الأنواع الغازية

منذ قديم الأزل والإنسان لا يكتفي بالبقاء في بيئته بل ينتقل لأماكن جديدة للاستكشاف، للبحث عن مصادر حياته، أو/ و للسياحة. خلال تلك التنقلات يجلب الإنسان معه كائنات حية أخرى بشكل متعمد أو عفوي مؤديا للغزو الحيوي. الغزو الحيوي هو انتقال كائنات حية إلى بيئات جديدة لم تكن موجودة فيها من قبل مسببة أضرارا لصحة الانسان، أمنه الغذائي، اقتصاده، وكذا للأنظمة الحيوية. يطلق على تلك الكائنات الحية الغريبة المدخلة بالأنواع الغازية. سهولة الانتقال بين الدول سواء للتبادل التجاري، للعمل، للسياحة، أو لغيرها يزيد من مشكلة الغزو الحيوي.

النوع الأصيل، النوع المدخل، والنوع الغازي

النوع الأصيل لمنطقة ما: هو النوع الموجود في تلك المنطقة منذ سنين طويلة وهناك توازن بينه وبين مكونات النظام الحيوي الحية والغير حية، كما أنه ينتقل من منطقة لأخرى بدون مساعدة الإنسان.
يدخل الإنسان الكائنات الحية الغريبة: بشكل متعمد وذلك عند ادخاله بذور أو أجزاء نباتية لزراعتها بقصد الزينة أو الإنتاج الزراعي، أو بشكل عفوي وذلك عند تعلق أحد الكائنات بوسائل النقل مثل السفن والطائرات، بحذائه، أو بأي من أدواته، أيضا عند إزالته للحواجز الطبيعية مثل شق الطرق وحفر القنوات.

النوع المدخل لمنطقة ما

هو نوع غريب عن تلك المنطقة، تم إدخاله بمساعدة الإنسان. لا تتحول كل الأنواع المدخلة لأنواع غازية. النوع المدخل قد يتحول لنوع غازي إذا كان يمتلك لخصائص معينة تمكنه من منافسة النوع الأصيل.

النوع الغازي:

هو نوع غريب تم إدخاله لمنطقة جديدة بمساعدة الإنسان. يمتلك النوع الغازي لخصائص تساعده على التأثير على النوع الأصيل أو المنافسة معه على مصادر الحياة، مؤديا لأضرار عديدة.
مراحل تحول النوع المدخل لنوع غازي: ليتحول النوع المدخل لغازي يجب أن يمر بثلاث مراحل: إدخال بمساعدة الإنسان بقصد أو بدون قصد، تأسيس نفسه وذلك بمنافسة النوع الأصيل على مصادر حياته، ثم انتشار وذلك بانتقاله من مكان إدخاله لأماكن محيطة.

أضرار الأنواع الغازية

تتنافس الأنواع الغازية بقوة تنافسية عالية مع الأنواع الأصيلة للمنطقة المغزاة على مصادر حياتها، كما قد تنقل ممرضات للإنسان أو للكائنات الحية الأخرى. تفتقر الأنواع الأصيلة في المنطقة المغزاة لوسائل الدفاع عن نفسها ضد الأنواع الغازية. يؤثر ذلك سلبا على صحة الإنسان، وعلى تكاثر، وفرة، وانتشار الكائنات الحية النباتية والحيوانية، مما يؤدي لانقراض تلك الكائنات والكائنات الموجودة في تبادل منفعة معها وفقد التنوع الحيوي وبالتالي تهديد مصادر غذاء وحياة الانسان. كذلك تؤثر الأنواع الغازية على النشاطات مثل النقل، الصيد، السياحة، الامداد بمياه الشرب والكهرباء.

أقلمة النوع الأصيل وانقراضه

يظهر النوع الأصيل استجابة تأقلمية للغزو تتضمن كل ما يساعده على البقاء في المنطقة المغزاة. قد تحد قدرة الأنواع الأصيلة من قدرة الأنواع المدخلة على التحول لأنواع غازية، أو قد تتعايش معها، أو قد تنقرض اذا لم تتأقلم على عملية الغزو. أيضا قد تؤدي الأنواع الغازية لانقراض وظيفي بمعنى أنها تقلل من تعداد الأنواع الأصيلة لدرجة لا يكون لها دور في مجتمعها.

الأسس الوراثية للتنبؤ بنجاح الغزو

الأسس الوراثية للتنبؤ بنجاح النوع المدخل في التحول لنوع غازي تشمل الجرف الجيني وتأثير حجم العشيرة، الطفو الجيني، والانتخاب الطبيعي والأقلمة. يؤثر عدد الأفراد المدخلة وعدد الادخالات على التنوع الوراثي للنوع المدخل بطريقتين: قلة التنوع الوراثي أو زيادته. تعزي قلة التنوع الوراثي للنوع المدخل في المنطقة المغزاة عن منطقة أصله كنتيجة لحدوث إدخال واحد أو أكثر من ادخال يحوي نسبة بسيطة من التركيب الوراثي لمنطقة أصلها.

أما زيادة التنوع الوراثي فتعزي اما لحدوث ادخال واحد أو ادخالات عديدة منفصلة تحوي أفراد مختلفة التركيب الوراثي وبالتالي يكون التنوع الوراثي للنوع المدخل في المنطقة المغزاة قريب من تنوعه الوراثي في منطقة أصله. أيضا قد يحدث زيادة للتنوع الوراثي للنوع المدخل عند حدوث الغزو الحيوي كنتيجة لتوسع مجاور كإزالة حاجز طبيعي، في تلك الحالة يكون التنوع الوراثي للأعداد المدخلة في المنطقة المغزاة مشابها لتنوعه في منطقة أصله.

مفارقات الغزو البيولوجي

بالرغم من قلة التنوع الوراثي للأنواع المدخلة فإن كثير منها نجحت في التحول لأنواع غازية ولذا ينظر لنجاح الغزو البيولوجي كمفارقة وراثية. ربما يرجع ذلك للارتباط الواضح بين العدد الكبير للأفراد المدخلة وعدد الادخالات واحتمالية تحول النوع المدخل لغازي: الكثير من الأنواع الغازية ليست قليلة التنوع الوراثي كما هو متوقع.

هناك مفارقة أخرى فبالرغم من أن النوع الغازي يواجه بيئة جديدة عند ادخاله، كما أن النوع الأصيل يكون متأقلما محليا على بيئته إلا أن النوع الغازي ينافس النوع الأصيل ويتغلب عليه. ربما يرجع ذلك التنافس العالي للنوع الغازي لمناسبة البيئة لحياته وغياب أعداؤه الحيوية. كما أن أقلمة النوع الأصيل ربما تكون ضد الظروف البيئية السيئة.

ماذا يجب علينا أن نفعل لتجنب أخطار الأنواع الغازية؟

– من الضروري تفعيل ووضع اتفاقيات دولية تهدف للتعاون بين الدول لحماية النباتات والحيوانات.
– توعية الأفراد، والمؤسسات المختلفة بخطورة الأنواع الغازية.
– التعامل بحرص مع أي كائنات حية، مثلا لا يجب علينا أن نتخلص من أي كائن حي كالنباتات، الأسماك، الحيوانات الأليفة وغيرها بإلقائها في الطبيعة.
– عند نقلنا لكائن حي من بلد لآخر أو من منطقة لأخرى داخل نفس البلد علينا بالتأكد من أن ذلك الكائن الحي غير مدرج ضمن قائمة الأنواع الغازية، كما يجب علينا التأكد من خلوه من أي أمراض.
– التخلص من أي حشائش أو نباتات غريبة تظهر في حقولنا، حدائقنا أو أي مكان آخر.

المصدر

للمراجع أنظر:
Rabab A.A. El-Mergawy. (2018). Invasive species (Short ebook).Kindle Direct Publishing, KDP. ASN: B07DC95T7X .

فيديو مقال الأنواع الغازية

أضف تعليقك هنا

د. رباب المرجاوي

د. رباب ع.ع. المرجاوي