تاريخ حارات الجذامى بالمغرب -حارة أولاد سبيطة نموذجا-

من أعماق دكالة، سنحكي لكم حكاية قرية، قرية لها تاريخ عريق لها ميزة خاصة اسمها أولاد سبيطة، حيث كانت بها حارة خاصة بالمرضى المصابين بالجذام، وقبل الخوض في التفاصيل لا بد لنا أن تعرف أولا عن المكان.

تعريف بالقرية

أولاد سبيطة الذي تعد الآن جماعة قروية تابعة لإقليم سيدي بنور، توجد بالقرب من خميس الزمامرة واثنين الغربية، ذكرها العديد من الكتاب عند تحدثهم عن تاريخ دكالة، من بينهم أحمد بوشرب في كتاب بعنوان “دكالة والاستعمار البرتغالي إلى سنة إخلاء أسفي وأزمور”، حيث ذكر أنها كانت ممتدة من أزمور وسبيت شمالا إلى ضواحي مدينة الغربية جنوبا وتحدها بداية منطقة أولاد عمران الجنوبية شرقا، ويصل عدد سكانها إلى 24967 نسمة حسب إحصاء 2004، قيل في الكتاب السالف الذكر أن أصولهم عربية وهم قسمين:

سفياني وخلطي، وكانت حسب التقسيم القديم في بداية القرن 16 منتمية إلى القبائل الشرقية لدكالة، ولم تسلم هذه القبيلة التي كانت تحوي 60 دوارا من الاستعمار البرتغالي وكان ذلك سنة 1512م، وكان ذلك إحدى أسباب صدامها مع بعض القبائل المجاورة خاصة الغربية ومشنزاية وأولاد عمران.

حارة “الجذامى”

قبل التحدث عن حارة الجذامى بأولاد سبيطة، لابد لنا أن نعود لتاريخ هذا المرض الجلدي، حيث ذكر في كتاب” معلمة المغرب” أنه يعود دخول المرض في عهد الهجرات الفينيقية والقرطاجنية واليهودية والعربية حسب دراسات أجراها الفرنسيون، وكان يتم عزلهم كون أنه كان مرض معد يظهر على شكل أورام وتجعدات وحبات مختلفة الأحجام خاصة على الوجه ولقب ب”داء الأسد”، وكانوا يتخذون مكانا يسمى حارة، من بينها التي كانت توجد بأولاد سبيطة.

وكان قد مر بها الكاتب الفرنسي إدمون دوتي خلال رحلته، حيث جاء في كتابه “مراكش” أن هذه الحارة تتكون من عشرات النوايل، وهي عبارة عن بناء يقيمونه بقصبات طويلة مغروسة في الأرض على هيئة دائرة ويقوسونها ويشدونها إلى بعضها من أطرافها اللينة، وكان عدد الجذامى لا يتجاوز الأربعين شخصا، وكانوا ينتقبون ويضعون فوق رؤوسهم ما تسمى “الترازة”، وقيل في الكتاب أنها كانت الحارة الوحيدة التي كانت موجودة آنذاك في المغرب، وليس هذا فحسب بل حتى أنهم كان يتم دفنهم في زاوية منعزلة من المقبرة وتوارى جثتهم بدون غسل حسب “معلمة المغرب.

علاج الجذام

وكانت هناك العديد من الحارات الخاصة بمرضى الجذام خاصة بفاس ودكالة، ولغرض العلاج كانوا يقصدون الأولياء لطلب الشفاء خاصة ضريح أبي عباس السبتي بمراكش لرفع شكواهم وكانوا يعتبرونه شيخهم، لدرجة أن أطلق عليهم العامة اسم “أولاد سيدي بلعباس”، وكانوا يرتدون أيضا ضريح سيدي مبارك بوكدرة بأسفي وبومهدي الغوتي بدكالة، وكانوا الجذامى يستعملون أيضا وصفات للعلاج التي كانت مذكورة عند كل من السيوطي في كتاب الرحمة، والأنطاكي في تذكرة أولي الألباب، وهي طبخ الحرمل وأغصانه وأصله وأوراقه وما يوجد منه بماء نظيف ويجعل على رأس المريض.

هناك وصفات علاجية أخرى كانت تستعمل في علاج الجذام قديما حسب كتاب “معلمة المغرب” كاستعمال دم السحالق، وطبيخ أوراق الدفلة، ونقيع العشبة الرومية، إضافة إلى أكل لحم الضفادع، وبخصوص العشبة الرومية فقد استعملها الطب الفرنسي إبان فترة الحماية وأثبتت فعاليتها، حيث يقتضي على المريض أن يداومها لمدة تتراوح بين 20 و40 يوما، لتصبح قصة معاناة المغاربة مع الداء مجرد حكاية تروى.

فيديو مقال تاريخ حارات الجذامى بالمغرب -حارة أولاد سبيطة نموذجا-

أضف تعليقك هنا