أزمة الكلمة ..!

(العالم قرية صغيرة)

ذلك المصطلح كنت اسمعه حين كنت صبياً ولم أكن اعرف من الاساس ماهو العالم هذا..؟

لم أكن اعرف ما القرية بالضبط ، ولكني اعتقد انها بالمصطلح الشائع في الثقافة المصرية هي “البلد” ..!

وحتي العالم بالنسبة لي كان شيئا كبيراً فحين كنت اخبر أحداً اني احبك اكثر من العالم ، فهذا معناه انه اكبر من اكبر شيء ..!

وعلي أية حال ؛ كل ماكنت متأكداً منه هو ان العالم كما يقولون هو (قرية صغيرة) ..!وحتي وإن لم أكن أعلم من هم بالضبط ، الا ان هذا ما قالوه ، ويجب تصديقه ..!

ومن المستحيل ، بناءاً علي رصيدي المعرفي المحدود بطبيعة الحال كصبي لم يتجاوز العاشرة ، ان أعلم بما تعني او تدل عليه مصطلحات كثيرة بدت براقة حتي بالنسبة لطفل صغير .

وهو ما برع فيه منتجو الثقافة ، وأحبه “ريتشارد بن كرامر “، الصحفي الامريكي المشاكس دوماً – أي صناعة الشعارات والمصطلحات – في خصوص “الهاسباراة” : صناع القصص في “المنظمة الصهيونية” ..

وكانت سينما ومسرح التسعينيات في بلد مثل مصر ـ وأن كنت قد استوعبت هذا منذ وقت ليس ببعيد ـ خير تعبير عن الجدل حامي الوطيس بين من أشار إليهم “صمويل هنتجتون” في أطروحته عن “صدام الحضارات” ب : جيل الآباء العلماني الداعي (للحداثة) وجيل الأبناء الأقرب الي التشدد في التديّن الرافض للحداثة بادعاء انها (تغريب) .

ولكن ما كل تلك المصطلحات المعقدة ..؟!

إن عينة عشوائية من عشرة أشخاص قد تفوح نتائجها بجهل مُطبَّق عن علمهم ومعرفتهم بمصطلح من مصطلحات المتداولة في تلك الحقبة ، مثل ؛ (التغريب). وتجد أغلب التصورات عنه أنه السفر او الإبعاد خارج بلاده أو أي شيء آخر .

ومن هنا سأبدأ .. مع أزمة الكلمة أو (المصطلح) ..!

فقد لفت نظري اعتراض “صمويل هنتجتون” الي ان : الزعم بأن انتشار ثقافة (البوب) والبضائع الإستهلاكية في أرجاء العالم ثمثل انتصاراً للحضارة الغربية ، يجعل الثقافة الغربية تبدو تافهة . إن جوهر الحضارة الغربية هو (الماجنا كارتا) وليس (الماجنا ماك) .

لكن أتدري ؛ وعلى الرغم من أني لا أعلم عن اي حضارة يتحدث بالضبط ..؟! أو بصيغة أخرى ماهو (الغرب) بالضبط في نظر “هنتجتون” ..؟! إلا أن ما كان اثره اكثر عمقاً من تساؤلي عن ماذا يعني الرجل بـ(الغرب) هو ؛ لماذا أغرقنا أنفسنا وحصرناها ما بين (المصطلح) و(التعريف-أي تعريف المصطلح) ؛ وأسلوب التصنيف والتحليل المنفصل السياقات .

إن “عصر التنوير Enlightenment” قام علي نقد التراث الهيليني واللاتيني ؛ ثم تبلور بعد نزع القداسة عنه وتنقيته من الرواسب الدينية ، وهو ما أنتج “عملية التحول” الكبير التي وضعت الأوروبيين علي سبيل ما يطلقون عليه “الحداثة” ، وبالتالي ولكي تتم تلك العملية كان عليهم صياغة مصطلحات جديدة غير تلك التي كانت متداولة ومتضامنة في سياق الادبيات اللاتينية تماماً .

ولذلك فالنصيحة لك ياصديقي .. دقق في “الكلمة” المُرَوّجة والمتداولة جيداً ..
ولعلي اقتبس من القرآن الكريم إشارة {إقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ..}
واقتبس من إنجيل يوحنا إشارة أنه {في البدء كان الكلمة ، الكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ..}

فيديو مقال أزمة الكلمة ..!

أضف تعليقك هنا