مابين الصمت والبوح.

مرحلة الطفولة ومرحلة النضج

فتاة صغيرة مسندة ظهرها على ساق الشجرة، الأغصان تميل لتمنحها الظل، يتطاير شعرها في الهواء، تترقص الفراشات حولها، وتسمع أنغام العصافير، تنهض وتركض، ولا أحد يستطيع أن يوقف نشاطها وحماسها، هي والطبيعة في تناغم ونسجام تام.

بعد برهة من الزمن، أصبحت امرأة ناضجة. الشجرة قتلعوها من جذورها.ذهبت إلى الارض المنزوعة الجذور، بقيت ثابتة كشجرة وقدميها مغروسة بالأرض، بالقرب منها هوة عميقة، قطعت جذورها وزحفت إلى أن سقطت بالهوة السحيقة، كالأشجار نحن أقدامنا مغروسة بالأرض، أفواهنا مغلقة، لا نستطيع أن نَخْطُو إلى الحاضر، وندع الماضي ذكرى. لا نجرؤ أن نقول الحقيقة. رؤسنا تنحني إلى الأرض كالأغصان.

هل هناك سبب مقنع للبقاء بالصمت؟

لماذا لا نستطيع مواجهة الحقيقة؟ لماذا نرى العتمة ولا نرى النور؟
الأطفال ينتحبون، وينتفضون، ويقعون على الأرض أمام المارة. ولا يفكرون بماذا يقولون؟ أو ماذا سيقولون؟
عكسنا نحن نبقاء بصمت يثير الاشمئزاز ولا نستطيع أن نقبل أو نرفض نستسلام لصمت.! ذهبت في اليل إلى الحديقة، ولا ترى بقعة ضوء في سوادُ الليل وظُلْمَتُهُ. رمقة بالنظر هنا وهناك.

وقعت على الأرض وانتحبت، سمعت الذئاب عويلها، وشمت رائحتها، نهضت، رفعت جلجابها الملطخ بالتراب وركضت، والرمل يتناثر خلفها. سقطت على الأرض القاسية، وسط ساحة فارغة، تقبض أنفاسها قليلاً. الذئاب تقترب، نهضت مسرعة، إلى منزلها وأغلقت الأبواب، وأغلقت النوافذ، وبقيت وحيدة تواجه الصمت الأبدي ولا ترى النور.

تقرر أن لا تصمت يجبرونك على الصمت. لو أغلقنا أفواهنا سيكون الأمر على مايرام؟

الأزهار جميلة، ورقيقة، وصامتة، وهادئة، تقترب منها تغمرك براحتها الزاهية. وعند أهملها تواجه الموت بصمت وهدوء.

نقاوم، نصرخ، نواجه النهاية بصمت، ولا يجب علينا أن نستسلام إلى الإذعان.

أضف تعليقك هنا