معضلة الطاقة!

*الغرب واحتواء الروس

لنتفق أولاً أن الثورات الصناعية بدأت بطاقة البخار والفحم -في العصر الفيكتوري في بريطانيا- وانتقلت إلى طور البترول على يد الأمريكان؛ لذلك وفي أوج الحرب الباردة وبعد أن انتقلت بؤرة الصراع إلى الشرق الأوسط مع بدء العمليات الحربية المصرية السورية ضد إسرائيل وإعلان دول الخليج وليبيا والعراق قطع الإمدادات النفطية عن الغرب الداعم لإسرائيل كانت أزمة البترول عام 1973 أسوء ثاني الأزمات المالية التي ضربت العالم بعد الأزمة الأولى التي أشعلت الحرب العالمية الثانية في ثلاثينيات القرن الماضي.

ومع تزايد حاجة العالم لموارد طاقة نظيفة تجنباً للتلوث البيئي الذي أنتج ظاهرة الاحتباس الحراري وطبقاً للمؤتمرات العديدة التي عقدت في هذا الشأن وصولاً إلى إتفاقية باريس بشأن الإحتباس الحراري في 2015م أصبح الغاز الطبيعي ذو أهمية كبرى، خاصة بعد تزايد الإكتشافات لآبار الغاز الطبيعي؛ وسنجد لهفة الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتحديد مصير خطوط الإمدادات؛ خاصة وأن نسبة كبيرة الآن من مصادر الإتحاد الأوروبي تأتي من روسيا العدو اللدود للغرب.

*حروب الطاقة وإسقاط الأنظمة “الخريف السوري نموذجاً”

رغبة في إحتواء الدب الروسي وتقليص موارده – المعتمدة بالدرجة الأولى على صادرات البترول والغاز- كانت خطة الولايات المتحدة بسيطة؛ هي تعطيل إتمام خطوط أنابيب الغاز الروسي التي تصل لأوروبا.

فخطوط أنابيب الغاز الروسي المزمع إنشاءها لها ثلاث مسارات رئيسية هي:

-الأول: عبر أوكرانيا

والتي إستطاعت الإدارة الأمريكية أن تدير ثورتها البرتقالية في 2004 والثانية في 2014 وتغير حكومة “يانوكوفيتش” صاحب العلاقات الجيدة مع روسيا؛ مع العلم بأن بوتين إستغل الشتاء الأوكراني القارس وأوقف توريد الغاز المنزلي لأوكرانيا في يناير 2006 و2009 كورقة ضغط؛ مما أدى لأزمة كبيرة وحالات وفاة في أوكرانيا؛

-الثاني: وهو “خط الشمال” عبر بحر البلطيق وحتى أوروبا

وهو ما دعمته ألمانيا سياسياً؛ وبعد إتمام مدّه عقدت “ميركل” صفقة ناجحة لتوريد الغاز الروسي من شركة “جاز بروم”؛ وكانت تلك الصفقة سبباً رئيسياً في الخلاف بين “ترامب” و”ميركل”؛ وهو ما صرح به قبل وأثناء قمة حلف الناتو الأخيرة التي عقدت في بروكسل الشهر الماضي؛

-الثالث: وهو “خط الجنوب والخط الأزرق” عبر بحر قزوين ثم تركيا إلى اليونان وأوروبا

وهو مايستخدمه اردوغان -إلي جانب ملف اللاجئين- دوما للضغط علي الناتو والمساومة للحصول علي مكاسب منهم بسبب تخوفهم الكبير من التقارب التركي الروسي

أما عن البديل وهو غاز الشرق الأوسط، وقبل إكتشافات شرق المتوسط، فإن الإحتياطيات المتاحة كانت -ولاتزال- تقبع في الأراضي الإيرانية والقطرية؛ وهو ما جعل إدراة “أوباما” تفضل إختيار الغاز القطري؛ وهو ما سيترتب عليه مرور خط الغاز القطري عبر الأراضي السورية حليف موسكو؛ وهو ما لم يقبله نظام الأسد بالطبع.

وهو أيضاً أحد أهم أسباب دعم إيران لنظام الأسد – الذي ليس لسبب مذهبي كما تم الترويج- بل إعتماد طهران بشكل كبير علي صادراتها النفطية.. ويفسر أيضاً أحد أسباب هدوء عمليات العسكرية للمليشيات الإيرانية في سوريا منذ فترة قريبة والتي كان نتيجة لعدة أسباب أكثرها تأثيرها استعادة الاسد زمام السيطرة..

*وختاماً

أجوبة كثيرة ياعزيزي ستجدها داخل احد الأمثلة الشعبيّة المصرية:“ياجاي على قوتي.. يا ناوي على موتي”

عن التمهيد الأمريكي للدوحة لأن تلعب دور بارز ومؤثر في المنطقة منذ 2011 الأسود، سواءاً دعم الجماعات الإرهابية بدءأ من الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات المسلحة، وعن سبب الدعم الأمريكي لإحالة إدارة الملف “الفلسطيني-الفلسطيني” لقطر من خلال “إعلان الدوحة” في 2012 بخصوص المصالحة الفلسطينية والتهدئة مع حماس.

وعن غضب اوباما وهيلاري من التغير في الحسابات منذ 2013، وكذلك عقب إعلان فوز ترامب في الانتخابات؛ وغيرها من المسائل التي يشوبها الغموض، وعن أحد أهم أسباب دعم موسكو لنظام الأسد– بل أهمها على الإطلاق- وعن مشاركة إيران في الصراع السوري.

وعن مسائل كثيرة أخري يشوبها الغموض والتدليس ستجد اختصاراً لها أيضاً في كلمتين بسيطتين:
(مستقبل الطاقة)

فيديو مقال معضلة الطاقة!

أضف تعليقك هنا