طوارق على أبواب الحضارة

مفهوم الحضارة

يعرف المؤرخ الأمريكي ويل ديورانت وزوجته أريل في كتابها المشهور  “قصة الحضارة “.

:”فإن الحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي وهي ما تتكون من أربعة عناصر: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون؛ وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها”.

ووصف العالم الإنجليزي تيلور في القرن التاسع عشر الحضارة بأنها، ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعارف والعقيدة والفن والقيم الأخلاقية، والقانون والتقاليد الاجتماعية، وكل القدرات والعادات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع.

وعرّف ابن خلدون الحضارة بأنّها “تفنّن في الترف وإحكام الصنائع المستعملة في وأوجهه ومذاهبه من المطابخ والملابس والمباني والفرش والأبنية وسائر عوائد المنزل وأحواله”.

و يقول مالك بن نبي عن الحضارة بأنها: ” مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد في كل طور من أطوار حياته المساعدة الضرورية  >”

الحضارة والمدنية و الثقافة

كثيرا ما يكون اللبس أو خلط بين مصطلحات الحضارة والمدنية و الثقافة حيث هناك من رآها جميعها واحدة المعنى ومن رأى أن الحضارة إنعكاس للجانب المادي للثقافة ومن وحد المعنى للحضارة و المدنية حيث لا إختلاف بينهما  وعليه و بإختصار نقول و نذهب مع رأي أن الحضارة هي ما يتفرع منها المدنية والثقافة  بحيث تكون المدنية إنعكاس للجوانب العلمية و الصناعية والعمرانية بينما تمثل الثقافة الجانب و البعد الروحاني والمعنوي .

آراء في البقاء

ويقول غوستاف لوبون المؤرخ فرنسي في كتابه  ( السنن النفسية لتطور الأمم) :”أن العامل الأساسي في سقوطها ( أي الحضارات) هو تغير مزاجها تغيير نشأ عن إنحطاط أخلاقها و لست أرى أمة واحدة زالت بفعل إنحطاط ذكائها”

يقول المؤرخ والفيلسوف والإنجليزي أرنولد  توينبي ” أن التاريخ عرف منذ القدم إلى اليوم وإحدى وعشرون حضارة لم يبقى منها إلا خمس و هي الحضارة المسيحية الغربية والشرقية و الحضارة الإسلامية و الحضارة الهندية و حضارة الشرق الأقصى”. ويضيف أيضا:” أن الحضارة تبدأ في الإنسان مع بداية تحضره و تحضر الإنسان نفسه يكون قبل أن يحضر محيطه أو غيره”

البدء أو النهوض

و لبدء أو نهوض حضارة هناك عوامل كثيرة و لكن من أهمها و ما يختصر الكثيرهو ما ذكره المفكر مالك بن نبي مصدقا لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ حيث يقول: “لتحقيق التغيير لابدّ من تغييرين، تغيير القوم، وتغيير الله، كما لابد من أسبقية التغيير الذي يحدثه القوم. إلاّ أن بين هذين التغييرين ترابطاً، فإذا وقع التغيير الذي يخلقه الله، دل ذلك قطعاً على أن التغيير الذي يقوم به القوم، قد سبق أن حدث”

الأسرة و الحضارة

ونأتي لمصنع التشكيل وحاضنة التغير والرؤى لشخصيات الأفراد ألا وهي الأسرة من حيث أنها من أهم عوامل بناء الحضارات أي منظومة تكوين المعتقدات ومصفوفة القيم  للمجتمعات و التي تنعكس سلوكيا و كممارسة حياتية ويركن لها حقيقة النهوض والتلاشي و الذوبان للحضارات كما نبهت عليه جليا جميع الدراسات الحضارية وأبرزت أهميتها في بناء الحضارات و العكس .

فالأم و الأب و الأبناء وبيئة إيجابية و بناء إستراتيجية من رؤى وأهداف هذه هي المعادلة – إن جاز التعبير – ومن ثم عكس نتاجها على الواقع وتقييم ذلك بحيث يدفع عجلة الإنجاز و الإنتاج الحضاري في ظل مما ذكرنا من رؤية ومباديء تتجاوز روافد الإنهزامية و تناغم النورانية بسلاسة من الإنطلاق و ثقة بالخالق و ترفع عن السلبية وفي إسهام وتعزيز بيئات العطاء و الرعاية والنماء لمفهوم الخير و مرادفات للإسعاد.

فيديو مقال طوارق على أبواب الحضارة

أضف تعليقك هنا