلا أنني أعرف أنه سيكون قاسيا عليك، فأنا لا أريد أن يعاقبك الله عن ظلمك بأحد أفراد عائلتك، لا بأمك ولا أختك، ولا حتى ابنتك المستقبلية. فأنا لن أحتمل عذابهم ودمعتهن. أنا حسابي معك وحدك، وأريدك أنت أن تتعاقب، وسأنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر، كي أنظر إلى عينيك وأرى الندم يسودها عن فعلتك تلك، وعن خذلانك لتلك الثقة.

فحينها سأكون مرتاحة وهدأ قلبي من غليله. فأنا الآن أقولها بصراحة وبدون خجل: “نعم أحببتك أكثر من نفسي وكنت مستعدة أن أفعل أي شيء لإرضائك، وأشعر بحبك” حينها كنت غبية أما الآن فأنا لم أعد أحمل لك ولو حتى ذرة صغيرة من الحب، ولا حتى الكره لأني دفنت حبك بيدي وبدموعي وترحمت عليه داخل مقبرة قلبي، ولا يجوز لشيء مات ودفناه أن يحيا يوما.

أنا الآن أعيش حياتي مرتاحة لأني لم أظلم معي شخصا، فأنا كنت واضحة وضوح الشمس. فالآن أتمنى لك نوما هنيئا لأنك لم تع بعد ماذا فعلت؟ وما من ذنب اقترفت في حق شرف فتاة، لأنك عندما تفهم وتعي، صدقني ستتوقف بالنسبة إليك الحياة. لن تستطيع أن تنام بهناء، ولا حتى أن تساير حياتك وتعيش كما السابق. ولكن هذا غلطك وتستحق العقاب.

بقلم: عابرة

 

أضف تعليقك هنا