الجزية وحرية الأديان

متى فرض الإسلام الجزية؟ ولماذا؟

لو فرضنا أن الدول الإسلامية قوية وفي عز قوتها، هل يجب عليهم محاربة الكفار وإجبارهم على دفع الجزية أو فتوحات إسلامية؟ بحثتُ عن موضوع (الجزية) لفترة طويلة جداً! ومن ضمن الأسئلة التي كانت تدور في بالي عن الجزية هو: كيف أن الإسلام دين التعايش ولا إكراه في الدين، لكن يفرض الجزية على غير المسلمين (المشركين)؟قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.

ذكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره بحرب الروم، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نـزولها غزوة تبوك. وبعدها الكثير من الفتوحات الاسلامية التي بفضلها انتشر الإسلام، وانتشرت اللغة العربية في أماكن كثيرة على الأرض.

الإسلام يحارب لإعلاء كلمة الله:

هل يعني هذا أن المسلم خلق ليحارب! خلق لإعلاء كلمة الله على الأرض. أيام الفتوحات الاسلامية، كانت الرسائل ترسل إلى ملوك الأرض “أسلموا أو الجزية أو الحرب”. لا يهم إن كان عدد الكفار أكثر أو هم الاقوى، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} أي تعدوا العدة التي تقدرون عليها، وليس شرطا أن تكون مكافئة لعدة العدو، فالمسلم دائماً رابح، إن قتلوا فهم شهداء، وإن انتصروا رفعوا كلمة الله. وكما نعرف عن معركة اليرموك، كانت قوات جيش المسلمين تعدّ 36 ألف مقاتل في حين كانت جيوش الروم تبلغ 240 ألف مقاتل. انتصر المسلمون في هذه الحرب. ويوم حنين، أنس بن مالك قال: “قال غلام منا من الأنصار يوم حنين: لم نغلب اليوم من قلة، فما هو إلاّ أن لقينا عدونا فانهزم القوم “. العدد والعُدَّة ليست مقياسا للنصر أو للهزيمة في الإسلام.

هل ظهرت الجزية قبل الإسلام؟

الجزية ظهرت قبل الإسلام، كانت الأمم السابقة تتعامل بالجزية، فكان الغالب يفرض الجزية على المغلوب. وهي موجودة في كل الأديان. جاء الإسلام وصحح مفهوم الجزية، وجعلها كعقد بين المسلمين والمشركين، وكانت الجزية ظالمة جداً. لكن الإسلام جعلها على القادرين عليها فقط، ليست على الطفل، ولا على المرأة، ولا على العاجز، وإنما على البالغ القادر مقابل حمايتهم والدفاع عنهم، وحرية ممارسة ديانتهم مهما كانت. هذا يعني أن الإسلام تكفل بحرية الأديان. وأيضاً الجزية تسقط عند ما تعجز الدولة المسلمة عن حماية المشركين الذين يقيمون تحت رعايتها.

أما: هل نحارب الدولة الكافرة (فتوحات إسلامية) ونفرض عليها الجزية كما حصل في الفتوحات الإسلامية؟ قد وضح هذه المسألة الشيخ/ الشعراوي- رحمة الله عليه- أن الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الأمة الإسلامية والمسلمين. أي دولة لا تسمح بممارسة الديانات وتفرض على الناس ديانة واحدة، يجب على المسلمين محاربتها وإزاحتها من طريق المسلمين. أما إذا أعطت الحرية للناس لاختيار ديانتهم فلا يحارب المسلمون هذه الدولة. مع أن القانون الأرضي السائد عالمياً منذ أن خلقت الارض لابد أن يكون هناك غالب ومغلوب. فإن صمت المسلمون لن يصمت المشركون. كما هو حاصل الآن، لم يدعونا وشأننا، بل يسيطرون علينا في كل شيء، ويتدخلون في أدق وأبسط الاشياء، وهذا ظلم! ظلم أن يظل المسلمون في حالة دفاع دائماً. يجب عليهم عند القدرة أن يفرضوا ما يريدون.

الإسلام هو دين التعايش العالمي الصالح لكل زمان ومكان:

وأيضاًهناك تعريف يقسم الدول الغير مسلمة(الكافرة) إلى قسمين دولة حرب ودولة سلم. ومعناه دولة الحرب التي لا نأمن جانبها، وتحارب من يعتنق الدين وهذه من تُحارب. أما الدولة الكافرة إذا لم تكن تشكل خطرا وبينها وبين دولة الاسلام مواثيق فلا تُحارب. فالرسول-صلى الله عليه وسلم- هادن يهود المدينه وهم علي دينهم.

هذا هو الإسلام الصالح لكل زمان ومكان. لا توجد مسألة تدور في عقلك عن الإسلام إلا ولها حل، الحل الذي يشفي الصدر، ويبعد الشك، ويقوي الإيمان، لكن يجب عليك البحث عن الإجابة بصدق وقراءة بدون استعجال، وبتمعن وفهم، وسوف تدرك يقيناً أن الإسلام هو دين التعايش العالمي.

فيديو مقال الجزية وحرية الأديان

أضف تعليقك هنا