المرض النفسي بين المرض والعار

نظرة المجتمع العربي للمرض النفسي، وما خلفه من أثر سلبي على ذوي الأمراض النفسية

لم يكن المرض مقتصراً على الأعضاء وحسب، لكن كلمة مرض تضم كل ما يصيب الإنسان بخلل في القيام بالأعمال الطبيعية اليومية وقد تقوم بتعطيل حياته بشكل أو بآخر إذا أثرت على وظائف مهمة مثل النوم أو الأكل.

لطالما شخصها الأطباء بالوطن العربي كأمراض عضوية وشخصها الأهالي بمس من الجن أو حسد وما إلى ذلك حتى ارتبطت بالعار، فعندما يأتي أحد العرب بالشكوى لأهله بسبب مشاكل نفسية يعاني منها فيتم الرد عليه ب “هذا حسد!” أو “هذا من عمل الجن” فيقومون بإخفاء الأمر وعدم مناقشته خوفاً من كلام الناس عليهم حتى لا يلحق بهم “العار”.

العار الذي وضع ذوي الأمراض النفسية تحت مظلة الاختباء والخوف التام من معرفة الأمر، فينتهي بهم المطاف إلى ما لا يحمد عقباه. قد ينتهي بهم الأمر بالانتحار أو تركهم… تركهم ليعيشوا حياة مليئة بالاضطرابات والمشاكل المجهولة التي لن يعلم أحد عن ألمها مثلهم، لكن مع العلم…كل هذه المشاكل كان يمكن حلها إذا قام الأهالي بالخروج من مظلة الجهل والاستعانة بمتخصصين لأبنائهم من أجل تلك المشاكل.

 قلة الأطباء النفسيين في الوطن العربي والأسباب التي تكمن وراء ذلك

لطالما كانت التقاليد هي السبب في هذا الأمر في بلادنا العربية؛ يوجد طبيب نفسي واحد لكل مليون نسمة… نادراً ما تجد طبيباً مختص في تلك الحالات.

يرى معظم الطلاب الجامعيين الجدد أن كليات الطب النفسي ما هي إلا مضيعة للوقت… وقت يفضل لهم فيه الالتحاق بكليات الطب البشري التي ستضخ لهم الأموال في جيوبهم بعد التخرج.

يرون أنها كلية “المجانين” التي لن تضيف لحياتهم شيء، وعلى صعيد آخر، لطالما كان لتحكم الأهل في التعليم أمر شائع في وطننا العربي، فمعظم الأهالي يبعدون أبنائهم عن هذا القسم لأنهم لا يرون فيه مستقبل لأبنائهم، وأثر هذا بشكل ملحوظ على عدد الأطباء النفسيين في الدول العربية.

أما بالنسبة لأصحاب المشاكل النفسية؛ فيلجأ معظم الأهالي من الدول العربية النامية إلى الحل الأمثل وهو الدجل ومدعين الوصل للسماوات العلية لفك “الأعمال” و ما إلى ذلك، لينتهي الأمر بجميع من يقومون بهذا للتدهور النفسي الشديد بسبب ما يمكن أن يتعرضوا له علي أيدي هؤلاء الناس.

أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في الوطن العربي

أكثر مرض منتشر في الوطن العربي هو اضطراب ما بعد الصدمة؛ اسم يشرح ذاته نظراً لحدوث تلك الاضطرابات بعد أنواع عديدة من الصدمات.

في الوطن العربي يصيب -مع الأسف- الإناث بشكل ملحوظ أكثر نظراً للارتفاع المرعب والملحوظ في حوادث التحرش الجنسي بجميع أنواعها، مما يجعل الإناث أكثر عرضة لتلك الاضطرابات في الوطن العربي. هذا لا يعني أن تلك الاضطرابات تقتصر على حوادث التحرش، بل أيضاً تحدث لأسباب عدة مثل الحوادث التي تلحق أضرار جسدية مؤقتة أو دائمة، حدوث وفاة لأشخاص مقربين أو حدوث حالات تذمر في مجال الدراسة أو العمل.

خطوات من أجل الوصول إلى أصحاب المشاكل النفسية وعلاجهم

بدأ أصحاب المشاكل النفسية في الخروج إلى النور وفي الغالب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات العلاج النفسي على الإنترنت خوفاً من معرفة الأهالي والمعارف. قد تكون خطوة إيجابية لكنها ليست الأفضل.

لذلك على الحكومات والمستشفيات والمنظمات المحلية القيام بتوفير شتى السبل التي تساعد على الوصول إلى أكبر عدد من أصحاب تلك المشاكل وتوعية الأهالي والناس من أجل تفادي مشاكل أسوء قد تحدث. فلم تكن الآفة هي المرض النفسي، بل الآفة هي جهله وتجاهله.

فيديو مقال المرض النفسي بين المرض والعار

أضف تعليقك هنا