ما بين الصمت، والبوح...بقلم: صفيه رجاء..موقع مقال

ما بين الصمت، والبوح.

‎الطفولة السعيدة

فتاة صغيرة مسندة ظهرها على ساق الشجرة، الأغصان تميل لتمنحها الظل، يتطاير شعرها في الهواء، تتراقص الفراشات حولها، وتسمع أنغام العصافير، تنهض وتركض، ولا أحد يستطيع أن يوقف نشاطها وحماسها، هي والطبيعة في تناغم وانسجام تام. بعد برهة من الزمن، أصبحت امرأة ناضجة. الشجرة اقتلعوها من جذورها.

‎ذهبت إلى الأرض المنزوعة الجذور، بقيت ثابتة كشجرة وقدميها مغروسة بالأرض، بالقرب منها هوة عميقة، قطعت جذورها وزحفت إلى أن سقطت بالهوة السحيقة. ‎كالأشجار نحن أقدامنا مغروسة بالأرض، أفواهنا مغلقة، لا نستطيع أن نَخْطُو إلى الحاضر، وندع الماضي ذكرى. لا نجرؤ أن نقول الحقيقة. رؤوسنا تنحني إلى الأرض كالأغصان.

لماذا نفضل الصمت؟

‎هل هناك سبب مقنع للبقاء بالصمت؟ لماذا لا نستطيع ‎مواجهة الحقيقة؟ لماذا نرى العتمة ولا نرى النور؟ ‎الأطفال ينتحبون، وينتفضون، ويقعون على الأرض أمام المارة. ولا يفكرون بماذا يقولون؟ أو ماذا سيقولون؟ ‎عكسنا نحن نبقى بصمت يثير الاشمئزاز ولا نستطيع أن نقبل، أو نرفض، نستسلم لصمت.

‎ذهبت في الليل إلى الحديقة، ولا ترى بقعة ضوء في سواد الليل وظُلْمَتهُ. رمقت بالنظر هنا وهناك. وقعت على الأرض وانتحبت، سمعت الذئاب عويلها، وشمت رائحتها، نهضت، رفعت جلجابها الملطخ بالتراب وركضت، والرمل يتناثر خلفها. سقطت على الأرض القاسية، وسط ساحة فارغة، تقبض أنفاسها قليلاً. الذئاب تقترب، نهضت مسرعة، إلى منزلها وأغلقت الأبواب، وأغلقت النوافذ، وبقيت وحيدة تواجه الصمت الأبدي ولا ترى النور.

بيئة تجبرك على الصمت

‎تقرر أن لا تصمت يجبرونك على الصمت. ‎لو أغلقنا أفواهنا سيكون الأمر على مايرام؟ ‎الأزهار جميلة، ورقيقة، وصامتة، وهادئة، تقترب منها تغمرك برائحتها الزاهية. وعند أهمالها تواجه الموت بصمت وهدوء. ‎نقاوم، نصرخ، نواجه النهاية بصمت، ولا يجب علينا أن نستسلم إلى الإذعان.

 

أضف تعليقك هنا