مائة عام من الثانوية العامة

ليلة كئيبة

في ليلة حارة أخرج رأسه من شباك غرفته يتصبب عرقاً ينظر بكآبة لأسطح المنازل الخاوية ، السماء كانت صافيه لدرجة أن النجوم قد اصطفوا ربما لألتقاط الصور، أعدادهم لا تحصي قد زاحموا القمر ونزعوا عنه روعة ضياؤه، بمجرد أن أخرج رأسه تنفس هواءً ثقيلاً محملاً بكثير من الحنق والغضب والكآبة ، لا شيء يدعوا للتأمل الأمر أشبه بإلقاء نظرة لأرض الموتى.

أغلق الشباك وعاد إلي غرفته التي هي بنظره الأن أكثر حياة من الخارج ، وحين هم بالجلوس لاحظ ان يده بها بعض الاتربه من الشباك ، الأمر الذي لا يطيقه أبداً عليه أن يذهب للحمام في أخر الرواق حتي يغسل يده للمره العاشره هذا المساء ، كان هذا تعريف الملل بالنسبة لكاتبه المفضل (كافكا).

في طريق عودته لغرفته يصادف ورقة ملقاه علي الأرض كانت يده مبلله لكنه التقط الورقه علي أي حال، بيد مبلوله تفحص الورقه وصوت المروحه المزعج  التي لا فائدة ترجى منها في هذه الليلة الحاره جعله يشعر بالغثيان ، قرأ  أول سطر  بعدم إكتراث فالورقه عباره عن رساله قديمه من مدرسته لوالده لأنه تغيب لمده تجاوزت شهر عن الحضور ، وهو الأمر الذي لا يستدعي القلق فمن المعروف أن في هذه المرحله بالذات الجلوس في البيت أفضل من الذهاب للمدرسه لتحصل علي تركيز تام يساعدك لنيل أعلي الدرجات !

تدهور الادارة التعليمية

أمر غريب أشاطركم الرأي لكن الأغرب والذي استدعى إنتباهه هو توقيع مدير المدرسه علي الخطاب بنفسه ، كان أمر يدعوا للسخريه فباعتقاده هذا توقيع علي فشله في إدارة هذا المنظومة التعليميه فهو علي يقين ان المدير قد وقع على أكثر من مائة رساله كهذه في يوم واحد ،  برأيه توقيعه علي إستقالته كان سيكون ذا مغزى من توقيعه علي رسائل لا فائدة منها !

عاد إلي غرفته وعكس المتوقع لم يترك الورقه بمكانها فهو لا يريد ان يراها أحد  رغم عدم أهميتها في وقتها ولكن ربما الأن قد يتلقى اللوم وأخيرا وبعد عمر طويل ستجني خطابات مدير المدرسه ثمارها وسينال بعض التقريع الذي لا فائدة منه ، فتح الشباك بغضب وألقى بالورقه كمن يلقي بسِر في غياهب الصحراء .

ليلة اعلان النتائج

عاد إلي ملله الأول وأغرق تفكيره في الماضي متذكراً تلك الفتره من حياته أحس وكأنه كان سجين وأُطلق سراحه ، مجرد التفكير في فترة سجنه البائسه يجعله يشعر بالإختناق ، تساءل لماذا الان أتذكر تلك الذكريات البائسه؟ هل بسبب الورقه اللعينه؟ أم لأن الليله كئيبه أكثر من اللازم ؟، فتح جواله ليخرج نفسه من هذه الكآبة ثم ما أن لبث حتي فهم ما يجري حوله، كانت الأخبار تدور حول نتائج الثانويه العامه  التي تم الإعلان عنها في هذه الليله ، قطب حاجبيه و تصاعدت انفاسه بصعوبة وبسرعه إستوعب ما خطب هذه الليله الكئيبة ، الأمر أشبه بالظاهره التي تحدث كل عام كالخسوف والكسوف .

ليلة كئيبة من كل عام يتساقط فيها أحلام الشباب إلي الهاويه وينجو قليل منهم لبعض الوقت فقط ثم ما يلبثوا أن يجاوروا أصدقائهم في الهاويه أحس بالحنق والغضب من اجل الجميع ومن أجل نفسه .

قام بغضب متوجهاً إلى شباك غرفته مره اخرى وصاح بأعلى صوته وهو ينظر للورقه الملقاه في الظلام السحيق قدموا إستقالتكم أيها الأوغاد فنحن هنا مازلنا نعاني !

فيديو قال مائة عام من الثانوية العامة

أضف تعليقك هنا