اقتراحات وليست أوامر

يمكنك القيام بما لا أستطيع أنا القيام به، ويمكنني القيام بما لا تستطيع أنت القيام به، ويمكننا معاً تحقيق أشياء عظيمة كما تقول الأم تريزا، فشخص واحد أقل بكثير من أن يحقق العظمة لوحده، ويد واحدة لا تستطيع التصفيق.
فالشمعة لا تخسر شيئاً عندما تضيء شمعة أخرى كما يقول توماس جيفرسون.
والمتعة المشتركة كما ينوه جون جوته هي متعة مضاعفة.

كن أنت القائد

فأنت لا تستطيع القيام بكل شيء بمفردك بل تحتاج لفريق عمل، يشد أزر بعضه البعض، كل واحد في هذا الفريق يقوم بمهمة تكمل عمل الفريق وتكون ركناً من أركان نجاحه بأكمله، وللعمل مع الآخرين وتفويضهم بالمهام عليك أن تتقن فن توجيه الأوامر، فكل إنسان يحتاج لشخص يقوده في هذا العالم فكن أنت هذا القائد، كما يشير روبن شارما في كتابه القيادة بدون منصب.

الفوائد التي نجنيها عند إتقان فن توجيه الأوامر

فكل إنسان يستطيع أن يكون قائداً في موقعه وحيث يعمل، ولكن الكثير من الناس لا يحبون تلقي الأوامر باستمرار، وأنت إن أتقنت فن توجيه الأوامر فإن هذا سيعود عليك بفوائد كثيرة، منها أن الناس سيستجيبون بسرعة لتوجيهاتك وأوامرك الموجزة والواضحة وسهلة الفهم، وسينجزون الأعمال المنوطة بهم بشكل أفضل متى علموا بنتائجها، وأنك ستحرص على إصدار الأوامر الواضحة للقضاء على المركزية في العمل، وأيضاً القضاء على إهدار الوقت والجهد ومضاعفته بشكل إيجابي.

نصائح للمدير أو رئيس العمل ليكون ناجح

فلا تكن كهؤلاء الذين استلموا منصباً وهم غير مصدقين أنهم أصبحوا كذلك، فينتابهم جنون السلطة فيصدرون الأوامر لا لشيء بل فقط ليظهروا أنهم هم القائد والمدير، فإن كنت أنت المدير أو رئيس العمل فلا داعي لذلك لأن الناس سيستجيبون لك بحكم موقعك، وكثير من الأعمال تصبح روتينية مع الوقت فمثلاً لا تحتاج لأن تأمر العاملين بالحضور للعمل في اليوم التالي.

والأوامر التي تتطلب منك إصدارها هي التي تكون عند تغير الإجراءات أو الوقت، وإن كانت هذه هي مهمتك فلا تخش أن تجرح الآخرين بإملائك عليهم الأوامر لأن هذه هي مهمتك، أما إذا لم تكن بحاجة لأمر ما فلا تصدره.

تحديد ماتريده بالضبط قبل إصدار الأمر

وعليك أولاً أن تحدد ما تريده بالضبط قبل إصدار الأمر بأن تطرح على نفسك الأسئلة التالية:

  • ما الذي تريد إنجازه بالضبط؟
  • ما المهمة الضرورية بالضبط؟
  • ما الوقت اللازم لإنجاز هذا العمل؟
  • ما مكان إنجاز هذا العمل؟
  • من هم أفضل من يقوم بهذا العمل؟
  • كيف سيتم إنجاز هذا العمل؟
  • ما الأدوات اللازمة لإنجازه؟
  • ما تكلفة إنجازه؟
  • وما مردودها؟

التركيز على النتائج في المقام الأول

وكما تقول الحكمة بأن الشخص الناجح هو من يوظف اناس أفضل منه في خدمته، وتذكر دائماً بأن تركز على النتائج في المقام الأول لا على طريقة التنفيذ، لكي يتسنى لك معرفة ما تريد من الأمر بالضبط قبل إصداره. وعليك أن تظهر لمرؤوسيك فائدة تحقيق أوامرك، فمثلاً تقول لأحدهم أنه إن أنجز العمل مبكراً وبإتقان فإنه يمكن له أن يخرج من العمل مبكراً، أو إن قام بهذه المهمة فإنه سيزيد الإنتاج وبالتالي سيزيد من نسبته في الربح.

وعموماً فإن هذا الشخص ليس له إلا الامتثال لأوامرك، ولكن إذا قام بالأمر على رغبة منه فستحصل على أدنى النتائج. ولكن عليك بأن تخلق جواً مناسباً لاتباع أوامرك، فاستعن بالثناء وتقدير الجهد والتأكيد على القيمة، فذلك سيجعل الشخص المكلف بالأمر سيبذل قصارى جهده من أجلك، واحرص على أن يكون عمله ممتعاً ويستحق العناء، وذلك بإعلامه بأن عمله هذا سيعمل على إنجاح الفريق بأكمله، وامنح ذلك الشخص الأمان العاطفي إذا أردت الحصول على أفضل النتائج، فلا تتبع أسلوب التهديد بشكل يجعله يشعر بالقلق من الخصم من مرتبه أو فقدان عمله أو منصبه.

الحرص على أن تكون الأوامر مثالية

احرص على أن تكون أوامرك مثالية، فمثلاً لست بحاجة لأمر من عشر صفحات لإدارة الماكينة بل يكفي فقط بعض الكلمات، فلا شك في أن الخطط اللازمة لغزو نورمانديا في الحرب العالمية الثانية كانت تكفي لملء غرفة كبيرة حتى سقفها، إلا أن الجنرال أيزنهاور بدأ قرار الغزو بجملة بسيطة فقال “ستدخلون أوربا، وستقومون بعمليات عسكرية تهدف لضرب قلب ألمانيا وتدمير قواتها المسلحة”.

وبناءً على هذه الجملة تحرك أربعة ملايين جندي، وخمسة آلاف قطعة بحرية، وخمسة آلاف طائرة مقاتلة للحرب من أجل أوربا، ولقد وضع الخطط لتلك الحرب مئات من ضباط الأركان، ولكن في النهاية تحرك ملايين الجند والقطع البحرية والطائرات بناءً على هذه الكلمات البسيطة التي قالها أيزنهاور، واحرص أن تكون أوامرك مناسبة للشخص المناسب، وأن تستخدم الكلمات البسيطة وتبتعد عن التكلف.

استخدام الكلمات البسيطة لا الفخمة عند الكتابة أو التكلم

وليس من الواجب استخدام الكلمات الفخمة عند الكتابة أو التكلم، فالكلمات البسيطة تجعل المعاني تتحرك بإنسانية أكثر للآخرين، وركز على نقطة واحدة ولا تشتت نفسك، واستعمل التعبير الشفوي قدر الإمكان بدلا من النصوص المكتوبة، ودع أسلوبك يتكلم عن شخصيتك دون الالتزام بقواعد النحو.

فإذا أردت أن تضمن استيعاب الآخرين لأوامرك فعليك أن تطلب من الآخر أن يكرر الأمر على مسامعك، واطلب منه أن يطرح عليك الأسئلة إن تعذر عليه الفهم، واطرح أنت عليه الأسئلة أيضاً لتتأكد من استيعابه للأمر.

كيف تصبح قائداً؟

وكما يعرف ديباك شوبرا في كتابه روح القيادة بأن القادة LEADERS هي كلمة مكونة من روح القيادة ف L تعبر عن أن انظر واستمع، و  E تعبر عن الترابط العاطفي، وحرف ال A يعبر عن الوعي، و D تعبر عن الفعل والعمل، وE تعبر عن الدعم والتمكين، وR تعبر عن المسؤولية، وS تعبر عن التزامن الذي تخلقه بين هذه الأركان التي تجعل منك قائداً.

ماقاله بعض الفلاسفة والحكماء حول القادة والقيادة

وكما يقول جون مكسويل أنه لا يمكن إجبار التابعين في المؤسسات الخيرية على التعاون، فإذا لم يكن للقائد تأثير عليهم، فإنهم لن يتبعوه إذاً، وعندما يكون الناس تحت تأثير شخص يفوض السلطة، فإنهم يشبهون الورق العادي بين يدي فنان موهوب.

وكما قال ونستون تشرشل ذات مرة بأن الديمقراطية هي أسوء نظم الحكم، لولا أن جميع النظم التي تمت تجربتها قبلها أسوأ منها.

فالقيادة يمكنك تعلمها، بل يجب أن تتعلمها، إنها مهارة وليست عادة مكتسبة كما يقول بيتر دركر.
ومن لم يتعلم الطاعة كما يؤكد أرسطو بأنه لن يستطيع القيادة.
وكما يقول نيتشه بأنه صعب أن تعمل أشياءً عظيمة، والأصعب بأن تقود أشياء عظيمة.

فاجعلها أقرب للاقتراحات منها إلى الأوامر، واحترف فن توجيه الأوامر الذي يهابه معظم الناس، ولا تميل إلى جنون السلطة الذي ينتاب بعضهم عندما يتولون المناصب.

فيديو مقال اقتراحات وليست أوامر

أضف تعليقك هنا