الإمام السيد أحمد بن السيد إبراهيم القاسمي الرضوي يستولي على ملك أشراف مكة الهواشم

بقلم: السيد مبارك الرفاعي

الملوك والتاريخ

منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، واصطفى عبده نبي الله آدم عليه الصلاة والسلام ليكون خليفته في الأرض، وثم رزقه الله تعالى بذرية من لدن ابنه النبي نوح عليه الصلاة والسلام وانتشروا في الأرض شمالا وجنوبا وشرقا وغربا؛ صارت لتلك الذرية دولة ذات ملك وسيادة على تلك النواحي من الأرض التي أقاموا فيها، وسلطة وسياسة وخصوصية لتلك الأسر، بالغلبة كانت أو بالاختيار والمشورة (الشورى).

ثم تدور تلك السنين هنية مرية حتى يستولي أحد سواء من الذين ينتمون أو لا ينتمون إلى العوائل الملكية على السلطة والملك (ويكون سبب الاستيلاء على الملك إما ظلم الحاكم أو بغاء وطمع المستولي على السلطة وإما اختلاف دين وعقيدة الحاكم أو غير ذلك)، فإما يخرجهم من السلطة والملك الذي هم فيه وإلا ينتقمون منه ويقضون عليه حتى يصبح خبر كان ويعود لهم ملكهم. وتلك سنة الله في الأرض سبحانه وتعالى.

نستعرض معكم رجلاً من السادة الأشراف أئمة الدين والمسلمين ومن أجل وأنبل العباد في ذاك الزمان استولى على ملك وسلطان أحد أشراف الحجاز في شبه الجزيرة العربية. من هو هذا السيد الإمام؟ ومن هذا الشريف الذي حكم الحجاز واستولى على سلطانه؟ وما السبب والدافع الذي جعل الإمام يستولي على ملك الشريف؟ وهل هناك قرابة بينهم أم لا؟

من هو السيد الشريف الإمام أحمد بن السيد إبراهيم القاسمي الرضوي؟

هو السيد الشريف الإمام أحمد بن السيد إبراهيم بن السيد محمود أبو الماجد بن الإمام القاسم فارس وسيد العرب بن الإمام إدريس بن الإمام جعفر الزكي بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد عليهم السلام القاسمي الرضوي الحسيني العلوي الهاشمي القرشي العدناني المدني الحجازي ثم العراقي السامرائي النظامي الشافعي. ينتسب من جهة الآباء إلى سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه و آله وسلم من أهل البيت (بني هاشم) من السادة الأشراف القواسم الرضويين الحسنيين الهاشميين. الملقب بالشريف العلوي وابن الرضا وابن أبو الماجد وشمس الخلافة والداعي لأمر الله، ويكنى بأبي الحسين.

ولد بالمدينة المنورة بالحجاز، نشأ فيها بمشربة أم إبراهيم بالبادية، وبعد وفاة أبيه السيد إبراهيم رحمه الله وعليه السلام انتقل إلى بلاد العراق في مدينة سامراء وتعلم المذهب الشافعي بالمدرسة النظامية ببغداد ثم أصبح أحد أئمتها بل وأصبح من أئمة أهل السنة والجماعة.

استيلاؤه على حكم الأشراف الهواشم بالحجاز:

في عام ٥١٥ ه عاصر الإمام الشريف العلوي السيد أحمد عليه السلام زمان شريف مكة المكرمة الأمير القاسم بن محمد أبي هاشم بن جعفر الحسني رحمه الله، وقد كان الشريف القاسم بن محمد أبي هاشم بن جعفر بن محمد أبي هاشم بن عبدالله بن أبي هاشم الأكبر محمد بن الحسين بن محمد الثائر بن موسى الثاني بن عبدالله الشيخ الصالح بن موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الإمام أمير المؤمنين الحسن السبط الشهيد بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. (يلتقي نسبه بالإمام السيد الشريف العلوي عند الإمام علي المرتضى بن أبي طالب رضي الله عنه).

وكان الأمير شريف مكة ظالما جبارا ورث الظلم عن أبيه شريف مكة السابق محمد أبي هاشم سامحهما الله تعالى وغفر لهما؛ ومن قصص ظلمه ما ذكره الشريف الفاسي في كتابه: وذكره النّويرىّ فى تاريخه، فى أخبار سنة اثنتي عشرة وخمسمائة: أن أبا محمد قاسم بن أبى هاشم أمير مكة، عمر مراكب حربية، وشحنها بالمقاتلة، وسيرهم إلى عيذاب، فنهبوا مراكب التجار، وقتلوا جماعة منهم، فحضر من سلم من التجار إلى باب الأفضل، يعني ابن أمير الجيوش وزير الديار المصرية، وشكوا ما أخذ منهم، وأمر بعمارة حراريق ليجهزها، ومنع الناس أن يحجوا فى سنة أربع عشرة، وقطع الميرة عن الحجاز، فغلت الأسعار، وكان الأفضل قد كتب إلى الأشراف بمكة، يلومهم على فعل صاحبهم، وضمن كتبه التهديد والوعيد، وضاقوا بذلك ذرعا ولاموا صاحبهم، فكتب الشريف إلى الأفضل يعتذر، والتزم برد المال إلى أربابه، ومن قتل من التجار رد ماله لورثته، وأعاد الأموال فى سنة خمس عشرة (أي ٥١٥ ه).

انتهى كلامه؛ ولهذا السبب عندما نزل السيد الإمام الشريف العلوي الداعي إلى بلاد الحرمين الشريفين استولى على مكة المكرمة وتم له ذلك بعد أن قويت شوكته وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فولاه الناس بالشرافة والخلافة وبالإمامة، وذلك في غياب الشريف القاسم بن أبي هاشم، ثم علم القاسم بأمره فأجهز له جيشا عظيما عند عودته لمكة بعد عدة سنوات، واستعادها من يديه، وقضى على جمعه، ثم طرده ونفاه خارج الحجاز إلى البحرين ومنها عاد إلى العراق بسامراء.

ذكره ابن الأثير في 《الكامل》 وكذلك الشريف الفاسي في كتابه:《العقد الثمين》 أن فى سنة خمس عشرة وخمسمائة هجرية ٥١٥، ظهر بمكة إنسان علوي، واسمه أحمد بن إبراهيم بن محمود بن الرضا، وأمر بالمعروف، فكثر جمعه، ونازع أمير مكة ابن أبي هاشم، فقوى أمره وعزم على أن يخطب لنفسه، فعاد ابن أبي هاشم، وظفر به ونفاه عن الحجاز إلى البحرين، وكان هذا العلوي من فقهاء النظامية ببغداد العراق.

نسبه الشريف

هو: الإمام الشريف (أبو الحسين- شمس الخلافة – الداعي لأمر الله – ابن الرضا – ابن أبو الماجد – الشريف العلوي) أحمد بن السيد إبراهيم بن السيد محمود أبو الماجد بن الإمام القاسم فارس العرب بن الإمام إدريس الشهيد بن الإمام جعفر الزكي بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد زين العابدين بن الإمام الحسين السبط الشهيد بن الإمام أمير المؤمنين علي المرتضى بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ويرتقى النسب إلى النبي إسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.

وأم الإمام الحسين بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما هي: سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ويرتقى النسب إلى النبي إسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.

عقبه

أعقب من ولد واحد فقط واسمه السيد رحمة (ويسمى أيضا بجعفر)، وقد هاجرت ذريته عليهم سلام الله عام ٦٥٨ه بسبب اجتياح المغول للعراق والقضاء على الخلافة العباسية الإسلامية، ومع أن ذريته هؤلاء قد بذلوا مجهودا عظيما في الدفاع عن الإسلام والمسلمين إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، وانصرفوا مهاجرين إنقاذا لأنفسهم من خطر المغول والرافضة إلى حضرموت باليمن.

وذريته هم السادة الأشراف آل بامالك القواسم الرضوية أبناء السيد تاج الملوك وجلال الدين والعترة الطاهرة عز العرب مالك بن السيد إدريس بن السيد مالك بن أحمد بن السيد يعيش (ويسمى أيضا بيعلى) بن السيد رحمة رحمهم الله القاسمي الرضوي الحسيني الهاشمي القرشي. والسادة آل بامالك بحضرموت اليمن ومنهم بالمملكة العربية السعودية وهم على مذهب أهل السنة والجماعة مذهب الآباء والأجداد. توفي في القرن السادس رحمه الله تعالى وعليه السلام في مدينة سامراء بالعراق.

بقلم: السيد مبارك الرفاعي

 

أضف تعليقك هنا