الحياة تحتاج منّا طرح أسئلة جميلة

مقال: يونس الديدي

السؤال أداة للتواصل مع الذات والعالم

عندما نجعل من السؤال إطاراً للفهم فإننا نؤسس لنوعية الجواب الذي نروم الإجابة عنه، ﻷن طبيعة السؤال وصيغته تحدد نوعية الإجابة التي ستنتج عنه لاحقاً، هذه مسألة معروفة وأعتقد أنني لم أقل شيئا مثيرا للاهتمام، ولكن حينما ننتقي تلك اﻷسئلة الجميلة؛ فإننا نفتح مسارا مختلفا يعيد تموقعنا وجوديا أو إنسانيا أو معرفياً (ابستمولوجيا) حسب الغرض الذي ننشده من السؤال؛ فكلما طرحنا هذا النوع الجميل من اﻷسئلة، رسمنا عالما مليئا بالاكتشافات والتسامح، بل إن حدود الذات وهواجسها الدفينة نستشفها عبر هذه اﻷسئلة، فيصبح كل ما هو داخلنا جليا وواضحا حينها يصبح السؤال أداة للتواصل مع الذات والعالم بعدما كان وسيلة للفهم.

السؤال على سبيل الإيناس

إن إزالة البعد الواحد للسؤال وإخراجه من طابعه العلمي وجعله أسلوبا في الحياة أمر يستحق منا الانتباه، صحيح أننا لن نستطيع الانفصال عن الشكل التقليدي للسؤال وهو طلب المعرفة، لكننا نستطيع أن نعي أن للسؤال جانب إنساني يقوي فينا أواصر المحبة والتآخي، ويجعل الحياة أكثر سهولة يقول ربنا تبارك وتعالى مخاطباً موسى عليه السلام: “وما تلك بيمينك يا موسى” فقال موسى عليه السلام: “هي عصاي ” هل السؤال هنا يراد به معرفة ما يحمله موسى؟ تعالى الله علوا كبيرا ،إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس حتي يستأنس بهذا المقام.

وكذلك ،قوله صل الله عليه وسلم في فتح مكة «ما تظنون أني فاعل بكم؟» ففهم الطرف اﻵخر أن هذا السؤال مليء بالتسامح فكان الجواب «خيرًا أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ»، وعندما قال الشاعر الفرنسي ريكليه “من إذا صرخت سيسمعني؟” قولبة السؤال بهذا الشكل يجذبنا أكثر  إنه صراخ الذات في الخواء والفراغ وكأن ريكليه يقول ليس هناك مخرج، حتى الصراخ لا ينفع وكافكا حين يذهب أكثر من ذلك متسائلاً كيف أصبحت الشخص الذي أنا هو؟ هل أنا نفسي فعلا، أم صنع مني الآخرون بالأحرى الشخص الذي أنا هو؟.

من يصوغ الآخر؟

جمالية اﻷسئلة تساعدنا على التقدم أكثر نحو اﻷفق الذي نتطلع له وما جوستاين غادر طرحه في روايته عالم صوفي التي تصور حياة صوفي تبدو متوترة مع بداية الكتاب، ويبدأ ذلك بأن تجد رسالتين غامضتين في صندوق بريدها فيها (“من أنتِ؟”، و”من أين جاء العالم؟”) كل هذه اﻷسئلة الجميلة تعيد صياغتنا بعدما كنا نعتقد أننا نحن من يصوغها.

الخلاصة التي نسعى إليها هي أن السؤال ارتبط تاريخيا في أذهاننا بطلب المعرفة العلمية، ولكن هناك جانب إنساني في اﻷسئلة، يمكن أن نتلمسه عندما نقوم بصياغة أسئلة جميلة تتجاوز ما هو علمي صرف، وتنفتح على ما هو إنساني.

مقال: يونس الديدي

 

أضف تعليقك هنا