الكائنات الفضائيه بين الحقيقه والخيال.

بقلم: عمرو محمد عفيفي

تصور لنا بعض الأفلام والكرتون والأعمال الفنيه عن وجود خلق أخر غير الإنسان مثل الكائنات الفضائيه والتي تعيش في بقعه أخري من الكون ، واصبحت هذه الأفكار تُروج خصيصا بين الأطفال ، ويتطرق ذلك الي إعتقاد البعض في وجود مثل تلك الكائنات علي بقعه أخري من الكون تعمر فيها وتسيطر عليها.

تسخير الكون في القرآن.

يقول الله تعالي : “وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . {الجاثية :13} ، فالحقيقه أن هذا الكون كله خُلق من أجل الإنسان و جُعل مسخراً ومهيأً لما تقتضيه حاجته وبالتالي فإنه لا يوجد من ينافس الإنسان في السيطره علي هذا الكون مما ينفي وجود أي كائنات مسيطره أخري.

معني التسخير

إن خصائص الكون موظفه لخدمه الإنسان ، و قد خلق الله تعالي للإنسان عقلاً مهيئً للبحث عن أسرار الكون وإكتشافها وتوظيفها لخدمه أغراضه ، كالإكتشافات والإختراعات التي يقوم بها الإنسان إعتمادا علي خصائص الماده وتطويعها له. فالكائنات البحريه مثلاً لا تستطيع أن تعيش خارج الماء ، بينما إستطاع الإنسان أن يطوع الماده مثل الحديد ليخترع الغواصات وأدوات الغطس والتي يستطيع بها إختراق أعماق البحار والمحيطات مكتشفاً أسرارها و مكتنزاً نفائسها.

كما أستطاع الإنسان أن يسخر خصائص الغلاف الجوي في نقل الموجات الكهروميغناطيسيه والتي تقوم عليها جميع وسائل الإتصالات اللاسلكيه مثل الموبايل والتليفزيون والأقمار الصناعيه وخلافه ، وهكذا إستطاع الإنسان أن يكتشف خصائص الماده ويطوعها في التطوير من نفسه ومن نمط حياته ، بينما ينحصر التطور عند بعض الكائنات الأخري مثل الحيوانات في التكيف مع البيئه من أجل البقاء.

هل الإنسان يتحكم في الكون؟

إن تسخير الكون للإنسان لا يقتضي بالضروره السيطره الكامله عليه والتحكم فيه ، لأن الله سبحانه وتعالي جعل لهذا الكون نظام ونواميس لا يمكن تغييرها والتحكم فيها من قبل الإنسان مثل دوران الارض حول الشمس والذي ينتج عنه تعاقب الفصول الأربعه (شتاء ، خريف ، صيف ، ربيع) ودوران الأرض حول محورها والذي ينتج عنه تعاقب الليل والنهار،

حتي العمليات التي تجريها الأجهزه الحيويه داخل جسم الإنسان مثل نبضات القلب والدوره الدمويه وعمليه الهضم وخلافه كلها عمليات لا إراديه ، ومع ذلك فإن هذا النظام اللا إرادي يصب في خدمه الإنسان وقضاء حوائجه وتمكينه من البقاء. بينما إستطاع الإنسان أن يتحكم بشكل مباشر في الموارد الأخري مثل الحديد والرمال والماء والهواء وغيرها من موارد الطبيعه مستغلاً خصائصها بإدخالها في مجموعه من الصناعات أكثر تطورا للإستفاده منها.

هل ينقرض الإنسان؟

إذا كان الكون مخلوقاً من أجل الإنسان ومسخراً له فإن بالضروره حياه الكون مرتبطه إرتباطاً وثيقاً بحياه الإنسان ، وأن وجود الكون بدون الإنسان ليس له أي معني ، وبالتالي فإن إنتهاء حياه الإنسان علي الأرض تعني إنتهاء الكون وتعطل النظام وقيام الساعه.

الإنسان محور الكون.

من الجلي أن الكون يتمحور حول الإنسان ، بالرغم من ضئاله حجم الإنسان مقارنةً بعظم حجم الكون ، إلا أن الله سخر هذا الكون العظيم لمخلوق ضئيل ضعيف كالإنسان، حتي يستشعر الإنسان بضئاله علمه و ضعف قدرته وعظمه الخالق ، وأنه لولا حكمه الله ورحمته بالإنسان وتسخيره هذا الكون للإنسان لسُحق الإنسان بين طيات هذا الكون العظيم .

فإن جرم سماوي بسيط من ملايين الأجرام في الفضاء قادر علي سحق الأرض وما عليها ، كذا خروج الأرض عن مسارها قادر علي حرق كل ما علي سطح الأرض او تجمده اوضياعه في ظلام سحيق. يقول تعالي (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة غافر 57].

هل للكون حدود؟

لقد شغل الإنسان قضيه ماهيه الأرض وعلاقتها بالكون منذ قديم الأزل ، وكلما أنكشف للإنسان جزء من المعرفه عن الأرض والكون أدرك أنه أكبر مما يتصور ، فقد بدء الإنسان بالبحث عن شكل الأرض وهل هي مسطحه أم كرويه ، حتي أنكشف له أن الأرض كرويه وأن القمر هو جرم سماوي يدور حول الأرض ، ثم أخذت طموحاته تتصاعد ووصولاً الي القمر ، ثم أدرك أن الأرض والقمر جزء من كيان أكبر هو المجموعه الشمسيه .

ثم أدرك أن هذه المجموعه الشمسيه جزء من كيان أكبر يتألف من ملايين النجوم وهو المجره (درب التبانه) ، ثم أدرك أن المجرات جزء من كيان أكبر يتمثل في ملايين المجرات ، وهكذا كلما انكشف للإنسان جزء من العلم إتضح له أن ما لا يدركه أكبر بكثير مما أدركه وأن الأرض وما عليها من حضاره وتقدم هي كذره غبار في صحراء شاسعه.
إن العاقل حين يدرك عظمه هذا النظام الكوني الغير متناهي والغير محدود لابد له أن يدرك عظمه خالقه وقدرته الغير متناهيه.

هل الملائكه والشياطين مسخرين للإنسان؟

لقد ميز الله الإنسان عن سائر خلقه حتي الملائكه بأن جعل له حريه الإختيار ، فالإنسان مُخير بين سبيلين إما شاكراً وإما كفورا ، أما الملائكه فقد خلقهم الله سبحانه وتعاله مسخرين لطاعته وأمره ، قال تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ، حتي بعض هذه الملائكه مسخر من أجل الإنسان يسطرون حسناته وسيئاته ، قال تعالي (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [سورة الزخرف 80]. وكذا الشياطين خلقهم الله تعالي لإغواء أصحاب الشهوات من الناس ليكونوا عدواً للإنسان وممثلاً للشر ، يقول تعالي (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) [سورة الكهف 50].

وقال تعالي (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة الحجر 36 – 40] . فالإنسان هو سيد الخلائق ، سخر الله له الكون كله ، وأسجد له الملائكه ، و جُعل من أجله يوم الحساب.

حكمه الخالق سبحانه وتعالي في خلق الكون والإنسان أعظم وأكبر بكثير من أن يحتويه عقل الإنسان ، فما بالك بهذه المقاله المتواضعه ، والتي تهدف الي تحريك الأذهان في حكمه خلق الكون والإنسان.

بقلم: عمرو محمد عفيفي

تصور لنا بعض الأفلام والكرتون والأعمال الفنيه عن وجود خلق أخر غير الإنسان مثل الكائنات الفضائيه والتي تعيش في بقعه أخري من الكون

 

أضف تعليقك هنا