السامريون

من هم السامريون؟

أكثر من 600 ألف من بني إسرائيل يجتازون البحر بخارقة ربانية ومعجزة إلهية، وفي الوقت نفسه يُغرِق الله عدوهم فرعون وجنوده وهم ينظرون، وتظهر جثة فرعون لهم ليعاينوها، ليس هذا فحسب بل سبقها تسع آيات ومعجزات، فكان المجموع عشر آيات كانت كافية لتجذير الايمان وترسيخ التوحيد وتعميق العبودية لله المجيد.

السامريون (بني إسرائيل) وتحولهم لعبادة العجل الحيوان

وما هي إلا أياماً معدودة حتى تركوا عبادة ربهم الرحمن إلى عبادة العجل الحيوان!، والغريب أنهم جميعاً وقعوا في هذا الفخ (أو أغلبهم)، والأغرب أن هذا حدث مع وجود نبيٍ كريم بنينهم ينصحهم ويرشدهم وهو هارون u ، ذلك أن موسى u خرج لميعاد ربه ووعدهم بالعودة، واثناء غيابه حدث الخطب الجلل، ومن هنا كان السؤال المهم والحيوي والضروري: كيف انقلب حال هذا العدد الكبير وهم مَن عاين المعجزات وعاصر النبوات؟ ما الخطب الذي حصل؟

على من أوقع اللوم نبي الله موسى في ترك بني إسرائيل لعبادة الله؟

يبين ربنا ذلك في كتابه الكريم، فبعد عودة موسى u واستنكاره لشناعة فعلهم، علم أنه وقعوا ضحية لـ ” السامري”، وبدأ بتوجيه اللوم إلى قومه وأخيه هارون u قبل محرك الفتنة الأكبر وهو “السامري“.

ولعل من أسرار ذلك، لأن القوم هم المسؤولون عن تصرفاتهم فكان عليهم ألا يتبعوا كل ناعق، أما هارون u فهو المسؤول أن يحول بينهم وبين انحرافهم فهو المؤتمن عليهم. وأما السامري فذنبه يجيء متأخراً لأنه لم يفتنهم بالقوة، ولم يطمس على عقولهم، إنما أغواهم فاستجابوا له، وقد وكانوا يملكون أن يثبتوا على هدى نبيهم الأول ونصح نبيهم الثاني. فالتبعة عليهم أولاً وعلى راعيهم بعد ذلك. ثم على صاحب الفتنة والغواية أخيراً.

(السامري) صاحب الفتنة والغواية

أما ” السامري” فليس لدينا نص صحيح صريح عنه، يُقال إنه رجلٌ من أهل باجَرْما، وكان من قوم يعبدون البقر، وكان حُبُّ عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام مع بني إسرائيل وقيل إنه من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها السامرة.

يلتفت إليه موسى u  ويسأله باستغراب:” قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيّ” والخَطبُ هو الأمر الجلل والشديد، فإذا قيل لمن يفعل شيئاً ما خطبك؟ معناه ما طلبك له والغرض منه الإنكار عليه وتعظيم صنعه، وكأنه يقول له كيف استطعت تحويل بني إسرائيل من عبادة الواحد الديان إلى عبادة الحيوان؟

كيف استطاع السامري تحويل بني إسرائيل من عبادة الواحد الديان إلى عبادة الحيوان؟

فلنقرأ لنعرف الجواب عن ذلك الخطب:” قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مّنْ أَثَرِ الرّسُولِ فَنَبَذْتُهَا” خطة محكمة تبدأ من دقة الملاحظة فبصُر أقوى من أبصر، أبصرته بمعنى رأيته وبصرت به بمعنى صرت به بصيراً عالماً، ثم قبض والقبضة تكون بملء الكف، والقبصة –بالصاد- بأطراف الأصابع، من أثر الرسول (جبريل u) قيل أثر فرسه، وقيل هو العلم (من علم الأنبياء).

والشاهد أنه عرف شيئاً لم يعرفه الآخرون، وسواء كانت من الرؤية البصرية، أو من رؤية القلب والعلم.

الخطة التي عمل بها السامري لإغواء بني إسرائيل

هو يدرك إنَّ الناسَ لن تستجيب له في العبادة ما لم يكن عنده ارتباط بالرسل، فتتبع آثار الرسول وأخذ منه ثم أضاف إليه ما يريده فسرَّب القناعة الجديدة من خلال المعلومة المفيدة والصحيحة، فكيف إذا أضاف لها سلوكَ أهل الدين والصلاح، فلا شك أن ذلك أدعى للقبول.

فكانت الخطة من الخطوات التالية:

  1. تحديد المطلوب: أن يعبد بني إسرائيل العجل.
  2. دقة الملاحظة: بصُرت
  3. انتقاء من علم الرسل (المطاعون في العبادة)
  4. ترويج الشبهة من خلال علم الرسل.
  5. تحقيق الهدف المنشود.

الحكمة من تكرير القرآن الكريم لقصة السامري في أكثر من موضع

لقد كرر القرآن الكريم قصة السامري في أكثر من موضع، ليس لأنها عبادة غير الله فقط، وإنما لدروس وفوائد عديدة لعل منها إدراك خطورة السامريين (لن أسميهم علماء) الذين يتواجدون في كل زمان ومكان فلا يكاد يخلوا منهم مجتمع ولا يسلم منهم زمان، فهم ينتقون من علم الأنبياء والرسل ثم يبنوا عليها أبراجاً من الخواء، وفي المقابل على الناس أن يدققوا النظر ويعملوا الفكر في كل ما يُقال لهم فلا يسمعوا لكل ناعق ولا يستسلموا لكل بارع، فالسم قد يكون مع العسل، وقد يكون الثمن غالياً جداً، بل ربما تخسر فيه دنياك وآخرتك.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

فيديو مقال السامريون

أضف تعليقك هنا