مخاوفنا

مخاوف التقدم بالعمر

كثيرًا ما ذكّروني بأن العمر يمضي بسرعة البرق مع تسارع الأيام ، أن الجمال يبهت.. والفرص تنفد أن عِقدي الرابع لن يكون بسهولة وامتيازات الثالث.

كثيرًا ما أوهموني أن التقدم في العمر يحمل في طياته شيئًا من الْخِزْي والعار والشعور بالعدم ، لا سيما للمرأة ، فأصبحت ألاحق الأيام بخوفٍ وأرجوها ألّا تفرّ من بين يدي هباءًا ، وانشغلت بحزني على مرورها عن الاستمتاع به.

ذكروني وكدّروني حتى أني صرت أخشى أن أصبح يوما من البنات الثلاثينيات ظنًا مني أنهن منتهيات الصلاحية والحيوية والفائدة وعدم وجود أهمية لهن، ولكنّي أشعر أني الْيَوْمَ أفضلُ بكثير من ما سبق وأن خوفي بات من الماضي وأصبح مجرد سراب

حتى وان لم أُحرز الكثير من الأهداف اللامعة فيما مضى، أصبحت أؤمن أن أعوامي التي ولَّت لم تكن هباءً بما اشتملت من خيباتٍ وإخفاقات وقفزات ومنحدرات وتشتت، لم تكن بلا جدوى رغم مرور الأوغاد والمنافقين رغم وجود الحمقى ومتعددي الأوجه المتلونين.

علمتني الحياة من تجاربها

كلٌ ترك أثراً في نفسي إما درسا تعلمتُه جيداً فأصبحتُ أكثرَ خبرة ودراية بنفوس بني البشر مما سبق وإما غرساً طيباً أزهر في بستان قلبي ورودا، وأضاف إلى جدارِ روحي قوةً وثباتاً

مراراتُ الفقد التي لم تكن لتمر من حلقي عند رحيل كل من اختفى من المشهد، لم تزدني الْيَوْمَ إلا إيماناً بأنه لا أحد يبقى  ولا شيء يظل على حاله في حياتنا موسم اسمه التغير وكشف الأقنعة وأنه يتوجب علينا التعود والاعتياد بل والاستعداد أيضا ،

وأن فراق أحدهم ليس مستحيلا مهما خُيّل إليك أنه مستحيل  وأن الغياب المُباغت أو الغير مُبرَّر ممكناً جدا في هذه الحياة ووارد جدا ،لم يَعُد مرور الأعوام هماً يشعرني بالحسرة ولا عبئا يُثقِلُ على قلبي..، أصبحتُ أرى في تجعيدةٍ ظهرت في وجهي الجمالَ لا الكِبَر والهِرَم وأرى في هدوئي الحكمةَ لا العجز.

أحب نفسي

تعلمتُ كيف أحب ما آلت إليه نفسي بدلا عن السخط والتبرم. وأن أفرح بإنجازاتي الصغيرة ولا أتوقف أمام الأحلام المنصرمة بحسرةٍ مفرطة وجلدٍ للذات ، تعلمتُ كيف أُحافظ على طاقتي من الاستهلاك والنضوب فلم أعد أهدرها مع من لا يستحقون.

تعلمتُ أن الحزن لا ينبغي له أن يطول، ولا يصح كذلك أن نُبالغ في الفرح والإنبهار.. تعلمتُ أن عدد من يَستحقون ثقتك بعد أمك أقرب للعدم، وأن الثبات على قرارٍ قد يكون أهم من اتخاذه، وأن قليلاً من اللامبالاة مفيدٌ جدا لسلامة الصدر والاتزان النفسيّ،

تعلمتُ أن لكل مرحلة جمالها وجمال مرحلتك يكمن في قدرتك على الاستمتاع بالرحلة

تعلمتُ ولَم أكن لأتعلم أيّا من هذا إلا بمرورِ الأيام.. وبعضُ البشر  لذا فأنا الْيَوْمَ افضل.. أفضلُ بلا شك

فيديو مقال مخاوفنا

أضف تعليقك هنا