الألفة

عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس” رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب.

وكما تقول فيرجينيا ساتير بأن الاتصال هو عملية أخذ وعطاء للمعاني بين شخصين.

معنى الألفة

فالألفة هي من طبيعة الإنسان لأنه بطبيعته اجتماعي، وأساس العلاقات الاجتماعية هو أن يحصل ألفة فيها، فنحن ننجذب لمن يشبهنا، ونصادق من نظن أنه قريب من اهتماماتنا واعتقاداتنا، وهذا الأمر لا يصلح في فرق العمل، فتعريف فرق العمل هو أن يعمل عدد من الناس المختلفين عن بعضهم، وإلا فإنهم إن كانوا متشابهين فإنهم ليسوا بفريق، بل هم شخص واحد حتى لو كانوا مئة شخص متشابه.

ونحن لا نعني بالألفة هو أن تكون كالآخرين وتنسف نفسك تماماً ، بل أن توائم الآخرين وتجاريهم بألا تخلق تنافر بينك وبينهم، وأن تصبح قريباً منهم ومن قلوبهم، دون أن تنسى نفسك أو أن تغيرها.

ظهور تفصيل وشرح للألفة في علم البرمجة اللغوية العصبية

وقد ظهر تفصيل وشرح للألفة في علم البرمجة اللغوية العصبية، وجاءت التطبيقات العملية التي نستطيع تطبيقها في أي وقت ومع أي شخص، لأن هذا العلم NLP هو علم إنساني وليس محصور لثقافة معينة، أو قبيلة أو بلد، وإنما هو علم إنساني، ومن خلاله توجد هناك تكتيكات لتحقيق هذه الألفة، وهو منهج ثوري للتواصل الإنساني والتطوير الذاتي.

وكما يقول هاري ألدر وبيريل هيذر بأن التفكير بشكل مختلف، يجعلك تتصرف بشكل مختلف وبالتالي تحصل على نتائج مختلفة، فمعنى أي اتصال هو رد الفعل الذي ينجم عنه.

وإن البرمجة اللغوية العصبية تنصب على الهيكل أو البنية، وليس على المحتوى أو المضمون، وهي لا تصدر أحكاماً كما يقول إيان ماكديرمونت وويندي جاجو.

على ماذا ترتكز الألفة لكي تتحقق بين الأشخاص

وكما يقول جوزيف أوكونور وإيان ماكديرمونت بأنك نظام يحيا في ظل عالم من الأنظمة، ففي تواصلك مع الآخرين عليك بالألفة، ولكي تحقق الألفة مع الآخرين هناك ما يسمى بالأنظمة التمثيلية والفيزيولوجيا وطبيعة الصوت كما يشرحها علم البرمجة اللغوية العصبية في مستويات المجاراة أو التوافق والألفة.

الأنظمة التمثيلية

ففي الأنظمة التمثيلية يقسمها لنظام بصري وسمعي وحسي ورقمي.

  • فالبصري هو شخص يتحرك بكثرة ويومئ باستمرار، وهو شخص يلتقط الصور ويحفظها بسرعة، ويستخدم كلمات مفتاحية تدل على نظامه البصري منها مثلا “منظر، شاهد، صورة، إطار، شكل، ألوان، واجهة، وضوح، توهج …”.
  • والسمعي هو شخص أهدأ من البصري وهو ينعم بالموسيقى ويحفظ الكلمات أكثر من البصري، ويستخدم كلمات مفتاحية مثل “كلمة، قال، موسيقى، تكلم، ترنم، تفاصيل، تحدث …”،
  • والحسي هو أهدأ الأنظمة وهو يتعامل مع المشاعر ويستخدم كلمات مفتاحية مثل “يشعر، يلمس، يتذوق، يشم، يخدش، يحس …”،
  • أما النظام الرقمي فهو نظام غير محدد أي أنه ليس بصري ولا سمعي ولا حسي، وعند تواصلك مع الآخرين فتذكر أن تجاري الكلمات المفتاحية لهذه الأنظمة حتى تخلق ألفة قد لا يلاحظ الآخرون ماذا تفعل وإنما هي فعالة لخلق الألفة.

الفيزيولوجيا

والفيزيولوجيا تعني وضع الجسم، وهو ما يطلق عليه علم البرمجة اللغوية العصبية بالمرآة، أي أن تعكس وضعية جسم الآخر عن قصد منك، وهي تختلف عن التقليد لأن التقليد يظهر وكأنه سخرية من الآخر، وهو ما يخرب العلاقات.

أما الانعكاس كما يطلق عليها، وهي مجاراة معاكسة وعند عملك لها فلا تعملها وكأنها متكلفة بل اعملها طبيعية، ومنها انعكاس للجسم كاملاً، ومنها انعكاس لنصف الجسم، أي إن حرك الآخر يده اليمنى مثلاً فأنت حرك قدمك اليسرى، وإن أخذ مثلاً كأس الشاي الذي على الطاولة بيده اليمنى، فأنت حرك الأوراق بيدك اليسرى مثلاً، وهو ما يسمى بالانعكاس وهو الجزء البصري من التوافق أي الفيزيولوجيا.

طبيعة الصوت

أما طبيعة الصوت ففيها بعض التكتيكات التي نستطيع أن نعملها، مثلا أن توافق سرعة حديث الآخر، وأن تجاري طبقة صوته، وجهارته وخفوته، فإن كان يتحدث ببطء فتحدث ببطء، وإن كان يتحدث بسرعة فتحدث بسرعة، وإن كان يصرخ فاصرخ معه لفترة ثم ابدأ بعملية القيادة التي تأتي بعد المجاراة والألفة بأن تخفض صوتك، وما يلبث هو أن يخفض صوته، وهو ما يطلق عليه بالمجاراة والقيادة، وإن كان مثلاً يهمس فتكلم بصوت منخفض لتجاريه، وهذا ما يسمى بطبيعة الصوت.

هل نحتاج أحيانا لكسر الألفة؟

وفي كثير من الأحيان نحتاج لكسر الألفة، وذلك بأن نكسر التوافق، مثلاً عندما نريد أن ننهي اجتماعاً، أو عندما نكون في التفاوض ولم نرض عن أحد البنود لكي نشعر الآخر بالضغط وغيرها من الحالات، وإنما الأصل في حياتنا هو أن نبني ألفة مع الآخرين.

نوع من الألفة طبقها النبي محمد صلى الله عليه وسلم

وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد بصوت له جهوري، فقلنا: ويلك اخفض من صوتك فإنك قد نهيت عن هذا، قال لا والله حتى أسمعه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بيد “هاؤم” (بنحو من صوته)، قال: أرأيت رجلاً أحب قوماً لما يلحق بهم، قال ذلك مع من أحب. أخرجه الطيالسي والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان.

فهذا نوع من الألفة التي طبقها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي رفع صوته بأن رد عليه ب “هاؤم” بنحو من صوته.

فابن ألفة مع الآخرين لتزيد من حبك في قلوبهم، فلا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وطبق أدوات البرمجة اللغوية العصبية كلما سنحت لك الفرصة، لكي تخلق مزيداً من الألفة والتواؤم.

فيديو مقال الألفة

أضف تعليقك هنا