هل تتذكر متى قرأت؟

بداية تعلمي للقراءة 

قد تستحق أن تسمى أغلى اللحظات تلك التي تأكدتَ فيها أنك قد أتقنت القراءة، وتمكنت من جمع حروف الكلمة الواحدة بتشكيل صحيح  مفهوم بلا تردد ولا تباطؤ. حينها انبعث نور العلم وانطلقت في اختياراتك في الحياة وأنت تعي كل ما يحدث حولك قادراً على التعامل مع العالم بلا مساعدة من الكبار.

الهوية الفكرية لكل منا لها مكونات وشخصيات ومصادر معلومات تنبني عليها، حتى الجاهل غير المثقف يتأثر بما يتوفر له في محيطٍ ضحل فضلا عن العالِم كثير التساؤل. كجيل نشأ في الثمانينات والتسعينات، وجاوز اليوم الثلاثين أو يكاد، أعتقد أننا نتشارك الكثير من الذكريات الثقافية على تعدد البلاد العربية واتساعها لأن الخيارات كانت محدودة ومعروفة، لذلك أردت استعراض جانب منها في رحلة قصيرة مع جمال زمن، ولكل زمن جماله.

في صغري كنت أتذكر جيداً كيف تمنيت إجادة القراءة لأتمكن من فهم ما يدور حولي، وأتأمل لوحات الشوارع والمحلات التجارية بنهم ولهفة عارمة أثناء مشاويرنا مع والدي بالسيارة، ولازلت أحتفظ بهذه العادة حيث لا أترك مكتوباً في مكان عام إلا وأراجعه بعين المدقق لدرجة أني صرت أحفظ الإعلانات سريعاً، وأتصيد هذه الأيام كوارث لغوية مدمرة على لوحات حديثة مضيئة.

في التهام الكلمات لذة شديدة

تمتعت بنباهة وفهم سريع جيدين وكنت أصل للأجابة عن الأسئلة والألغاز في وقت جيد، كان في التهامي للكلمات حال تعلمي لها لذة شديدة، كنت كمن وقع على كنز فيه أنواع الجواهر عندما فُتح لي شيء من آفاق العلم بإتقان القراءة، فتحت عيني على مجموعة صحف ومجلات من المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق كصحيفة الشرق الأوسط بتنوعها الثري ومجلة المجلة بتقاريرها المتميزة وغيرها من المطبوعات بالإضافة لصحيفتي عكاظ والمدينة.

القراءة في مواضيع ومجلات متنوعة 

كنت أقرأ الخبر عدد مرات تكراره في كل صحيفة ثم ما لبثت أن تحولت إلى طريقة جديدة في قراءة الصحف اليومية، وهي من الآخر للأول، أي من آخر صفحة أبدأ وأنتهي بأول الصفحات، لأني وجدت مقالات كبار الكتاب وقصصهم الواقعة في آخر الصفحات تستهويني، وتجتذبتي الأحداث  الطريفة وأخبار الاختراعات، ووجدتني كذلك اعتدت على تحليل وفهم الأعمال الفنية والقصائد  والنثر الذي يُنشر هنا و هناك.

لم أجد في الشعر النبطي بكل أنواعه ضالتي وعبثاً حاولت تذوقه، ليس تقليلاً لأن المشكلة كانت مني حيث لم أستسغ الطريقة التي كان الشعراء يلقون فيها قصائدهم حتى فهمت واستوعبت جمال ذلك الشعر أكثر، في تلك الأثناء. كذلك عشت مع أبطالي الخارقين في مجلتي باسم وماجد، وكنت أتحرى مجلات ديزني المترجمة للهجة المصرية التي كانت تصل بلا موعد ثابت إلى بعض المكتبات، وعند بلوغي المراهقة حافظت على شغفي ذلك وأضفت له مجلات ألعاب الڤيديو التي كانت تُعنى بتحديث ألعاب البلاستيشن1 ونينتندو و غيره مما ظهر وخبى من الأجهزة.

ومابين كل يوم وآخر كانت هناك مجلة جديدة تقدم بمستوى مهني محترف. مرت فترات لم أكن أقرأ فيها كما يجب وكان تذمري من كل شيء في سن معين يبعدني عن الكتب والصحف، لكن جوهر الأمر الشغف المستمر وحب التعلم اللامنقطع على اختلاف الوسائل.

فيديو مقال هل تتذكر متى قرأت؟

أضف تعليقك هنا