مرحلة حرجة يلزمها إجراءات طارئة في حروب الوعي الدائرة

ربما استوجب النظر في تشريع قوانين خاصة حقيقية لمواجهة “الإرهاب الفكري و التسميم العقلي وكسر البديهي” الذي هي أذرع رئيسة لخصوم الإنسان والإنسانية عموماً والوطن وشعبه خصوصاً ضمن حروب الوعي القائمة والتي تدور رحاها كحرب شاملة أصبحت أساسية لكل أنواع الصراعات الأخرى عسكرية وسياسية وإعلامية، حين انتقال الصراع إلى أرض العقل…

مما يستلزم النظر في تكوين لجنة خاصة من أفراد ونُخَب الفكر والعلوم المجتمعية بقيادة “هيئة متخصصة” كالشؤون المعنوية للقوات المسلحة ولديها تجارب حقيقة في حقل حروب الوعي التي تدور على أشدها وبها تمزقت دول وزهقت فيها دماء بريئة…

ما مدى خطورة الحروب القائمة ضد الوعي على المجتمعات؟

ولما لحروب الوعي من خطورتين أراهما رئيسيتين أولهما أن الضرب والتدمير والهدم في تلك المعركة يأتيك من بين أبنائك دون وعي أو إدراك “زاعمين أنه الحق المبين وأنه بناء وليس هدم عن يقين” ..أو تراهم مُحَقِرين أو مُكَفِرين أو قتلة مأجورين لأي “آخر” يختلف عنهم..

فربما هُدِمت بلاد وزهقت الأرواح بأيدي أبنائها بوحي من شيطان في فكر أبنائها..

فالخطورة الأولى أن الضرب يأتيك من بين صفوفك…

والثانية الجهل والتجهيل بطبيعة تلك الحروب وأدواتها ووسائل الدفاع والتصدي لها والتي ربما بها يكون المجتمع قادر وفي زمن قياسي تجفيف منابع الفكر “المخصب والذي لازال يتم تخصيبه” يومياً تحت غفلة وجهل.

لأعين رقابية وتشريعيه مؤسسية -إلا النادر واليسير مكتوف الأيدي- بكوارث فكرية كالفيروسات والبكتيريا تزحف بين السطور والكلمات، تبث سموم الفكر والكراهية والعصبية والغباء.. فقط بين سطور وكلمات..!

دعوة أصحاب الفكر لمواجهة مَن يقوم بتجهيل العقول ومحاربة الوعي  

لذا كانت الحاجة ماسة الآن لتشريع قوانين حقيقية حاسمه ضد مٌتضطهدٍي حقوق الإنسان الآدمية “بالتجهيل و دعاوي العصبيه وكل ما يخرب عقلاً أو فكراً أو يتلاعب بالنفس للأفراد و الجماعات …

بدلاً من قوانيين شُرَِعَت, مطاطة, مترهلة, مبهمة من قبل هواة -مع تقديري لهم, كلٌ في موقعه- في عالم جديد، وحرب جديدة، تحتاج وسائل جديدة وتشريعات للدفاع … من قِبَل “متخصصين” “كهيئة استشارية “حقيقية في مجال “معركة الوعي” الفكرية والدفاع عنه مما يساعد المجتمع بأسرة ومؤسسات الأمن الداخلي والخارجي في أرض المعركة الشاملة في قطاعات الوعي والإدراك المجتمعية الشعبية…

فبدلاً من أن يعمل المفكر والفيلسوف والعالم في مجالات الفكر الإنساني والمجتمع والعقل بجهوده الفردية فلتكن منهم قوة مجتمعة كهيئة منفصلة ومستقلة تابعة مباشرةً لرئاسة الجمهورية، تختص بحروب الوعي على المستوي الاجتماعي الفكري، حيث تنبع كل المحرمات التي تم زرعها بأيدي صُنَاع القتل والعصبية الجاهلية اليوم.. ونصطدم بتوابعها الآن دون مجابهة فعالة حقيقية وإهدار موارد وطاقات قادرة ومتخصصة بيننا خارج إطار أو هيكل رسمي له صلاحياته ووسائله..

فلدينا من المفكرين والفلاسفة والعلماء في كل المجالات -ممن إذا ما تمت الإستعانة بهم لصد العدوان الفكري والتزييف العقلي والمسخ النفسي من الداخل والخارج -فلهم القدرة على إيجاد الحلول الجذرية للمعضلات والتحديات -كلٌ في موقعه- خارج نطاق الهيكل المترهل المشرع والقائم على النظر في أمور جديدة ووسائل مستحدثة وأمراض مجتمعية مستنسخة، وإيجاد الدواء لها إنقاذاً لأجيال، ربما تأخرنا في الإسراع نحو الفهم الجيد للجديد من وباء واقع عليها اليوم وغداً، وقصرنا في الدفاع عنها والتشجيع لمكامن القوة فيها الباقية…

أهم ما يلزم المجتمعات لمواجهة محاربي الوعي والفكر 

ومع مزيد من التأخر في أخذ خطوات حاسمة يصعب حل الأمور كماً وكيفاً..

فلنعطي زمام الأمر لأهله كمبادرة لتصحيح الخطاب العقلي والذي منه الخطاب الديني وغيره من القطاعات التي تشن الحرب بها وفيها بالتعاون مع القطاعات الأخرى,

فليكن هناك مجلس قيادة للفكر في معركة الوعي..

فرُبَّ مفكرين جينيرالات في أرض معركة الوعي القائمة وفلاسفة قادة لكتائب من عقول مدنية مجتمعية قادرة على النظر وطرح الحلول للمعضلات الشائكة وعلماء لغة و اجتماع ونفس وإنسانيات على أتم الاستعداد لأمر استدعاء وتعبئة من قبل إداراة البلاد، فهم الأولى والأقدر على تحليل الأمر، وتشخيص الأمراض، والوباء الفكري المجتمعي كأحد آثار ممارسات تدمير الوعي والإدراك من الداخل ربما جهلاً ومن الخارج تربصاً وحقداً…

فقد حانت لحظات حرجة تستلزم إعادة النظر في كل الأغذية العقلية والفكرية المسممة والبديهيات المجتمعية المنكفئة…

“إن أخطر الأشياء على العقل الإنساني.. انكفاء البديهيات” ماركوس أوريليوس

وربما أوجب استقصاؤنا النظر عدولاً عن المشهور والمُتعارف، فمَن قَرَعَ سمعَه خلافُ ما عهده، فلا يُبادرنا بالإنكار، فذلك طيشٌ، ورُبَّ شَنِعٍ حقٌّ، ومألوفٍ محمودٍ كاذبٌ، والحقَّ حقٌّ في نفسه، لا لقول الناس له. “ابن النفيس”

فتلك منابع الخطورة في المعركة الدائرة، فوجب الإستعانه لأهل النظر فيها بجديد لمواجهة جديد من أجل نتائج جديدة نرغبها، وتحاول الإدارة المخلصة في البلاد تحقيقها…

فبدلاً من تولية الأمر المجتمعي لطاقات قادرة على التصدي ولكنها فردية ربما عَظُمت إذا ما سٌهِلَ لها  وسائل رسمية وقنوات..

أو بدلاً من تولية الأمر لهواة في مجال الحروب العقلية، حروب يلزمها احترافية متكاملة في التعامل معها، خارج نظام السائد في قطاعات ومؤسسات إدارية ومجتمعية “كانت جزءاً من قريب أو بعيد” في الخلل الحادث في الوعي الجمعي عبر سنين والوضع الحالي المتأزم في صور كثيرة، منابعها كلها واحدة :” العقل والبديهيات ” المصابين بقدر غير قليل من الجهل والغباء، والنتائج قد تصل إلى حد الفناء، والعدو هو ألد الأعداء، والمطلوب قادة مفكرين جينيرالات وعقول جنود -ضمن جيش مجتمع مدني- أشداء، قادرين بالعلم الحقيقي تطهير العقل الجمعي من بلاء وإراقة الدماء والحفاظ علي ما بقي منه أملاً في البقاء فلا خيار آخر في نتائج تلك المعارك إلا الفناء…

فمحاولة الحل بنفس الطريقة اعتماداً على نفس الوسائل ستؤدي لنفس النتائج…

وليكن مصير الفناء لمن أصر على الغباء و أوقد نار الفتن والعصبية تعنتاً أو إستعلاء..

ولتكن الوصاية والإشراف على الأمر لمبدأ “الإنصاف للحقيقة” لا غير..

ضاربين على يد ناسخي الجهل من السفهاء وتبوير أرض السفه المُخَصبة لنسخ آفة الغباء..

طرق أصحاب التدمير الفكري في تجهيل أصحاب الفكر  

فكثير من البديهيات المكسورة أصبحت عادية وهي منبع من منابع الكوارث وربما حقرنا منها ظناً منا -عن جهلٍ- أن هناك ما هو أولى..

وكثير من المدمرات العقلية في الإعلام والفنون مما لا يقع تحت طائلة عين رقابية تفهم ما تراقبه من وسائل وأدوات وأساليب الصراع والهجوم الشرس، الذي ينهش فينا منذ عقود، وعندما لم تفهم ما تراه تلك الرقابة لم تُحرِم أو تُجرِم كثير من منابت الخلل الحادث اليوم- من فكر متأخون أو داعشي أو مختل فالكل سواء – حيث وجدوا بيئة بلا مناعة عقلية قوية وحماية ثقافية، فظلوا يلعبون ويعيشون كالفيروسات فترة حضانة في جسد مجتمع في منطقة دماغه، حتى ظهرت أعراض المرض بتلك الفيروسات المعدية و التي أمرضت الكثير من عقليات تابعة -كالزومبي تماماً- حيث انتشر الرويبضة يحذرون من الرويبضة من على كل المنابر الدينية والإعلامية  -زي الحرامي اللي بيسبَق في التحذير من وجود حرامية علشان يبعد الشبهة عنه- وتناسخت داخل العقل المجتمعي عادات وصور وبديهيات ثقافية كانت كالغزو الناعم كالغزو الهكسوسي زمان، توغلت فتمكنت من إعداد كثيرة مريضة تابعة، ومع قلة التعليم الحقيقي وأدوات الدفاع وضعف المناعة العقلية ضد “حروب ومعارك الوعي” بدأت منذ سنوات طوال عملية وضع أحجار أساسها على المبدأين الأكثر أهمية “التجهيل و إستنساخ الغباء” …

فانطلقوا يعبثون وما زالت مؤسساتهم تعبث تحت ستار غير مُدرَك من قِبَل أعين رقابية حالية، وغير منظورة أو ملحوظة من قِبَل أعين تشريعية، انطلقوا يستنزفون في قوة العقل الجمعي للمجتمع مطمئنين لعدم وجود “مجلس حرب فكرية مدني” يضم الأعمدة من المفكرين والعلماء والفلاسفة والتي بها مازال المجتمع ثابت، أعمدة فكرية من حاملي مشاعل نور العلم والتي لم تخلو من الهجوم الضروس عليها من قبل هؤلاء الزومبي، التابع الجهول يهدف إلى التشويش عليهم بالسب والقذف والتشكيك بهم حتى لا يتجه المجتمع أو يدرك مدى قوتهم في دحر دواعش الفكر وهدم بنيانه واستأصال بذرتهم…

الدور المتوقع من مصر  لمواجهة محاربي الوعي 

فإن لم تكن مصر فمن يكون..؟!

مصر التي حين نهضت قوتها العقلية وارتقى إدراكها بادت وأفنت منابت الإرهاب، واستأصلت بذوره… حين كانت الحضارة وكانت المدنية هي “مصر” وباقي العالم كانت حينها قبائل تعيش حياة بدائية لا تعلم ماهية الحضارة، وماهية الحياة الكريمة، وكانت منبع لحقوق الإنسان، ومهد ضميره، وجهازه المناعي الأقوى إدراكياً وعقلياً وفكرياً وكذلك عسكرياً…

فإذا لم تكن مصر القائدة في هذا الميدان من المعارك بحضارتها الممتده في الجذور والجينات لأجيال حالية، حيث يمكن استدعاؤها وتفعيلها من خلال الوعي والإدراك، وإظهار عبقرية دامت لسنوات مكبوتة كامنة، تنتظر لحظات التاريخ المصيرية للإنسانية لتنهض وتصحح للعالم كله مساره.

فإذا لم تكن مصر فمن يكون قادراً على ابتكار وسائل وأدوات تصد عدوان لها معه منذ فجر التاريخ صولات وجولات وانتصارات لم يزل يتحدث بها علماء الغرب، ويتدارسونها فيما بينهم لفهم كثير من أساليب بناء الوعي، وهدم المعتقدات الشيطانية واستأصلها من جذورها في أي مجتمع إنساني…

فإذا لم تكن مصر فمن يكون..؟!

“قوتنا ليست في سلاحنا النووي بل في تدمير وتفتيت ثلاث دول كبرى حولنا العراق – سوريا ومصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف الآخر” ديفيد بن غوريون

فيديو مقال مرحلة حرجة يلزمها إجراءات طارئة في حروب الوعي الدائرة

أضف تعليقك هنا

نور حسام الدين مرسي

صيدلي يعمل في مجال الدعايه الطبيه وكاتب مقالات ومهتم بمجالات البيع والتسويق علوم النفس والاجتماع والتنمية البشرية والتطوير