صاحب النّداء

سيرة صاحب النّداء (الأذان) “بلال بن رباح”

متى أسلم بلال؟ وكيف كانت حياته بعد اعتناقه الدّين الإسلاميّ؟

وُلِد بلال (٤٢ ق.هـ)، ويُعدّ من أول سبعة دخلوا الدّين الإسلامي، بعد الرسول (ص) وأبو بكر وعمار بن ياسر وأمّه سُميّة “أول شهيدة في الإسلام” وبلال وصهيب والمقداد، اشتهر بلال بجملة “أحدٌ أحد” عندما كان يُعذبه “أُميّة بن خلف”، ويجبره على سبِّ “محمّد” والاعتراف بـ “اللاتِ والعُزّى” كدين له، ويأبى بلال ويقول “أحدٌ أحد”، ثم مرّ “أبو بكر الصديق” ذات يوم عندما يئسوا أن يردّوه عن دين الإسلام، واشترى بلال ثمّ عتقه.

ملازمة بلال للنبيّ “ص”

كان بلال ملازماً للنبي (ص) في كل جلساته، وشارك بلال في جميع الغزوات التي شارك فيها النبي (ص)، وأخذ بثأره في غزوة بدر بقتل (أُميّة بن خلف)، الذي كان يُعذّبه سابقاً.
ولما شُرع الأذان، اختاره النبي (ص) مع اثنين آخرين هما (أبي محذورة الجُمَحي وعمرو بن أمّ مكتوم) يؤذّنون في حالة غياب بلال، ويوم فتح مكة، أمر النبيّ (ص) “بلال” بأن يصعد فوق الكعبة ويؤذّن في النّاس.

ومنذ أن توفي “مُحمَد” لم يؤذِّن “بلال” سوى مرة واحدة فأذّن حتى وصل لقول (أشهدُ أنّ محمداً رسول الله) فأجهش بالبكاء.

أشهر مواقف بلال

عندما ذهب بلال إلى أبي بكر الصديق

يقول بلال: يا أبا بكر، إني سمعتُ رسول الله يقول: (إن أفضل عمل للمؤمن الجهاد في سبيل الله).
قال أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟
قال بلال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت.
فقال أبو بكر: ومَن يؤذّن لنا يا بلال؟
فقال بلال وعيناه تفيضان من الدموع: إني لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله.
قال أبو بكر: بل ابقَ وأذّنْ لنا يا بلال..!
قال بلال: إن كُنتَ قد أعتقتَني لأكونَ لك، فليكن ما تريد، وإن كُنتَ أعتقتني لله، فدعني لِما أعتقتَني له.
قال أبو بكر : بل أعتقتُك لله يا بلال.

فسافر بلال إلى الشام مجاهداً ومرابطاً، فيقول لم أطِق أن أبقى في المدينة بعد وفاة رسول الله (ص)، حيث كان إذا أذّن الأذان وجاء قول (أشهد أن محمداً رسول الله) يجهش بالبكاء!

رؤيا بلال

بعد سنين، رأى بلال النبيّ (ص)  في منامه، فيقول (ص): ما هذه الفجوة يا بلال؟ أنى لك أن تزورنا؟
فَـ انتبه بلال حزيناً من منامه، وذهب إلى المدينة، وجلس عند قبر النبي (ص)، فجاءه الحسن والحُسين، فأخذ يُقبّلُهما ويضمّهما، فطلبا منه أن يؤذّن في السَّحَر على سطح المسجد.

فلما صعد بلال وأذّنَ قال: (الله أكبر) فارتجّتِ المدينة!
فقال: (أشهد ان لا إله الا الله) فزادت رجّتُها!
فقال: (وأشهد أن محمداً رسول الله) فبكى الجميع، ولم تشهد المدينة بكاء مثل بكاء هذه الليلة!

بالب وتلبية طلب أمير المؤمنين “عمر”

عندما زار الشام أمير المؤمنين “عمر”، توّسل إليه بعض المسلمين أن يصطحب بلال في عودته ليصلي بهم صلاة واحدة، فدعا أمير المؤمنين “بلال”، وافق بلال، وعندما حان وقت الصلاة، صعد بلال وأذّن، فبكى الصحابة الذين قد عاصروا الرسول وبلال معاً، وكان اشدهم بكاءاً سيدنا “عمر بن الخطاب”.

وفاة الحكمة

عند وفاة بلال، كانت زوجته تبكي جواره، فيقول: لا تبكي! غداً نلقى الأحبة “محمداً وصحبه”، وهنا نفهم معنى حكمة “يحشر المرء مع من أحب”، أو نفهم حديث النبي (ص) “وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا حُشِرَ مَعَهُمْ”، وحتى لا يُفهم الحديث بمعنى خاطئ، فالمحبة نوعان:

 محبة دينية: أي المحبة لأجل الدين والمعتقد، فمن أحب الصالحين لصلاحهم وتقواهم ودينهم سيجمعه الله بهم في جنته، وكذلك العكس مَن أحبّ الكفّار لكفرهم ومعتقداتهم  فسيُحشر معهم في النار، فيقول الله في كتابه: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنّهم في الصالحين).

محبة تشابه الأعمال والأخلاق: فمن أحبّ العلماء وتشبّهَ بهم في أخلاقهم وصفاتهم وتقواهم؛ دخل الجنة بذلك، ومن أحب الفاسقين والكافرين وأدتّ تلك المحبة إلى التشبُّه بهم وبمعاصيهم؛ فَسينال نفس العقاب أيضاً.

أما الحُب الدُنيوي: فَدائماً ما يكون ناتج عن قرابة، أو صداقة، أو مصلحة مادية، أو أي سبب فانٍ، فهنا لا يكون سبباً للجنح في المحشر.

عن بلال والله أعلم

بلال شخص واحد من آلاف الأشخاص اللي ممكن نتكلم عليهم، ونتخذهم كقدوى لينا في التقوى والإيمان.

بلال، “الكفار” كانوا بيعذبوه بأنه يُدفن جسمه في الرمل السخن من وقت شروق الشمس لغروبها، وصبر على كل ده عشان مؤمن بالله، وإيمانه بالله مخلهوش يجزع ولو مرة واحده.

إسلامنا مليئ بالشخصيات اللي نتخدها كقدوة لينا
إسلامنا بحر، بدايته من الرسول (ص) مروراً بالخلفاء، مروراً بالعلماء، وحتى الآن لن ولم تتوقف الشخصيات الإسلامية؛ فهي دائمة بدوام الإسلام.

وأخيراً لن نقول غير: “اللهم أعزّ الإسلام والمُسلمين، وأذلّ الشِرك والمُشركين، ودمّر أعداء الدين، وأصلح أحوالنا يا رب العالمين”.

فيديو مقال صاحب النّداء

أضف تعليقك هنا

حمدي سامي إبراهيم

طالب بكلية الأداب قسم التاريخ والاثار، أسعى لتطبيق فكرة جديدة وهي ما اسميها بـ التاريخ النفسي، وهي ذِكر بعض الأحداث التاريخية وإستخلاص العِبرة والحِكمة منها ،مع ذكر كل المصادر التاريخية، وتطبيق تلك الحِكم على حياتنا جميعاً