لماذا شاوشانك هو الأفضل!!؟

سحر السينما

لن أتحدث عن السيناريو أو الإخراج أو التمثيل أو أي شيء آخر متعلق بتقنيات السينما وأساليبها، لأن هنالك العديد من الأفلام التي تعتبر الأفضل من طرف صناع السينما أنفسهم، بناء على هذه المعايير، والتي قد ترجح كفته للأفضل أيضا. لكني اليوم سأتحدث عن سحر السينما في عمقها وتأثيرها على الفكر والوجدان، أسرها للروح من أجل تحريرها والذهاب بها بعيدا إلى شاطئ الخلاص. الخلاص من كل زيف، من كل تحريف، من كل تشويه، كل نفاق وكذب وخيانة وظلم وتخريب للذات. إنه الغوص في بحر النسيان إلى القاع، الانحدار إلى الأسفل، أكيد، فهل هنالك انحدار للأعلى!؟ الاستسلام من أجل القتال، كأنك تسقط سقوطا حرا إلى ما لا نهاية، ألن تشعر بشيء فيك يرتقي للأعلى؟ نعم للأعلى.

هذا التأكيد المبتذل قد يسوقنا إلى التأمل في اتجاهاتنا، فكرنا، ثقافتنا، اعتقاداتنا، بل ومعتقداتنا، مكتسباتنا، خبراتنا وفلسفاتنا في الحياة. لكن، قد نضع كل هذا في كفة، وفي الكفة الأخرى… إنه لشيء نحتاجه جميعا، رؤية مستقبلية لذواتنا، إيماننا المطلق بقدرتنا على الوصول إلى هناك، ذلك المكان البعيد الذي لا يراه أحد، لم ولن يراه، فلا تخبر أحدا عنه رجاء، لن يصدقك حتما، بل وقد ينقل إليك العدوى. عدوى الفكر العقيم، والخيال المحدود. لقد ألف السجن، لم يعد يعرف شيئا عن الحياة سوى ما تراه عينه، فكيف ستقنعه بأن هنالك حياة أخرى تنتظره، إنه لا يعرف شيئا عن الأبدية والخلود. لا أتحدث عن الموت طبعا، أو ربما نعم، لست أدري، فهو شيء حتمي. إذن فانهمك في العيش أو انهمك في الموت. لكن ماذا عن الكفة الأخرى؟ آه نعم، إنه الأمل.

قصة الفيلم

يلخص هذا الفيلم الحياة بكل تفاصيلها، منذ وجودك بها ككائن بريء، إلى اصطدامك بواقعها القاسي، فبحثك عن الخلاص. هذا ما اكتشفناه رفقة بطلنا آندي دوفرين، هذه الشخصية الغريبة التي تتمتع بالذكاء والحس الراقي، والذي يبدو ظاهريا شخصا هشا وضعيفا ينكسر بسهولة، لكن العكس هو الصحيح، فهو كالماء، يثقب الصخر، بل يحطمه ويفتته بهدوء وصبر. فقطرات صغيرة تسقط في نفس المكان باستمرار لفترة من الزمن، كفيلة بتحويل أكثر الصخور صلابة إلى حفنة من الرمل. هذا هو المعنى الحقيقي للقوة، قوة الإرادة، القدرة على الصبر والتحمل، التشبث بالأمل والإيمان الصادق، واليقين بتحقيق المبتغى، مهما كان مستحيلا.

المستحيل هو ذلك العنكبوت الذي نسج عشه في عقول الفقراء، فقراء الفكر طبعا. لا أظن بأنك اعتقدت أنني أتحدث عن الفقر المادي، والذي أظن أنه في كثير من الأحيان هو نتيجة للنوع الأول. لكن في الحقيقة، المستحيل يكون مستحيلا في رأي ذلك الشخص القادر على التفكير لكن لا إرادة له. على عكس ذلك الذي سلبت منه ملكة التفكير، فهو لا يرى بأن هنالك شيئا يجب تحقيقه حتى يبدو له مستحيلا. هذا ما لمسناه عند أصدقاء دوفرين، فبالنسبة لهم لم يعد هنالك واقع غير الذي يعرفونه، أي السجن. فالفضاء الخارجي أو الحرية، لم يعد لها وجود في عقولهم. لذلك فتستر بطلنا عن هدفه وعدم إخبار أحد به، كان أهم القرارات التي اتخذها، فلو علم شخص غيره بما يعمل من أجله، لما حقق شيئا، ولك أن تتخيل لماذا.

على العموم، يجب ألا تكون نظرتنا سوداوية، فمازال في أنفسنا وفي الآخرين ما نقدر به أن نقود سفينة التغيير مهما كان الأمر صعبا، فليس هنالك شيء عظيم يأتي بسهولة. لكن مع العزيمة والمثابرة، وعدم الخضوع لأي عائق، نستطيع كسر جدران العجز للتحليق في سماء الحرية وتحقيق الأماني، وتذوق طعم النجاح والانتصار، هيا ماذا تنتظر!؟

فيديو مقال لماذا شاوشانك هو الأفضل!!؟

أضف تعليقك هنا