السياسة والإعلام والشيطان ثالثهما!

الحاجة لإعلام حقيقي

إن ما نحتاجه اليوم هو تأسيس حقيقي لشخصية إعلامية صحافية أخلاقية تعتبر الحق هو منطلق القلم وجره، شخصية إعلامية تنطلق من خلال التأهيل والتدريب على الأخلاقيات المهنية، ما يخول الصحافي والإعلامي تقدير متى يجب أن يعطي الخبر وكيف تصل الرسالة بدون زيادة أو نقصان.

فلا عمل للسياسة بدون إعلام حر ونزيه. ولا عيش واستمرار للإعلام إلا في كنف السياسة. هذا بشكل عام، ولا يجتمع الاثنان إلا تظهر التناقضات القيمية والنوعية ثالثهما. كلاهما يزيد ويبالغ. السياسة تبحث وتحتاج إلى إعلام يساعدها ويتماشى معها في نفق واحد، تحتاج الى اعلام يساعدها ويوجه الرأي العام نحوها.هنا الإعلام بدوره لا يختلف عن السياسة، إعلام ينقل أحداث السياسة ويغطي كل كبيرة وصغيرة، ينقل المستجدات ويعرض الآراء، لكن في كثير من الأحيان نصطدم بإعلام موجه كما هو الحال بأغلب القنوات التابعة لسياسة الرئيس أو لتوجه الدولة وسياستها.

شراكة السياسة والإعلام

ولم يكن مستحيلا كذلك أن تشترك السياسة والإعلام في حلقة واحدة هي الميل إلى المبالغة والكذب أحياناً. فما إن يجتمع الاثنان حتى تصاحبهما المبالغة ويحضر الشيطان ثالثهما. فكلاهما يقوم بال

تبليغ. ولا تبليغ بدون مبالغة. وعلى سبيل الحصر قد يرسل السياسي للمتلقي أو الشعب برنامجه السياسي وما لديه من خطط وبرامج يستهوي بها المتلقي وغالبا ما تكون خطط احتيالية وتدليسية، وتحمل شيئا من الصدق والكذب!

وكثيرا ما يبالغ السياسيون عندما يعدون بأن خططهم ستحقق أكبر عائد، وأن سياساتهم ستجعل الوطن أكثر أمناً وتطوراً. مثال على ذلك ما يعد به منتخبي مدينة طانطان الساكنة دون تحقيقه كزيادة البنيات التحتية، وإنشاء مصانع للعمل، وتجهيز الفضاءات والمستشفيات. كما تعتبر أكبر مبالغة انكشف فيها واقع الإعلام والسياسة هي مبالغة وزراء لبنان، ومنذ العام 1996. كل يعد بكهرباء 24/24 خلال فترة تربعهم على عرش الوزارة، ولم يتحقق هذا إلا بعد عقدين من الزمن.

المبالغة المعتادة

والمبالغة ليست بالجديد في عالم السياسة، وهي واضحة وضوح الشمس في مدينتنا ومنطقتنا العربية عامة. اعتدنا أن نسمع من الساسة والإعلاميين كلاما، إما ممزوج بالمدح أو المبالغة أو الكذب أو القدح. كثيرا ما يمدح منبر إعلامي سياسيا معينا ويصور أعماله كانتصارات مذهلة ويكون السياسي قد قام بمجهود صغير وساعده الإعلامي بجهد أكبر في التشهير به.

لطالما قرأت منابر إعلامية متعددة كلٌ وخطه التحريري الذي لا أناقشه فيه، لكن عيب في زمن انقضى فيه الجهل أن يكون الصحفي جاهلا، عيب في هذا الزمان أن يمجد صحفي فلانا أو فلانا لشخص أو مسؤول أو تيار معين ويصور الأحلام للمتابعين، أحترم كل الأراء وكل المنابر الإعلامية لكن ليس موضوعيا ان يمارس الصحفي مهمة السياسي ويصبح بوقا له يمدحه أو يبالغ في السياسة ، هي مسلكيات ومتاريس إعلامية تخدم المصالح السياسية والطائفية لمرجعياتها بمعزل عن المهنية والموضوعية.

إننا اليوم نحتاج أولا وقبل كل شيء لإعلام حر ونزيه، لا يميل هنا أو هناك، ولا تحركه هواتف أو مبالغ مالية، نحتاجه اليوم في مدينتنا على سبيل الحصر (الطانطان) هو إعلام صادق وصحافة شفافة لأننا نعيش في زمن ملبد بالحقائق غير المكتملة والملوثة. فبدون التخلص من جرعات المبالغة السياسية والإعلامية الزائدة يصعب الوصول إلى صورة دقيقة وواضحة. فنصف ما تقدمه السياسة ويطرحه الإعلام مليء بالمبالغة أما النصف الآخر فيحتاج إلى مزيد من التحري والتدقيق.

فيديو مقال السياسة والإعلام والشيطان ثالثهما!

أضف تعليقك هنا