سؤال النّجاح عند الشياب من خلال مساق على درب نجاحك معهد القضاء المدني نموذجا

الأسئلة المرتبطة بالنجاح

يطرح سؤال النّجاح بحدّة (acuité)  عند الشباب في بداية الحياة العمليّة كما في نهايتها، فالشّاب يسأل حول المستقبل، هل سأنجح في حياتي؟ (vais-je réussir ma vie?)  وهل سأنجح في ميداني المهني؟ (?  vais-je avoir de la réussite dans le domaine professionnel)

وهل سأنال نجاحا في الحبّ ؟ ( vais-je avoir du succès en amour?) وبصفة عامّة هل أستطيع إدراك السّعادة؟ ( vais-je atteindre le bonheur?). أمّا الكهل الذي شقّ طريقه في الحياة المهنيّة فإنّ الصّيغة الصّرفيّة لهذا الفعل تعود إلى الماضي، فيصبح السّؤال: ماذا فعلت في حياتي؟ وما هي  إنجازاتي؟ وهل كنت على موعد مع النّجاح؟

يعتبر (Graves)  أنّ القيم الأساسيّة للكائن البشري سواء على مستوى فردي أو جماعي تتطوّر بطريقة حلزونيّة عن طريق مستويات الوعي أو مراحل التطوّر. ويمثّل كلّ مستوى وجهة نظر يفهم من خلالها العالم الحقيقي.

سؤال النّجاح يتكثّف حضوره

ويتواصل مع الإنسان في كلّ الأوساط والمجالات التي يقتحمها. النّجاح مقترن بمدى توفير النّجاعة والمنفعة ولذلك لا ينفكّ أي عامل- بالسّاعد أو بالفكر- يبحث عن سبل النّجاح ويجهد نفسه في تحصيله. والإجابة  عن هذا السّؤال عادة ما تنجذب إلى طرفين إمّا الإيجاب أو السّلب، فإن كانت الإجابة عن سؤال النّجاح بالإيجاب فإنّ في ذلك متعة  ممزوجة بدافعيّة ورغبة جامحة في المزيد منه وتزداد طاقة الإنسان تركيزا، أمّا إذا كانت الإجابة بالسّلب فإنّه يتعزّز الشّعور بالإحباط وتتأكّد السّلبيات متتالية في المشاعر والأحاسيس تجعل من الأنا ذاتا سلبيّة لا تستحقّ النّجاح ولا تستطيع أن تنجزه.

وإذا كانت الدّيانات في جوهرها تؤسّس النّجاح للإنسان وهي مشحونة في نصوصها بكتل من الدّافعيّة والتّفاؤل والأمل، فإنّ الدّراسات التي اهتمّت بالإنسان وبطاقته على الارتقاء والإبداع وقدرته على صنع ذاته ومصيرها سارت في نفس مسار الدّيانات، وجعلت من مشاريع بحوثها ومخابرها تنمية الذّات البشريّة هدفا لها.

دوافع الإنجاز

إذ تؤكّد على قدرة الإنسان على النّجاح إذا أراد ذلك، لأنّ الرّغبة في النّجاح تؤسّسها دوافع و”كلمة دافع التي هي بالإنجليزيّة (Motivation) جاء مصدرها من الكلمة اللّاتينيّة (ماتيري Matere) ومعناها يتحرّك، ويعرّف قاموس (Webster) كلمة الدّوافع بأنّها الشيء الذي يدفع الإنسان للتصرّف أو الحركة. ولو قمنا بتحليل كلمة (Motivation) نجد أنّها مركّبة من كلمتين (Motive + action) تعني التصرّف النّاتج عن دافع”([1]) وبذلك تكون الرّغبة هي البذرة الأولى للنّجاح والدّوافع أنواع منها دافع البقاء الذي يجبر الإنسان على اختيار حاجاته الأساسيّة مثل الطّعام والماء والهواء، والدّوافع الخارجيّة التي تتلاشى بسرعة مثل كتاب أو شخص أو برنامج.

والملاحظ أنّ من النّاس من يعتمد هذه الدّوافع، فهو يسعى بصفة متواصلة إلى البحث عن تقدير الآخرين من أفراد العائلة إلى الأصدقاء وغيرهم، إذ يشعرون دائما بالحاجة إلى مرضاة الآخرين، ويريدون أن ينظر إليهم النّاس نظرة احترام حتّى يتمّكّنوا من تقدير أنفسهم، فقد يتصرّفون تصرّفات لا تتطابق مع رغباتهم، ويقومون بأشياء لا تكون بالضّرورة مناسبة لما يطمحون إليه. وقد قال الكاتب الأمريكي، بنيامين فرانكلين: “نظرات الآخرين لنا هي التي تهدّمنا ولو كان كلّ من حولي من العميان ما عدا أنا لما احتجت لثياب أنيقة ولا لمسكن جميل ولا لأثاث فاخر”، كما قال عالم النّفس  وليام جيمس:” لو انتظرت تقدير الآخرين لواجهت خداعا كبيرا”، وقال مارك توين: “يمكنك الانتظار متمنّيا حدوث شيء ما يجعلك تشعر بالرّضا تجاه نفسك وعملك، ولكن يمكنك أن تضمن السّعادة إذا أعطيتها لنفسك”([2])

أمّا النّوع الثّالث من الدّوافع فهو الدّوافع الدّاخليّة التي تعتبر السّبب الأقوى في أن يقوم الشخص العادي بعمل أشياء أعلى من المستوى العادي، ويحصل على نتائج عظيمة “وهي القوى الكامنة وراء نجاح الإنسان. وهي التي تدفعك إلى أن تزرع الزّهور بنفسك بدلا من أن تنتظر أحدا يقوم بتقديمها لك. فالدّوافع الدّاخليّة هي النّور الذي يشعّ من أنفسنا، هي المارد النّائم بداخلنا في انتظار أن نوقظه”([3]) قال رالف والدوامرسون:” ما يوجد أمامنا و ما يوجد خلفنا يعتبر ضئيلا جدّا بالمقارنة بما يوجد بداخلنا”.

طاقة تفعيل الدوافع

وحتّى تتفعّل الدّوافع لابدّ من توفّر الطّاقة اللّازمة التي تمثّل وقود الحياة فقد قيل: “الرّجل الحكيم هو الذي يعتبر أنّ الصحّة هي أعظم نعمة للإنسان”(أبقراط )  وقيل: “العقل السّليم في الجسم السّليم”. ولذلك يعتبر لنظام الأكل والشّرب والتنفّس دور أساسي في النّجاح إذ هذه الأنظمة كلّما كانت سليمة ساهمت في توليد الطّاقة وبالتّالي القدرة على النّجاح، غيّر أنّ بعض السّلوكات تدخل على هذه الأنظمة فتفسدها وتهدر ما ينتظر من وراءها من طاقة ومن أهمّها سوء الهضم، والقلق، والإجهاد وبالحصول على الطّاقة القصوى سيستمرّ الإنسان في الطّريق إلى النّجاح والسّعادة.


[1] – الفقي إبراهيم ، المفاتيح العشرة للنّجاح ، المركز الكندي للتّنمية البشريّة، كندا 2000 ، ص 28.

[2] – المصدر نفسه، ص 34- 35

[3] – المصدر نفسه، 39

فيديو مقال سؤال النّجاح عند الشياب من خلال مساق على درب نجاحك معهد القضاء المدني نموذجا

أضف تعليقك هنا