كتيبة الموت العكرمية

عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

سوف ابدأ هذا المقال  بالتكلم عن قائد كتيبة الموت العكرمية وهو الصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه وهو من أشهر فرسان قريش  وأشرافها، عاش في الجاهلية حياة البذخ والترف، فهو من بني مخزوم أعز وأغنى عائلات قريش، حيث تعلم القراءة والكتابة والأنساب والفروسية وفنون القتال، فتميز بالحكمة والحلم والشجاعة وخفة الحركة.

وقد تزوج ابنة عمه أم حكيم المخزومية وهي ابنة أخت خالد بن الوليد رضي الله عنه، ومن الجدير بالذكر أن عكرمه يكون ابن خال عمر بن الخطاب رضي الله عنه. عندما ظهر الإسلام لم يسلم عكرمة وقد حارب ضد المسلمين في معركة بدر حمية لأبيه، ثم حارب ضدد المسلمين في معركة أحد والخندق ليأخذ بالثأر لمقتل أبيه في بدر .

في يوم فتح مكة عفى الرسول عن الجميع إلا عن أربعة رجال وكان منهم عكرمة بن أبي جهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة)،  وذلك لعداوتهم الشديدة للإسلام والمسلمين.

اسلام زوجته

وعندما أسلمت زوجة عكرمة “أم حكيم” وذاقت حلاوة الإيمان  تمنت لو أن زوجها عكرمة أقرب الناس إليها يشعر بهذا النقاء، فذهبت وطلبت من رسول الله بأن يؤمنه  فقبل رسول الله وأمنه، “كم أنت كريم يا نبي الإسلام” ، في ذاك الوقت كان عكرمة يريد أن يستقل سفينة في ساحل تهامة ليهرب إلى اليمن، فجائت زوجته إليه مسرعة وقالت له: يا ابن عم ، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس ، لا تهلك نفسك .. فوقف لها حتى أدركته فقالت : إني قد استأمنت لك محمدا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، قال: أنت فعلت ؟ ، قالت: نعم ، أنا كلمته فأمنك فرجع معها.

فعن مصعب بن سعد عن أبيه ـ رضي الله عنهما ـ قال : ” لما كان يوم فتح مكة أمَّن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وسماهم ..” ، وكان منهم عكرمة بن أبي جهل .. فهرب وذهب إلى البحر ليأخذ سفينة وينطلق بها إلى اليمن ، إلا أن الله ـ عز وجل ـ شاء له الهداية فأسلم .. )

اسلام عكرمة رضي الله عنه

وقد فرح الرسول لإسلامه وسماه بالراكب المهاجر،  وأمر الصحابة بعدم سب أبيه أبي جهل أمامه مراعاة لمشاعر عكرمة، وقد شهد عكرمة مع الرسول معركة حنين والطائف كما شهد حجة الوداع.

شارك عكرمة بعد وفاة الرسول “صلى الله عليه وسلم” بحروب الردة،  ثم جائت معركة اليرموك الكبيرة، وتعد معركة اليرموك  أقوى معركة من المعارك التي خاضتها الجيوش الإسلامية، وكانت المعركة تحت قيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه وقد بلغ عدد جيش المسلمين فيها  ثلاثين ألف مقاتل و يزيدون قليلاً،  أما جيش الروم قد بلغ  المئتين وأربعين ألفاً.

وقد قسم خالد بن الوليد رضي الله عنه  جيش المسلمين  إلى 36-40 كردوساً، وكلّ كردوس كان يحتوي على 1000 مقاتل، ثمّ قام بتقسيم هذه الكراديس إلى قلب، وميمنة، وميسرة، وجعل لكلّ منها أميراً، فكان أبو عبيدة عامر بن الجراح يقود كراديس القلب، وعمرو بن العاص يقود يقود كراديس الميمنة، ويزيد بن أبي سفيان يقود كراديس الميسرة، وجعل بين القلب والميسرة يكون عكرمة بن أبي جهل، أما الخيالة فكانت بقيادة خالد بنفسه.

شجاعة عكرمة في حروبه ضد الروم

عندما اشتدت المعركة بشكل كبير جداً وضاق الحال بالمسلمين انطلق عكرمة بجواده كالريح، وبايع المسلمين على الموت، ونضم إليه أربعمئة، فكان هو قائد الكتيبة الانتحارية الذي كانت بين القلب والميسرة، وقد نزل عن جواده وكسر غمد سيفه وذهب ليتطاحن مع صناديد الروم، ثم نادى خالد بن الوليد عكرمة وقال له: (لاتفعل ياعكرمة فأن قتلك سيكون شديداً على المسلمين، فقال عكرمة: إليك عني ياخالد فلقد كان لك مع الرسول صلى الله عليه وسلم سابقة أما أنا وأبي فلقد كنا أشد الناس على الرسول فدعني أكفر عما سلف مني. ثم قال: قاتلت الرسول صلى الله عليه و سلم في مواطن كثيرة وأفر اليوم من الروم .. هذا لن يكون أبداً ..).

اربعمائة من الفرسان الشجعان تهجم على جيش كبير كامل مترابط الصفوف ومنظم فقتلوا أهم القادة من  قادات الروم، وقلبو موازين المعركة لصالحهم، اربعمائة ضحوا بأنفسهم في سبيل أعلاء كلمةالإسلام ونصر الدين، ومن بين هؤلاء الفرسان ابن عكرمة “عبد الله” و”ضرار بن الأزور” وعم عكرمة “الحارس بن هشام”، نعم هي كتيبة الموت العكرمية.

في اليوم الرابع في اليرموك ذهب خالد يتفقد الشهداء، وإذ بابن عمه وصديقه البطل عكرمة  ممداً على الأرض يحتضر فتدمع عين خالد وهو يلقي النظرة الأخيرة ويودع صاحبه قائلاً له: ( هنيئاً لك الشهادة ) فمات عكرمة بين أيدي صديقه المقرب سيف الله المسلول ليصرخ خالد وهو يقول ( قل للقاصي والدانئ أن بني مخزوم لايموتون إلا شهداء على اسنة السيوف والرماح).

فيديو مقال كتيبة الموت العكرمية

أضف تعليقك هنا