كنـا وكانـــوا!

من الذاكرة

قديما حيث كنا صغارا ضآلا، وكانت الحياة ضحلة هي الأخرى كنا نقف وننظر إلى الجانب الآخر، كنا ننتظر لنصعد إليه، أو ليهبط هو إلينا، لنقترب، فنكبر. أنت الآن هناك، وصرت تنظر إلى كل تلك الأماكن التي عبرتها، وقد وقفت بها، ولكنها الآن لم تعد لك. إنها الآن غريبة عنك، وصرت أنت غريبا عنها.

ثمة أشياء تنقصها، ربما أشخاص، كلمات. ربما نفسك التي مضت مع الزمان الذي مضى أحيانا أرى الماضي أكثر أمانا، حيثما كانوا هم كان الأمان، وحيث كانوا كنت أنت، ولكنهم لم يعودوا، وأنت الآن لم تعد كما كنت قبلا، ولكنك الآن واقفا في الجانب الآخر الذي كنت تنتظره، فكان الواقع ساخرا كاذبا حين صرنا أبعد عن حقيقتنا، وباتت المصالح تحكم كل شيء.

تغير الناس مع الزمن

والجميع قد تستهويه المظاهر، ولم تعد ترى صدقا في شيء، وهؤلاء ممن قد ادعوا الصدق لم يكونوا..، وصار الكذب يربح أكثر، فكان الصدق خاسرا منبوذا. والجميع يخشى الظلام، ولا أحد يكاد ينتظر الجانب المظلم كي يضيء، ولكن الظلام بيننا. إنه يسكننا.

لقد مضى الزمان بأناسه حتي إنك بالكاد تلمح طيفا من بقاياه، وتحاول أن تتشبث بتلك الشظايا، فيظل الماضي الأقرب إلى الصدق وسط حاضر يحمل كل الأكاذيب. إلى أن يأتي ذاك الزمان الذي يصبح ماضيه كاذبا هو الآخر وحاضره أكثر كذبا، ولكني لا أريد أن أصل إلى ذاك الزمان.

هل الماضي يعود؟

أما الآن، فأنا أريد العودة، عودة إلى تلك البقايا المشوشة في الذاكرة، إلي تلك الحياة الضحلة. العودة إلى الجانب الذي منه أقف كنت أقف لأنتظر، العودة من نفسي إلى نفسي، نفسي التي كانت حيث الأمان حيث المكان والزمان حيث كنا وكانوا.

 

أضف تعليقك هنا

إيمان فايد

طالبة بكلية طب طنطا .. وكاتبة مقال في اليوم السابع والجمهورية