محاولة لفهم سايكولوجية الكوز-الاسلامي-

ما الكوز؟  “الدين بحر ونحن كيزانه” !

وان كانت العبارة تنسب لحسن الترابي الأب الروحي للجبهة الإسلامية في السودان او لغيره، الا أن لفظ كوز لوصف المنتمى للتيار الاسلامي في السودان استخدم اكثر من القوى المناوئة والمعارضة للجبهة الإسلامية والحركة الإسلامية وتمظهراتها السياسية المؤتمر الوطني الحاكم والمؤتمر الشعبي المشارك في الحكومة الآن امتدادا لبقية احزاب الاسلام السياسي ذات التاريخ المشترك مع حركة الإخوان المسلمين بمسمياتها المختلفة كجبهة الدستور الاسلامي في الستينات وجبهة الميثاق ابان عهد مايو وان كانت تلك الاجسام لا تمثل كتلة واحد لكن  لفظ كوز يشملها بالنسبة لمعارضيهم اليوم في الخرطوم .

استخدم هذا اللفظ term في مقالي هذا  لوصف مصطلح concept يشغل الثوار اليوم في معارضة النظام الحاكم في الخرطوم وهم يرون التغطية الكبيرة للفساد والتفشى المحزن له بالإضافة للعنف الغير مبرر في التعاطي مع الإحتجاجات التي تحدث الان في السودان تساؤلات تملأ عقول الجميع الي درجة جعلتهم مدهشين وما الدافع وراء التعنت الشديد والعنف الكبير من كوادر القوات الأمنية والأفراد التابعين للتنظيم وما الدافع للتستر علي السارقين والقاتلين من بقية اخوانهم هذا المقال يتتبع الالية التي يصنع بها الاسلامي نفسه وداخل الجماعة السياسية والاجتماعية محاولة فهم لا اكثر  .

لكن مقالنا هذا يضع تمفصل واضح بين الكوز والمنتمى للكيزان ، الكوز وهو الذي ينتمى ايديولوجيا وفكريا  بصورة تامة لفكرة الاسلام السياسي وتربى عليها اما المنتمى فهم ركب المنتفعين واصحاب المصالح المشتركة مع الكيزان وبعض الاحزاب والجماعات المشاركة الحكومة في الأهداف والعوائد وهي مجموعات سهلة علي اي دارس للوضع تفريقها بين وبين الذين نعنيهم في هذا المقال وهم موضوع حديثنا .

النبذ المجتمعي من قبل الآخرين 

الكوز بطبعه دائم الاصطدام بالمجتمع لا يجد نفسه فيه  ولا يكون له دور طبيعي فهو لم يصعد لهرمه الاجتماعي بسبب قبول ما او تشجيع من الاخرين بل يستغل انتماءه للجماعة لاصطناع مجتمع جديد يجد فيها نفسه ودوره فيه بدلا عن مجتمعه الذي لم يستطيع ان يسطع فيه نجمه وتصبح له قوى ضبط اجتماعي جديدة وتقاليد مختلفة قليلا من مجتمعه التقليدي.

ولكسب احترام المجتمع التقليدي يلجا للعنف الذي قد يتجسد في إخافة الاخرين من زملاء العمل او سكان الحي احترام ظاهري يرضى به سؤات النبذ السابقة مستغلا في ذلك علاقته المباشرة بالسلطة ويكون الانضمام للجماعة لمحاولة الخروج من هامش المجتمع  لخلق مجتمع جديد يكون هو مركزه، اما تلبسه باللباس المحافظ الإسلامي فهو محاولة إيهام أخرى للنفس وتلاعب شخصي بالنفس فالمجتمع بطبعه يتعامل بظاهر اللغة والتصرف والملبس اي بالظاهر من الشخص.

اما الدين فهو باطن لذلك يحاول ان يظهره الكوز بأي طريقة ويحوله لشئ ظاهر يرى بشكل واضح للآخرين كالملبس والمظهر الذقن والإكثار من الكلمات الدينية في الكلام ومن هنا تبدأ العلاقة الوطيدة بين الاسلام السياسي والفساد والمحسوبية فذلك يبدأ من مستوي فردي وشخصي للغاية ثم يمتد ليشمل شكل الجماعة وطريقة تعاطيها مع الأحداث العامة اي أن الرياء يبدأ مبكرا في حياتهم الشخصية.

يجتهد (الاسلاموي) في اظهار نفسه كمسلم ملتزم ، لأنها الحجة التي أستخدمها لهزيمة أعداء مختلفين في صراعات ماضية، لذلك يجتهد في الشكليات والقشريات ويسكت عن ادعاء الآخرين المنتفعين والمنضمين لتياره أن توافقت شكلياتهم فقط لا أعمالهم وقدراتهم ويستميت في اظهار افعال تظهر قوة تدينه وخلقه محاولا صنع “دينوميتر” إجتماعي يقيس به أخلاق الآخرين حال دخولهم للمجالات العامة ، الفساد الأخلاقي والسياسي مرتبط بهذا الادعاء بهذا المقياس ولا أعتقد أنه سينفصل منه في كل التجارب التي قد تصعد مستقبلا من الإسلام السياسي ..

الجماعة

تبدأ مرحلة تكوين الجماعة باستغلال الانعزالية التي يعاني منها الفرد وهي اغترابه عن محيطه الإجتماعي، فتقوم باستبدال  ذلك الفراغ  في حياة افرادها بأهداف اكبر واسمى تزرع بطرق تدريب وتربية تكرر لفترات طويلة تساعد في صناعة الجندي الفكري الممتاز عن طريق قوالب معدة مسبقا بعناية.

ويتم في هذه المرحلة الملائمة بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة في تحقيق أهدافها  السياسية ، فلا يجود عنصر منفرد في الجماعة لكن تستغل التباينات في حاجات الأفراد لصناعة مزيج اكبر وأن كان أغلبية حاجات الافراد الغضب او الانتقام تتحول حاجة الجماعة لإرهاب او تدمير وكما ذكرنا يتم ذراعة الاخلاقيات والتقاليد في مجتمع الجماعة في دورات طويلة من التربية الدينية والعسكرية والتنظيمية وان كان مصطلح “تربية” يعبر عن ريبة فالكادر الذي يبلغ اكثر من 18 يحتاج لتربية نفسية دينية واجتماعية جديدة ؟ اي اعادة صنع او اعادة انتاج جديدة لفكر ديني وتقاليد اجتماعية  عملية غسل طفيفة للماضي وصبغ الوان جديدة علي اعضاء التنظيم الجدد وهو بالغون عاقلون .

 اللجوء للعنف

يكون  اللجوء للعنف مرتبط بالإسلامي بشكل كبير خصوصا في المجتمعات المحافظة لأنه مرتبط بالطريقة التي يتعامل بها الاسلامي مع الآخرين الذي لا يتفقون معه في الفكرة فهي طريقة قائمة علي اصطناع العدو وتحويله لعدو بدلا عن مجرد مختلف او غير مختلف ومن هناك يبدأ نزاع الفرد الاسلامي الداخلي فهو يحارب في مجتمعه وهو يعلم تماما حجم وجود الدين فيه وأن الإسلام لم يأتي معه ولن يختفى باختفائه وانحسار نشاطه السياسي.

لكنه يصطنع الحجج ليبرر عن امتعاضه من الآخرين ويكون العنف تكذيبا لعقله او علاج بالكي لجروح الروح ،ويساعده بطريقة ما علي تجاوز تأنيب الضمير فهو يحاول ان يصور لنفسه انه يحارب كفار ومرتزقة يحاولون محو الدين من علي الوجود، ويصطنع نفس الإحساس حتى وان كان يحارب اسلاميين مثله اختلفوا في الفرعيات لا أصول الافكار وكانوا معه في سابق الايام ، العنف عند الاسلامي مختلف بشكل كبير عن بقية السياسيين فإن كان الأثنان يبررون لافعال العنف باهداف كبرى لكن الإسلامي لا يصيبه الندم من الخطيئة بسبب الفكرة الدينية التي اوهم في مرحلة الاعداد أنها مؤسسة لفكرة الحزب او الجماعة  .

الحديث عن سيكولوجية الإسلامي-الكوز- لا تنفصل تماما من افكار ومبادئ المجتمع التي تأثر بها الاسلامي نفسه فكما نعيب هذا الفكر فنحن ايضا نعيب الآليات الإجتماعية التي تؤثر علي كافة فئات المجتمع سياسين كانوا او لا.. اسلاميين او لا متدنيين او غير ذلك من كافة فئات المجتمع ، فالكوز-الاسلامي- شخصية صنعت بمساعدة كبيرة من المجتمع نفسه الذي يخرج ضده اليوم ويتساءل كالطيب صالح “من اين جاء هولاء”

فيديو مقال محاولة لفهم سايكولوجية الكوز-الاسلامي-

أضف تعليقك هنا

خالد سراج الدين

خالد سراج الدين

من السودان