للآخر #مقال باللهجة_المصرية

الخوف من المجهول

“وإن كان لابُد من فرح فليكن خفيفياً على القلب، فلا يُلدغ المؤمن المتمرن من فرح مرتين” – محمود درويش

أى حاجة للآخر بتخضنا وتقلقنا، بنخاف منها سواء بوعى أو بغير وعى. للآخر معناها فقدان السيطرة والتحكم فى الحاجة، اللى اوقات بنحب نحتفظ لنفسنا بمساحة أمان من إحكام السيطرة على الأشياء وفى بعض الأحيان على الأشخاص كمان.

فى الغالب احنا مش بنقدر نسيب ايدينا الإتنين مرة واحدة، ولا نطفو بخفه ونسيب التيار ياخدنا ويمشينا.

للآخر معناها المشى فى طريق واحنا مش عارفين ممكن نقابل فيه ايه! للأخرمعناه إحتمالية الألم والفقد والخسارة والخذلان. للآخر معناها الثقة الكاملة والتصديق القوى اللى ممكن يكون فى محله أو لأ. للآخر فى الحب و العلاقات بتبان صعوبته وتكلفته بشكل اكبر ومخاطرته.

ليه بقى بنخاف نحب للآخر أو ندخل فى علاقات للآخر؟

يمكن لأكتر من سبب:

  • خوفنا من إننا نبان بكل اللى فينا “نتعرى”، عيوبنا تبان قبل مميزاتنا. الشعور ده لوحده كفيل يخلينا ناخد خطوة لورا كحماية لنفسنا وحفاظاً على الشكل اللى عايزين نبان بيه على طول الخط.
  • لما نبان بكل ما فينا فيه احتمالية للقبول أو الرفض. واحتمالية الرفض بالنسبة لنا بتكون أقوى فى ذهننا لكونا بشر. فبرضه ده بيخلينا مندخلش فى علاقة للآخر.
  • عدم يقينا من فكرة “الحب غير المشروط” وهى أنى محبوب “بالرغم من” مش “علشان” ده بيخلينا نعمل سور لبعض الأماكن اللى جوانا ونكتب عليها يافطة: “ممنوع الإقتراب أو الإكتشاف”.
  • العلاقات العميقة والحب فيه جانب من الضعف “vulnerability” علينا اننا نقبله ونسمح لنفسنا وللى قدامنا انه يبينه. وده بيكون صعب لأننا بنعتقد أن الصورة الأمثل للبشر هى إظهار الجانب القوى اللى فيهم مش الضعيف.
  • للآخر فى العلاقات والحب بيكون معناها اننا ننزل كل اسلحتنا الدفاعية ونصدق ونفترض حُسن النيه وليس سوء النيه، وده معناه فقدان السيطرة اللى يمكن يكون بيخوفنا.
  • قوة وعمق الشعور بالخذلان والترك والألم بيتناسب طردياً مع عُمق العلاقة. وعلشان نحمى نفسنا من الوجع ده يمكن حتى لا شعورياً مش بنختار نروح للآخر فى أى علاقة.
  • العلاقات السابقة غير الموفقة بيكون ليها دور فى اننا منتعمقش فى أى علاقة تانى. وبيكون جوانا حذر وكأننا بنختبر أرض غير ثابتة تحت اقدامنا.

اكيد فيه أسباب تانية كتير لأننا بشر متنوعين ومختلفين تماماً وخبراتنا كمان مختلفة واستجاباتنا للمواقف بعد كل تجربة بيكون مختلف برضه. واكيد اللى قرر انه ميدخلش فى أى حاجة فى الحياة للآخر عنده اسبابه القوية.

أفكار وأسئلة تراودني..

وعلى الرغم من أنى اشارك البشر فى خوفهم من كل ما هو للعمق وللآخر، وأنا مثلهم أريد تجنب الألم والخذلان والترك. لكنى لم استطيع منع نفسي من التفكير فى التالى:

  • ايه هى الحالة الوسط اللى بين الحب والكره “اسمها ايه؟”
  • ايه هى الحالة الوسط بين القُرب والبُعد؟
  • ياترى كفاية نصف قلب ونصف شعور ونصف خبرة ونصف عُمق؟
  • أيهما أفضل اختبار ملئ الحياة بكل ما فيها من مرتفعات ومنخفضات، أم تجنب جزء منها؟
  • هل لو تجنبت كل ما هو للأخر وبكل الكيان اكون فعلاً قمت بحماية نفسي؟
  • هل الخبرات كلها متشابهه علشان آخد العلاقات كلها بواحدة غير موفقة؟

ما يملئنى الآن بقوة هو الخطوط المرسومة صعوداً وهبوطاً برسم القلب. فلو اردت أن يتجنب قلبى لكل هذا واخترت الخط الواحد الثابت لحكمت على نفسي بالموت. وأجد أن الحياة مماثلة تماماً لذلك، بكل ما فيها من حزن وفرح، نجاح وإخفاق، ابتسامات ودموع، استقبال وتوديع.

المصالحة مع الحياة

والمهارة تكمن فى المصالحة مع الحياة بكل ما فيها. والشجاعة هى فى المحاولات الثانية وكأنها الأولى، هى الدخول للعمق واختبار ملئ الحياة، عمق العلاقات، عمق الحب. ففى الأعماق تكمن المعانى وفى الأعماق تُكتشف اللآلئ. الوقوف على الشاطئ لن يُعطينى خبرة السباحة وإحكام القبضة لن يُعطينى متعة وحرية الطفو.

فإن كان لابد من حُب فليكن أصيلاً عميقاً فى القلب. وإن كانت علاقة فلتكن قوية كقوة الحياة.

فيديو مقال للآخر #مقال باللهجة_المصرية

أضف تعليقك هنا