مبدأ (فوز، فوز، فوز)!

إن موقف فوز/ فوز هو إطار عقلي وقلبي يسعى باستمرار إلى الاستفادة المشتركة في جميع التفاعلات البشرية، وموقف فوز/فوز قائم على فكرة أن هناك من الخير ما يكفي الجميع، وأن نجاح شخص ما لا يتحقق على حساب نجاح الآخرين أو عن طريق إقصائهم كما يقول “ستيفن كوفي“.

وكما يقول “أندرو كارنيجي” بأنه لا أحد يصبح ثرياً إلا إذا أثرى الآخرين.

أقوال لفلاسفة تبرز ضرورة التعاون والتفاعل بين البشر

وبموقف العطاء هناك ثلاثة أنواع من الناس، فهناك الآخذون الذين يأخذون ولا يعطون أبداً، وهناك التجار الذين يأخذون وبعد ذلك يعطون، وهناك المستثمرون الذين يمنحون وبعد ذلك يأخذون.

وكما يقول “جون مكسويل” بأن الناس يكونون أكثر الأصول قيمة وأهمية فقط إذا كنا على استعداد للاستثمار فيهم.

ولكي ترتقي بالاستثمار بالآخرين إلى مستوى جديد عليك بأن تفكر بأسلوب الآخرين أولاً، وتركز على الاستثمار وليس العائد، وتختار بعض الناس من أصحاب الإمكانيات العظيمة، وبعدها تتمتع بالعائد والمقابل في موسم الوفاء.

كما يقول الشاعر “إدوين ماركهام” بأنه هناك قدر يميزنا كأخوة، وأنه لا أحد يسلك طريقاً لوحده، فكل ما ندخله على حياة الآخرين، يرتد عائداً على حياتنا نحن.

وكما تقول الأم “تريزا” بأنك يمكنك القيام بما لا أستطيع أنا القيام به، ويمكنني القيام بما لا تستطيع أنت القيام به، ويمكننا معاً تحقيق أشياء عظيمة.

ولتحقيق النصر العام كما وصف “ستيفن كوفي” بالعادات السبع للناس الأكثر فعالية علينا بالتفكير على طريقة “مكسب – مكسب”، وهي ليست مجرد تقنية بل هي فلسفة كاملة للتفاعل البشري، وفي الحقيقة هي واحد من ستة تصورات ذهنية للتفاعل، أما التصورات الذهنية البديلة فهي المكسب/خسارة، أو الخسارة/مكسب، أو الخسارة/خسارة، أو المكسب، أو المكسب/مكسب، أو لا اتفاق.

والمكسب مكسب هو الإيمان بالبديل الثالث، فلن يسير الأمر وفقاً لأسلوبي أو أسلوبك بل سيسير وفقاً لأسلوب أفضل، وأسلوب أعلى.

التصورات الذهنية البديلة

التصور الأول: المكسب/ خسارة “تنافس”

والمكسب خسارة هو أسلوب السباق الخاص برحلة برمودا، ويعنى به التنافس، ونحن في الدين الإسلامي نهينا عن التنافس وأمرنا أن نبتعد عنه، وفي قوله تعالى “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”.

فالمقصود هو الآخرة، والمقاعد فيها غير محدودة، أما في أمور الدنيا فأمرنا بالتعاون، ونهينا عن التنافس في الكثير من المواضع منها “ولا تنافسوا…”، “أخاف على أمتي أن يتنافسوها فيهلكوا”، فالتنافس مكروه في الإسلام وهو يولد الحقد والحسد وجميع مواصفات النفس المضطربة، وعقلية أنا أكسب وأنت تخسر هي عقلية مع الأسف محفورة في عقول الكثير منذ الصغر، كما يقول المثل “تغدى فيه قبل أن يتعشى فيك”، فكلها للأسف ترسخ مبدأ الفوز خسارة، وكما يقول “ستيفن كوفي” بأن الحياة تتطلب في معظمها الاعتماد بالتبادل وليس الاستقلال، وتعتمد معظم النتائج التي تود تحقيقها على التعاون بينك وبين الآخرين، وتفكير المكسب خسارة يفسد هذا التعاون.

التصور الثاني: الخسارة/ مكسب “الاستسلام”

ونوع الخسارة مكسب يعد أسوأ من المكسب خسارة، والناس الذين يفكرون بمبدأ الخسارة مكسب عادة ما يسهل إسعادهم أو إغضابهم، وهم يستمدون قوتهم من شعبيتهم والتقبل، وفي المفاوضات يمثل مبدأ “الخسارة مكسب” بالاستسلام، وفي القيادة يمثل التساهل، ويمثل كل من مبدأ “المكسب خسارة” و”الخسارة مكسب” نوعاً من أوضاع الضعف التي تقوم على أساس انعدام الإحساس بالأمن الشخصي.

وكما يقول المثل كن شمعة، فهو مثل خاطئ لأنه على مبدأ أن تحترق لإسعاد الآخرين، فلست مضطراً لأن تحترق أو أن تذوب لكي تضيء للآخرين السبيل، بل عليك بأن تكون كالقمر تأخذ النور من الشمس وتعكس الأشعة التي وردت إليك وتدفأت بها على الآخرين دون أن تتكلف ذلك، لأن من طبع القمر عكس الأشعة فلا هو يتكلف ذلك وإنما يسير على منهج اكسب وكسّب، وخذ وأعط، فلا تكن كالشمعة التي تحترق بل كن كالقمر، وتمتعك بالعلاقات هو سر لنجاحك فيها واستمراريتها.

التصور الثالث: الخسارة/ خسارة

أما إن اجتمع شخصان من مبدأ مكسب خسارة فإن الموقف ما إن يتحول إلى نوع خسارة/خسارة، والخسارة/خسارة هي فلسفة الناس الذين يعتمدون على غيرهم اعتماداً كبيراً دون أن يكون لديهم توجه داخلي، والذين يتسمون بأنهم أشخاص تعساء ويعتقدون أن الجميع لا بد أن يكونوا تعساء مثلهم، وإذا لم يكسب أي شخص ربما لا تكون الخسارة أمراً سيئاً.

وهناك خيار المكسب الذي يلجأ إليه بعض الناس، وهم لا يهتمون إن خسر الآخرون أم ربحوا بل فقط يركزون على الربح ويدعون الآخرين يربحون فلا يهمهم الآخرين بل يركزون فقط على الربح.

وفي الحياة قد تضطر لجميع الحالات الست، فمثلاً في مباراة كرة القدم يعني فوز أحد الفريقين خسارة الآخر، وقد يكون توجه مكسب خسارة يجلب لك الفوز على المدى القصير وإنما قد يكون قد أضر ببعض علاقاتك أو صفقاتك المستقبلية، أو منهج خسارة مكسب فأنت غير مرتاح للتعامل.

وإن اتبعت منهج مكسب فقط فلا توجد هناك محفزات لقيام العلاقة والاستثمار فيها، وعلى المدى البعيد مالم يحقق كلانا مكسباً فهذا يعني خسارة كلينا، ولهذا السبب فإن المكسب مكسب هو البديل الحقيقي لوقائع الاعتماد بالتبادل.

التصور الرابع: المكسب/ مكسب

وهناك شكل أعلى من المكسب مكسب وهو منهج المكسب مكسب أو لا اتفاق، وحين تضع في عقلك خيار لعدم الاتفاق تشعر بنوع من الحرية لأنك لن تضطر للتلاعب بالناس لتفرض جدول أعمالك وتقودهم إلى حيث تريد، بل تكون متفتحاً، وإن القبول بأي شيء أقل من المكسب مكسب في واقع الاعتماد بالتبادل هو خيار ثان ضعيف سيؤثر سلبياً على العلاقات بعيدة الأجل، وتكلفة هذا التأثير السيء تحتاج إلى تفكير جيد ودراسة متأنية فإذا لم تتمكن من تحقيق المكسب مكسب حقيقي فعليك اللجوء إلى عدم الاتفاق.

ولتحقيق مبدأ مكسب/مكسب هناك ثلاثة محاور وهي الشخصية والعلاقات والاتفاقيات، وفي الشخصية لتعزيز المبدأ عليك برفع قيمة الأمانة، والنضج والذي هو التوازن بين الشجاعة ومراعاة شعور الآخرين، وتنمية مبدأ عقلية الوفرة لديك ويقصد به أن العالم به ما يكفي للجميع.

وللحصول على اتفاق في العلاقات لابد من توافر الشروط الخمسة وأن تكون واضحة وهي النتائج المرجوة وليست الأساليب، والإرشادات، والموارد، والمسؤولية، والعواقب، وللفوز في العمليات والاتفاقات فعليك أن تنظر للمشكلة من وجهة نظر الآخرين، وتحدد المشكلات والأوضاع الأساسية وليست الأوضاع المتعلقة بالموضوع، وأن تحدد النتائج التي تشكل حلاً مقبولاً للجميع، وأن تحدد الخيارات الجديدة الممكنة لتحقيق هذه النتائج.

ما هو المنهج الأكثر فائدة؟

وربما تكون العلاقة فوز/ فوز، كأن تكون هناك صفقة بين تاجر مخدرات وممول، وهي تعد علاقة كارثية، فقد أضيف لعلاقة فوز/فوز، أيضاً كلمة فوز ثالثة وهي مصلحة المجتمع، أو الحق العام، فتصبح العلاقات السوية تقوم على مبدأ فوز/فوز/فوز.

فمنهج فوز/فوز/فوز هو منهج حكيم فعليك بتطبيقه وتفعيله في علاقاتك لتحقق الربح والديمومة وتستثمر على المدى الطويل في علاقاتك فعليك بتطبيق مبدأ فوز/فوز/فوز.

فيديو مقال مبدأ (فوز، فوز، فوز)!

أضف تعليقك هنا