كرسي المسؤولية يسقط أجنحة الملائكة

سنين طوال ينهى ابنه عن الاستماع للأغاني، ويعلمه الحلال والحرام، وينصحه دائما بعمل المستحبات، وترك المكروهات، وفي أحد الأيام دخل ولده الى البيت، فوجد أباه يشاهد ما لا يجب ان يشاهده أي مؤمن، و في حالة أقل ما يقال عنها بأنها مخجلة.

كسر صورة الأب المثالية أمام الولد وشبهها بوضع العراق السياسي

فكسرت بذلك الصورة المثالية للاب بعين الابن، وأصبح الاب لسانه قصير مع ولده، فراح كلما أراد الابن ان يفعل امر مشين، واراد الاب منعه، فنظرة الابن تكفي لتذكيره بتلك الحادثة، فلا يكون امامه الا السكوت والقبول بأفعال ابنه السيئة.

باختصار هذه الحالة تشبه كثيرا علاقة الشعب مع الكتل التي تسيدت المشهد السياسي، منذ سقوط النظام لغاية الان.

حيث كان المواطن العراقي عندما يسمع ان فلان يعمل في حزب الدعوة كمثال، يتصور ان هذا الشخص ليس من البشر او ليس بشر عادي، انما ملاك منزل من السماء، فيتوقع منه كل شيء مثالي، وكل عمل جميل، وربما في أحيان كثيرة نضعه في درجة العصمة، دون ان نعلم

لذلك ما ان تغير النظام، وجاء المغتربين من الخارج، ومسكوا بمقدرات البلد، حتى سمحنا لخيالنا ان يأخذنا الى مديات بعيدة، لحياة غير موجودة الا في الجنة، فهذا يوزع موارد النفط على الشعب، وذاك جعل مفردات البطاقة التموينية تصل الى الخمسين مفردة، وثالث يرسم بيت المستقبل الكبير على القطع التي ستوزعها الدولة على كافة المواطنين، وبمساحات كبيرة، كل هذه الاحلام وغيرها، كان الشعب يتصورها ممن حكموا البلاد بعد التغير.

هل تتغير شخصية المسؤول في العراق بعد استلام المنصب؟ 

لكن وبقدرة قادر، كل من يعتلي كرسي الرئاسة، تسقط اجنحة الملائكة التي كان يلبسها، وتخرج مكانها قرني شيطان، فتعطلت الدولة والقوانين، الا تلك التي تخدم مصالحهم، يتم التوافق عليها بسرعة كبيرة، وربما حتى أسرع من الملك الذي اتى بعرش بلقيس الى النبي سليمان (عليه السلام).

لقد حطموا تلك الصورة المثالية التي رسمها لهم الشعب، فأساءوا بذلك الى الأحزاب التي ينتمون اليها بصورة خاصة، والى الإسلام بصورة عامة.

ان ما يحصل من فساد، وما الت اليه أمور البلد، وفضح الكثير من المتسترين، بالإضافة الى الطابور الخامس الذي اخذ يفعل فعله، جعل السنة الجميع قصيرة، ولا تستطيع ان ترد أي اتهام يوجه اليها من الشعب، حتى غير الصادق.

بل راح الكثير منا يبيح للشعب ان يفعل أي شيء، تحت عذر ” خل الحكومة تحاسب نفسها قبل لا تحاسبني” لقد تشرعنت السرقات بالمسؤول فكل شيء مباح له لأنه مسؤول، والمواطن جوز لنفسه كل شيء في هذا البلد، لان من اعطاه ثقته، اتضح انه سارق وكاذب.

وبين سلطة المسؤول، وسخط الشعب الأمور تتجه الى ما لا يحمد عقباه.

فيديو كرسي المسؤولية يسقط أجنحة الملائكة

أضف تعليقك هنا