الحب، أن تكبر دهرا، بكلمة!

براءة الحب

هو بريء من سطحية الهواة، شطحات المجانين ومن مبالغة الشعراء. الحب؛ أن تتبدل من حال إلى حال، أول الأمر يكون للأفضل. فتحبه، تحب ذاك الشعور الذي جعلك طائرا مُحلّقًا عند النجوم بجوار محبوبك الذي تراه القمر بلا مُنازع، ولكن هل يدوم تحليقك إلى الأبد؟! لو كان يدوم لصار الحب أسهل المشاعر وأقربها، وما جنّ قيسٌ ولا بكى عاشقٌ.

إن أحببت بصدق، وبعد خطفة القمر وهبوطك للأرض ثانية، تبدّل جوهر شخصيتك وليس حالك الظاهر، صرت تُفكّر قبل أن تقول أو تفعل؛ هل يلائم هذا الوقت والمكان والزمان بالنسبة لمحبوبي؟ أتُرى يُزيدنا ذلك قُربا أم يهدم ما قد وصلنا إليه؟. سيتفق معي في تلك الرؤيا؟ كيف أتصرف إن لم ترُق له فكرتي الفُلانية؟ ولم يسبق قبلا أن حرصت كل هذا الحرص على شيء مثل الحفاظ على حُبك الوحيد.

أنت؟ذلك الثرثار الذي يعرفونه، تصبح مُتأملا ساكنا في حضرته! أنت، صار يهمك أشياء أبعد ما تكون عن دائرتك، لو بذل كل العالم جهده ليجذبك إليها ما كنت إلا مُدبرا عنها. فجأة هي محور كونك الخاص!.

تحولات لا بدّ منها عند الوقوع في الحب

في الحب تتحول عبر مراحل عدّة منها السيء والرائع، حتى تصل إلى نسختك الأفضل، ما حدث لك أكبر من “خطفة” البداية ومن لمعة الحياة في عينيكما، وما جعلك مسؤولا مستعدًا لخوض معارك ضارية من أجل الاحتفاظ بشريكك أهمّ من مالٍ تجنيه طوال عمرك.

أن تختار بكامل إرادتك قول “أحبك” يعني استعدادك لكل ما هو كبير ومهم وجديد تماماً عليك. يعني فهمك لتقلّبات شريكك، إدراكك لعيوبه وتقبّلها، حُبّك الحقيقي لكل حالاته ورغبتك الصادقة في مشاركته إياها. فلو لم تشاركه أنت، من له؟ يعني تماماً أنك قبلت كونك الكون الخاص بمحبوبك، أنت عائلته، أصدقاؤه، جيرانه، هواياته وشغفه الذي كان دوماً يبحث عنه ووجده فقط عندما لمعت عيناكما بنفس الكلمة “أحبك”!.

أقول كلمة وآه منها كلمة، كافية لتجعلك في قمة سعادتك تبذل أقصى طاقتك وتضحي بأغلى مقتنياتك. تراك معه فوق السحاب والعالم كله تحت إمرتكما، أنت قويّ به وهو كذلك. وبعد أن كنتما تتغنيان بالقوة اكتشف كل منكما نقطة ضعفه. هي كلمة ولكن حذار أن تقولها دون وعي بكل توابعها، وسوابقها؛ فإن لم يسبقها إدراك عيوبك وعيوب محبوبك، التشابه والتكامل بينكما مقارنة بالاختلاف، وتقبُّلك لهذا الشخص الآخر الذي تصير عليه ويكبرك دهرا بمجرد أن تنطقها. إن لم يسبقها كل ذلك فلا تفعل.

الحب الصادق

الحبُّ إن كان صادقا جمّلك، جعلك أكثر حكمة ونضوجا ومسؤولية وإصرارا وعزيمة على الحصول على ما تريد، على أية حال وبعد وصولك لحقيقة حبّك، تصير نسخة أجمل، أرقى، أنقى وأكبر منك. حتى تنظر لصورتك قبل الاعتراف به وإلى مرآتك اليوم بعد مرورك بكل الأحوال والحيوات والميتات والخيبات والانتصارات وخوض الحروب معه، فتجدك قد تغيرت، كثيرا جدا. هنا تتأكد أنكما صادقين.

حتى ترى ذات اللمعة في عينيه عندما يراك ولو التقيت به كل يوم، تتحدث عيناه عنه: “أنت من تمنحني معنى وقيمة، أنت حياة” وحتى تبتسم كما المرة الأولى كلما رأيت هديته الأولى لك، أول شيء تلمسه يداك بعد يديه، مازلت تشعر بلمسته الفريدة على أثمن مقتنياتك؛ هداياه.

وحتى لا تستطيع تفسير تلك الفرحة التي تملأ كيانك بمجرد رؤيته، فلا تقدر على الإشاحة بعينيك بعيدا، ولا الالتفات عنه ولو لحظة، نفس الشغف بهذا المُحِبّ الذي تميّزه وسط الحشود كأول مرة رأيته. كما يقول عاشق: “لم أعِ أبداً ،قبل لقائي بك، كيف يمكنني أن أنظر إلى شخص، والابتسام دون سبب!” هذا ما لازال يحدث.

عيد خاص

وحتى تمرّ عليك الأعياد ولا تشعر إلا به “عيدك” الخاص! لكل البشر عيدٌ ولك عيد، محبوبك عيدك الحقيقي، ويوم ميلادك يوم صارحته وصارحك بحبِّه. وتظل تذكر تلك اللحظة بك مشاعرها كما لو أنها من لحظات. وحتى تصير رجُلا مع كل البشر، أما في حضرة المحبوب، طفلا رقيقا لا يحتمل خدشة واحدة ولا أذى بكلمة صغيرة فينتهز الفرصة للبكاء بين يدي أمه.

طفل وطفلة يكتشفان العالم ويواجهانه معًا يداً بيد. وحتى لا تستسلم مع أول هزيمة تمر بها في حبّك، حتى تقرر أن ينتصر الحب على الكراهية في كل اتجاهات حياتك. وأن تحتفظ به بجوارك دائما وتقطعا الوعد بألا تفريط: “عاهدني ألا نفترق، أبدا” وحتى تحفظا الوعد رغم كل شيء. وقتها فقط تكون حقًا أحببت!.

نصيحة الختام

بالأخير؛ دعني أصارحك بأثمن ما يحافظ على علاقاتك في العموم، والعلاقات الحميمة على وجه الخصوص أيًا كان مُسمّاها، صداقة أو حُب، فكلاهما يُمثّل ارتباطا لطرفي العلاقة، عندما يتفق الطرفان على مُسمّى يصبح “مرتبطًا” بالآخر بكل ما تعنيه الكلمة هما “مرتبطان”.

هي المسؤولية تجاه شريكك؛ فتُقدره حق قدره وتحفظه في سرك قبل جهرك وغيابه قبل حضوره. أن تكون في حُبك وصداقتك صادقًا مخلصًا مسؤولا. إن أدركت معنى ومسؤولية كل إنسان تربطه بك فمُحال أن يُفرقكما الدهر.

فيديو مقال الحب، أن تكبر دهرا، بكلمة!

أضف تعليقك هنا