لمحة حول مسطرة الإنقاذ التي جاء بها قانون رقم 73/17 الجديد المتعلق بقانون صعوبات المقاولة

الوضع القانوني السابق للمقاولات

في ضوء التحديات الاقتصادية التي عرفها المغرب خلال فترة الحماية، والتي كان من بين آثارها صدور تشريعات أساسية في ميادين عدة مرتبطة بالحياة الاقتصادية والمالية. وسعيا وراء الحفاظ على استمرارية اشتغال المقاولات وباعتبار أن لها ثقلها الاقتصادي في البلاد وعلى مناصب الشعل الموجودة بها. بالموازاة مع عملية إبرام ذمتها من الديون المترتبة عليها. أمور فرضت على المشرع المغربي هجر نظام الإفلاس الذي كان يتسم يطابع عقابي قاسٍ الذي كان معمولا به في ظل قانون التجارة لسنة 1913 الملغى.

الحاجة للتغيير

حيث إن المدين المتوقف عن أداء ديونه عند حلول استحقاقها كان يتعرض إلى تصفية أصله التجاري وبالتالي إفلاس المقاولة. فكان يشكل عقبة في سبيل استقرار المعاملات التجارية عوض البحث عن التدابير الكفيلة، ومد يد العون لاجتياز الوضعية الصعبة التي تمر منها. كما يضر خزينة الدولة فانتهاء المقاولة يعني عدم دفع الضرائب وبالتالي تساهم في نقص سيولة خزينة الدولة. ونتيجة الوعي يعدم بمواكبة قانون 1913 للتضرر الذي ما فتئ يعرفه القطاع التجاري في المغرب تم التفكير في السنوات الأخيرة في تغييره وإحلال محله نطام الإجراءات الجماعية.

يكون هاجسه الوحيد ضمان بقاء المقاولة مع مراعاة المصالح المرتبطة التي جاء بها هذا القانون. حيث شمل اهتمامه على جوانب اقتصادية واجتماعية. إلا أنه تعرض بدوره للعديد من الانتقادات بسبب ظهور بعض العيوب ومظاهر القصور التي استحقت التعديل. وهو ما جاء به القانون الجديد رقم 73/17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة الصادر بتاريخ 19 أبريل 2018. ومن خلال استقرائنا لمضامين هذا القانون لاحظنا أن المشرع المغربي حاول تطبيق ما أتى به من حلول كل من الاجتهاد القضائي وكذا المهنيين أصحاب التجربة.

ظهور مسطرة الإنقاذ

وكنتيجة لهذا الإنصات ومحاولة للتطبيق. برزت ولأول مرة مسطرة جديدة سماها المشرع بمسطرة الإنقاذ حيث تعد أحد أهم مستجد في قانون 73/17 . خصص لها 14 مادة بدأ من المادة 560 ونهاية في المادة 574. عبر خمس أبواب، وقد سبقها المشرع المغرب عن باقي مساطر المعالجة، ويبقى الغرض الأساسي من فتح هذه المسطرة تجاوز الصعوبات التي تعيشها المقاولة قبل أن تتوقف عن الدفع.

وبالرجوع إلى مقتضيات القانون وبالتحديد المادة 560 منه يتضح أن المراد من هذه المسطرة إنقاذ المقاولة بضمان استمرارية نشاطها وكذا الحفاظ على حقوق الأجراء ومناصبهم وسداد ديونها. أما عن شروط افتتاحها وطبقا لروح المادة 561 من قانون 73/17 يمكن لجميع المقاولات فتح مسطرة الإنقاذ شرط عدم التوقف، تمر من أزمات صعب عليها تجاوزها ومن شأنها أن تؤدي بها في الأجل القريب إلى التوقف عن الدفع.

إجراءات تطبيق مسطرة الإنقاذ

كما يحق لرئيس المقاولة دون غيره أن يطلب فتح هذه المسطرة عبر إيداعه بالطلب لدى كتابة الضبط بالمحكمة المختصة، ويبين فيه نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة وإرفاقه بالوثائق المدرجة في المادة 577 من القانون الجديد. كما يمكن لرئيس المقاولة إضافة لهذه الوثائق الإدلاء بكل وثيقة من شأنها تبيان الصعوبات التي تعتري المقاولة ونشاطها.

ولرئيس المحكمة عند تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ تحديد مبلغ لتغطية مصاريف الإشهار وتسيير هذه المسطرة. كما يمكن للمحكمة قبل البت أن تحصل على المعلومات الخاصة بالحالة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة. والاستعانة بخبير متى اقتضت الضرورة. ويتم البحث من طرف المحكمة في طلب فتح المسطرة بعد استماعها لرئيس المقاولة بغرفة المشورة خلال أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه إليها.

أما عن إجراءات المسطرة، فإذا تم النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ، وتبين بعدها أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع تقوم المحكمة بمعاينة حالة التوقف عن الدفع وتحديد تاريخه وفق المقتضيات المنصوص عليها في المادة 713 من قانون 73/17 فتقضي تحويلها من مسطرة الإنقاذ إلى التسوية أو التصفية القضائية، طبقا لمقتضيات المادة 583 من قانون 73/17 حيث يقترح السنديك إما مخططا للتسوية يضمن استمرارية المقاولة، أو تفويتها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية.

فإن تم تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية يمكن للمحكمة تمديد المدة المتبقية من إعداد الحل كل ما اقتضت الضرورة، طبقا للمادة 564 من قانون 73/17 . وتعرض هذه الاقتراحات وجوبا على القاضي المنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر تلي صدور حكم فتح المسطرة، ويمكن كذلك تجديد الأجل المذكور إذا اقتضت الحاجة مرة واحدة من طرف المحكمة، بناءً على طلب من السنديك كما ورد في المادة 595 من قانون 73/17 أيضا إضافة أن الملف يدرج بالجلسة بعد عشرة أيام من تاريخ عرض التقرير على القاضي المنتدب أو منذ انقضاء الأجل المذكور.

فيديو مقال لمحة حول مسطرة الإنقاذ التي جاء بها قانون رقم 73/17 الجديد المتعلق بقانون صعوبات المقاولة

 

 

 

أضف تعليقك هنا