لغة أخرى..

لا نقصد اللغة اليابانية أو الصينية أو الاسبانية أو الفرنسية أو الانكليزية، وإنما نقصد لغة يفهمها جميع الناس في أي مكان في العالم، ويفهمها الصغير والكبير، والرجل والمرأة، فنحن نقصد لغة الجسد.

التواصل عبر لغة الجسد

وكما يقول ياسر حماية بكتابه فن لغة الجسد بأنها: “لغة تواصل حديثة، وتعتمد على تعابير الجسد ومصطلحاته، وهو علم يدرس طرق التواصل غير اللفظي”.

ونتيجة للتوصيلات الموجودة بين الملايين من الخلايا العصبية، هناك ثلاث حقائق متباينة في دماغ الانسان (الدماغ هو الآلة، أما العقل فهو الوظيفة)، وهي حقيقة أو واقع معرفي إدراكي تعليمي الذي يسمح بإجراء العمليات المنطقية، وحقيقة أو واقع حسي حركي يسمح بالقيام بالحركات واستعمال الحواس، وحقيقة أو واقع نفسي شعوري الذي يسمح بربط المشاعر بالأحداث، وإن قوة الإنسان تكمن في قدرته على ربط واستعمال هذه الحقائق الثلاث آنياً وفي نفس الوقت لإصدار فعل واعي.

أخطاء تعيق الاتصال عبر لغة الجسد

ومن أخطاء لغة الجسد كما يقول خالد آل عوض، فإن لغة الجسد الإيجابية تتسم بالقوة، كما أن الرسائل السلبية غير الشفهية التي تبعث بها للآخرين عادة ما تكون مفرطة للقوة، وتأخذ اتجاهاً معاكساً لما نريد، لذلك علينا أن نتجنب ما يلي:
الدخول المتردد، والنظرات المسدلة، وإمالة الذقن لأسفل، ومصافحة الأيدي ببرود، وسحق الأيدي عند المصافحة، والتململ، والتنهد، والتثاؤب، وهرش الرأس، وعض الشفة، وفرك مؤخرة الرأس أو العنق، وتضييق العينين، ورفع الحاجبين، والنظر إلى الشخص الآخر من فوق نظارتك، وتقاطع اليدين أمام الصدر، وفرك العينين والأذنين أو جانب الأنف.

تأثر الحواس والدماغ بلغة الجسد  

وإن الوجه ليس حيادياً أبداً، وكما يصنفها ياسر حماية فهناك أربع قواعد تتحكم في قسمات الوجه وإيماءاته، وهي القاعدة الفصية نسبة إلى فصي الدماغ، وقاعدة التطابق مع الغير، والقاعدة الحسية المتعلقة بالحواس، وقاعدة اتجاه الحركات.

ففي القاعدة الفصية هناك ثلاث معلومات مهمة وهي أن الذكاء العقلي كمادة خام، والمشاعر لديهما مكان مخصص في الدماغ، وكل مناطق الدماغ المتعلقة بعملية التعلم تتفاعل بشكل جماعي لمنبهات الوسط الخارجي للإنسان، والفص الأيمن للدماغ يحرك الشق الأيسر للجسد، والفص الأيسر للدماغ يحرك الشق الأيمن للجسد.

وقاعدة التطابق مع الغير، وهي التبادل مع الآخرين، وهي موهبة فينا منذ الولادة تمكننا من التكيف مع الآخرين، وبواسطة قاعدة التطابق مع الآخرين يستطيع الفرد أن يدرك نظرة الآخرين إليه بواسطة حاسة البصر.

والقاعدة الحسية، وهي أن الحواس ممثلة في قسمات الوجه وإيماءاته، وإن الحركات اللاواعية تحاول إعاقة تأثير الأحداث الخارجية فينا، وهذا كلما أوحي إلينا ذهننا ب (لا تسمع)، (لا تنظر)، (لا تحس) (من حاسة اللمس)، (لا تتكلم) وهذه الأخيرة مثلاً تدفعنا إلى إطباق الشفتين، وتقريباً كل الأفعال (من كلمة فعل عند أهل اللغة) مرتبطة بالحواس الخمس، وإن الحركات الصغيرة (الدقيقة) في الوجه ما هي إلا ترجمة مادية لشعورنا بمعنى تلك الأفعال.

وقاعدة اتجاه الحركة، وذلك بحسب الحالة النفسية وتكون على مساحة لا تتجاوز ثلاثة سنتيمترات مربعة.

وكما يقول آلان وباربارا بييز في كتابهما المرجع الأكيد في لغة الجسد بأن المهم هو كيف كنت تبدو عندما قلت هذا الكلام، وليس الكلام في حد ذاته، وحدة الملاحظة تعني أن تكون قادراً على رصد ما بين كلمات الشخص ولغة جسده من تناقضات.

فسبعة من كل عشرة أشخاص يضعون ذراعهم اليسرى على اليمنى عند ثني الذراعين كما يقول آلان وباربارا بييز، والاختلافات الثقافية كثيرة، ولكن إشارات لغة الجسد الأساسية واحدة في كل مكان.

مدلولات مختلفة للغة الجسد 

وكما يقول آلان وباربارا بييز بأنه اقرأ الإيماءات في مجموعات، فحك الرأس يعني عدم التأكد، ولكنه أيضاً علامة على وجود قشرة الرأس، وعندما تتناقض كلمات الشخص مع لغة جسده، تتجاهل النساء ما يقال، فابحث عن الانسجام، واقرأ الإيماءات في سياقها.

وتزييف لغة الجسد أسهل مع الرجال منه مع النساء، لأن الرجال عموماً لا يقرؤون لغة الجسد جيداً، والكاذب لا يستطيع التظاهر سوى لفترة قصيرة فقط، والإنسان العصري أسوأ في قراءة إشارات الجسد من أسلافه، لأننا الآن تشتتنا الكلمات.

وكما يقول آلان وبارابار بييز بأنه: “ما الفرق بين الملاحظ والصائد الذي يتتبع الفريسة؟”
ورقة وقلم.

فالكلاب المستسلمة تظهر حلقها، أما البشر فيظهرون راحة اليد، وعندما يكذب الرجال، يمكن أن تكون لغة جسدهم واضحة، أما النساء فيفضلن أن يبدين مشغولات عندما يكذبن، وتحويل راحة يدك من اتجاهها لأعلى إلى اتجاهها لأسفل يغير فهم الآخرين لك تماماً، والمرأة التي تظهر إشارات الأنوثة الشديدة في اجتماع عمل جاد تفقد مصداقيتها، ويمكن أن تفشل اللقاءات الأولى بين الرجال والنساء بسبب طرق المصافحة السيئة، وتسبب الابتسامة الطبيعية تجعدات مميزة حول العينين، والأشخاص غير الصادقين يبتسمون بأفواههم فقط، وقد أثبت العلم أنه كلما زاد تبسمك، زادت ردود أفعال الآخرين الإيجابية نحوك، وعندما تطوي ذراعيك تقل مصداقيتك جداً، وفي اليابان تأكد أن حذاءك نظيف تماماً وفي حالة جيدة، ففي كل مرة ينحني فيها الياباني يتفحص حذاءك، فإذا لم تكن متأكداً من أسلوب التعامل بأدب مع ثقافة شخص آخر، فاسأل أهل البلد لتعرف كيف تسير الأمور.

وأفضل سياسة دائماً هي أن تقول الحقيقة، إلا بالطبع إذا كنت كاذباً ماهراً بشكل غير عادي كما يقول جيه جيروم.

والنظرة الطويلة يمكن أن تولد مشاعر حميمية، واستخدام النظرة المناسبة يعطي مصداقية، ويسمح للأطباء ومصففي الشعر بالدخول في منطقتنا الحميمية، ونسمح للحيوانات الأليفة بذلك دائماً، لأنها لا تشكل أي تهديد، وهز القدم يشبه محاولة المخ للهرب من الموقف الحالي، والسيقان المفتوحة تظهر ثقة الرجل، والمغلقة تظهر تحفظه، والإيماء بالرأس يشجع على التعاون والاتفاق، والجلوس في مواجهة الآخر مباشرة يخلق أجواء سلبية، وليس المهم ما تقول والمهم أين تجلس، والانطباعات الأولى هي بمثابة الحب من أول نظرة في عالم الأعمال.

الأسرار الستة للغة الجسد

وكما يقول آلان وباربارا بييز بأن الأسرار الستة للغة الجسد الجذابة هي الوجه، فاجعل وجهك مشرقاً حافلاً بالتعبيرات، واجعل الابتسام عادة دائمة لك، واحرص على أن تظهر أسنانك من حين لآخر، والإيماءات، فكن معبراً، ولكن بدون إفراط، واجعل أصابعك مغلقة عندما تومئ، ويديك أسفل مستوى ذقنك، وتجنب ثني ذراعيك أو تشبيك قدميك، وحركة الرأس، فاستخدم الإيماء بالرأس ثلاث مرات عندما تتكلم، وإمالة الرأس عندما تصغي، واجعل ذقنك لأعلى باستمرار، والاتصال بالعين، فحافظ على الاتصال بالعين مع الآخرين بالقدر الذي يشعر الجميع بالارتياح، فما لم يكن النظر للآخرين محظوراً ثقافياً، فإن من ينظرون للآخرين يكتسبون مصداقية أكثر ممن لا ينظرون، ووضع الجسم، فمل للأمام وأنت تستمع، وكن منتصباً وأنت تتحدث، والمساحة الشخصية، فقف على مسافة من الطرف الآخر تجعلك تشعر بالارتياح، وإذا تحرك هو للخلف، فلا تخط أنت للأمام مرة ثانية، والمحاكاة، فقم بمحاكاة لغة جسد الآخرين، بطريقة رقيقة وخفية.

كيف استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لغة الجسد في تواصله مع الآخرين؟

وقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتقن لغة الجسد في إيصال الرسائل النبوية، وقد وردت الكثير من الأحاديث الشريفة لتصف ذلك، فعن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: “صبحكم ومساكم”، ويقول: “بعثت أنا والساعة كهاتين”، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى. رواه مسلم.

وعن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهما قال: لا أعلمه إلا رفعه – قال: “يقول الله تبارك وتعالى: من تواضع لي هكذا – وجعل يزيد باطن كفه إلى الأرض، وأدناها إلى الأرض – رفعته هكذا”، وجعل باطن كفه إلى السماء، ورفعها إلى السماء. رواه أحمد.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو”، وضم أصابعه. رواه مسلم.

وعن سفيان الثقفي رضي الله عنه قال: يا رسول الله، أخبرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحداً بعدك، قال: “قل: آمنت بالله، ثم استقم”، قال يا رسول الله، فأي شيء أتقي؟ قال: فأشار بيده إلى لسانه. رواه أحمد.

وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول “ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي” رواه البخاري.

فتعلم اللغة الأخرى في التواصل، وهي تواصلك غير اللفظي، وتعلم لغة الجسد ليحبك الناس وتجذب القلوب إليك.

فيديو مقال لغة أخرى.. 

أضف تعليقك هنا