الاستدلال على الله في فلسفة الكندي

بقلم: هادي المهدي

تعريف موجز بالكندي

كتب الفيلسوف  يعقوب بن إسحاق الكندي رسائل للخليفة المعتصم أظهر فيها فلسفته الخاصة ذات الصبغة الإسلامية المعتزلية وسعى الكندي في معظم هذه الرسائل إلى إثبات وجود الله بطريقة فلسفية بعيدا عن النصوصية الدينية التي لا تقبل من كثير ممن هم غير مؤمنين بالله وبالتالي بالاديان ونصوصها المقدسة.

يؤكد الكندي على أن الفلسفة هي أشرف العلوم وأن الفلسفات المتعددة أشرفها أيضا فلسفة علم الحق الأول أي علم الاستدلال على وجود الله ويعلل ذلك بأن كل علم شرفه من شرف موضوعه فإن كان العلم موضوعه الله رب العالمين فهو أشرف العلوم حسب ما يرى الكندي.

أسلوب الكندي في الاستدلال

سنعرض في هذه المساحة الضيقة جانبا بسيطا من استنتاجات الكندي وطرقه في الاستدلال، وللقارئ الحق في الحكم عليها. يعمد الكندي في أسلوبه الاستدلالي إلى الأسلوب الرياضي الذي يقوم على وضع فرض ثم محاولة إثبات هذا الفرض غير أنه يؤكد على أن إثبات الفرض الرياضي إثبات برهاني على خلاف الفرض الفلسفي فهو يثبت عقليا.

يفرض الكندي أن الله عظيم ثم ينتقل ليتساءل عن معنى العظيم فيقول بأن هناك فارق بين العظيم مرسلا والعظيم مضافا، بمعنى أن العظيم مضافا تعني أنه صار عظيما بالإضافة إلى غيره أي بالمقارنة بغيره وهو هنا صار أعظم بمعنى أصح، وطالما أنه صار أعظم إذاً هناك من هو أعظم منه حتى نصل إلى الأعظم الذي هو العظيم مرسلا والذي لا يستمد عظمته من كونه أعظم من أحد فهو كان عظيما قبل وجود الشيء أصلا فعظمته ليست قياسا إلى صغر غيره.

ثم يتساءل الكندي هل الله عارض أم ذاتي؟ إن الشاي يكون حلوا ليس لأن الشاي نفسه حلو أو الماء، بل لأن به السكر وبالتالي فإن الشاي حلو عرضا أما السكر فهو حلو بالذات هو من خصائصه أنه حلو. وبالتالي فإن الله ذاتي القدرة لأنه لا يقبل عارضا عليه لأنه إذا كانت الوحدة في الأشياء ليست ذاتية بل بالعرض، وإذا كانت الأشياء هي القابلة للوحدة فلابد لذلك من وجود واحد حق هو الذي يفيد الوحدة لغيره، ولا يستفيدها من غيره.

افتراضات الكندي

يفترض الكندي أن الله بارئ والبارئ عنده تعني الفاعل الذي ليس بمفعول أبدا، يري الكندي أن كل فاعل هو منفعل أو مفعول، فلو أنك أطلقت سهما فاصاب دلوا به حجر فسقط على رأس رجل في الأسفل فقتله، الحجر قتل الرجل ، إذاً الحجر فاعل، لكن الدلو اسقط الحجر إذاً الحجر مفعول والدلو فاعل، لكن السهم قلب الدلو إذاً الدلو مفعول وليس فاعلا، وهكذا ستظل تسير إلى ما لا نهاية.

الفاعل الذي لا ينفعل هو الذي بدأ فعله قبل أن يكون اول منفعل قد كان وهذا معنى البارئ وهو الله جل وعلا. ممتعة هي فلسفة الكندي وبما أننا عرضنا شيئا منها، وبما أننا أمة العرب التي جلها مسلمون قد سلمت بوجود الله، فسأعرض كلمات للكندي لعلها تكون هادية لنا في طريقنا للتقدم بعد أن اهتدينا في طريقنا لله.

يقول الكندي: “اقتناء الحق شرف لطالبه وبالتالي لا ينبغي أن نستحي من استحسان الحق واقتناء الحق من أين أتى وإن أتى من الاجناس القاصية عنا والأمم المباينة لنا فإنه لا شيء اولى بطالب الحق من الحق، وليس ينبغي بخس الحق ولا التصغير بقائله “.

بقلم: هادي المهدي

 

أضف تعليقك هنا