تقرير أجرنات … الجنرال إيلي زعيرا يهتك أسرار الصمت! (3)

حرب أكتوبر وتقرير أجرنات

هذا هو الجزء الثالث من مقالي عن حرب أكتوبر والمعتمد على تقرير أجرنات الذى قام على تجميعه وترجمته فريق كبير على رأسه د.”إبراهيم البحراوي” ولجنة أجرنات (هى اللجنة التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة القاضي “شمعون أجرنات” تحت ضغط الرأي العام الإسرائيلي للتحقيق فى الأداء الإسرائيلي الذى ظهر خلال الحرب ووضع اليد على أوجه القصور التي ظهرت أثناء الحرب وتحديد المسئوليات لكل من القيادة السياسية والعسكرية).

  • وقد أشرت من قبل إلى الأسلوب الذى اتخذته فى قراءة هذه الوثيقة من حيث اعتمادي بالكامل على تلك الوثيقة وتحليلها.
  • والتوقف فى سياقها عند بعض المواقع الفارقة لتكون منها “بانوراما” أو صورة عريضة وعميقة لمشهد كامل.
  • أننى لا أتدخل في سياق الشهادات إلا نادراً بتعليق لتصحيح معلومة أو لإيضاح واقعة ، أو لطرح سؤال مشروع.
  • إنني خصصتُ جُزءً خاصاً للحديث عن “أشرف مروان” الذى لا يوجد أحداً من الوزراء السياسيين أو الجنرالات العسكريين إلا وتحدثوا عنه وعن دوره مرات ومرات.

وكنت فى الجزء الأول نشرت محاضر مباحثات سرية لمشاورات جرت فى القيادة الإسرائيلية أيام 6،7،8 أكتوبر بينت مدى الصدمة المروعة التي واجهتها إسرائيل فى تلك الحرب.

وفى الجزء الثاني بينت عدداً من النقاط المخفية عن تلك الحرب وسلطت عليها الضوء ، ومن أهم تلك النقاط أن الإسرائيليين لم يكن ينقصهُم معلومات عن الجانب العربي (المصري-السوري) وأنهم دخلوا تلك المواجهة ولديهم أكثر من اللازم من المعلومات عن العرب لدرجة أن مدير مخابراتهم العسكرية (أمان) اشتكى فى شهادته أمام اللجنة من طوفان المعلومات الذى يصله عن العرب لدرجة أنهم أحياناً يعجزون عن تحليله! ، كما بينت دور الملك “حسين” عاهل الأردن فى تلك الحرب وفى الصراع العربى الاسرائيلى عامةً!

وأخيراً – فإن النظر على ما مضى من أحداث ليس وقتا فائضاً لنبدده ونضيعه ، بل هو وقتاً بمعيار المسئولية غالٍ ، وليس عملاً هائماً على وجهه كالمجذوب الذى اختل عقله وتاه فى الشوارع المزدحمة ، بل هي قراءةً عاقلةً متأنيةً واعيةً واقفةً على قدميها ، وليست مركباً بلا شراع يحركها الريح فى أى اتجاه شاء ، بل هي سفينة لها محرك ولها رُبان يمتلك بوصلة وخارطة للطريق.

1- الإسرائيليون يحاولون التأثير النفسي على العرب فى الحرب  

إن القارئ لشهادات القيادات الإسرائيلية (سياسيين وعسكريين) سيجد أن الإسرائيليون يحاولون التأثير على القيادات العربية وجيوشهم بكل الطرق وبكافة الوسائل وهم يعرفون أن ضرب العمق العربي هو أهم الطرق وأنجعها فى التأثير عليهم. وذلك يظهر من خلال عدد من محاضر اجتماعات القيادة الإسرائيلية أثناء الحرب ففي اجتماع للقيادة الإسرائيلية بتاريخ 7/10/1973

إليعازر يقول: “دمشق أولاً”!

الفريق دافيد إليعازر رئيس هيئة الأركان :ضرب دمشق أمر حيوي للتأثير على معنوياتهم

رئيسة الوزراء مائير: لماذا يعد هذا أمرا ضروريا لكسرهم؟ هل القصف هنا سيؤدى لكسرنا؟

وزير الدفاع موشيه ديان: إنهم سيجرون نقاشاً ، و سيسألون أنفسهم عما إذا كان هناك ما يدعوهم إلى مواصلة تلك الحرب. إنهم في الجبهة يلوذون بالفرار ، ينبغي أن يقرروا أن الحرب غير مجدية ، ويبدأون في القول إن الإسرائيليين على مسافة 60 كيلو متراً من دمشق، ينبغي فتح جرح آخر ليسبب لهم ألماً.

رئيسة الوزراء مائير: إذا فعلنا الا يستطيعون (حُذف بمعرفة الرقابة العسكرية ست كلمات) ويمكن التكهن بأنها تسأل أنه إذا قمنا بقصف دمشق الا يستطيع السوريين قصف تل أبيب؟

لأن رئيس الأركان إليعازر يرد عليها قائلاً : سلاح الطيران لدينا يفرض سيطرته الجوية وبشكل عام بمقدوره التعامل معهم. ولكن هناك مشكلة صواريخ سكود، والمفترض أنهم ليس لديهم أطقم (يقصد السوريين) ، هم يمتلكون بين 10-12 رأساً صاروخياً.

رئيسة الوزراء مائير: إذا واصلنا الحرب سنضرب محطات الكهرباء وغير ذلك.

الفريق دافيد إليعازر رئيس هيئة الأركان : أنا أريد ذلك ، لكن “لتكن دمشق أولاً” ، أنا أسعى لإحراز تقدم جذري ، والتحول بممارسة الضغوط سواء أكان ذلك بالهجوم على مقر قيادة الجيش أم قصر الرئاسة أم بيت الأسد مباشرةً.

تعليق: نظرية هاركابى فى الحرب النفسية!

إن ذلك التفكير مرجعه نظرية روج لها الجنرال “يوشفاط هاركابى” مسئول الحرب النفسية فى الجيش الإسرائيلي فى ظروف حرب1967 ، فقد كان له رأى تحول إلى نظرية اعتمدتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مؤداها (أن العرب – كل العرب – كفوا عن تجرُبة الحرب من قرون ، وعلى الأقل منذُ عهدوا بالمسئولية عن أمنهم إلى المماليك ، ثم إلى العثمانيين بعدهم ، وتلك حقيقة واقعة ظلت قائمة حتى زمن قريب).

وضمن أراء “هاركابى” التي تحولت إلى نظرية 🙁 أن العرب عرفوا فى تاريخهم الواناً من المقاومة ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي ، لكن تلك تجرُبة أخرى تختلف عن تجربة الحرب ، كما عاشتها الشعوب الأوروبية ، وكما عرفتها وعاشتها لندن وباريس وفيينا وبرلين مثلاً (فى الحروب العالمية الأولى والثانية) ، وعليه فقد كان تقدير الجنرال “هاركابى” أنه “إذا كان مواطنو الدولة العبرية يخيفهم نزيف الدم اليهودي ، فإن مواطني الدول العربية يخيفهم سقوط القنابل حتى قبل أن تسيل قطرات الدم!”

(لعل ذلك التفكير والفهم للسيكولوجية العربية لازالت تعتمده إسرائيل مع سوريا حتى الآن فنتنياهو وليبرمان منذ مدة قليلة هددوا سوريا بقصف القصر الجمهوري في دمشق ، والطيران الإسرائيلي منذ فترة حلق فوق القصر الجمهوري كرسالة للقيادة السورية والضغط عليها أمام شعبها).

ويعود الموضوع نفسه فى اجتماع  بتاريخ 9/10/1973

رابين يطلب ضرب المصريين واحباط معنوياتهم!

رئيس المخابرات العسكرية الجنرال إيلي زعيرا ينضم للنقاش : ويعرض خرائط لمدينة دمشق. ثم يقول: فيما يخص دمشق فإن الأهداف تنقسم إلى المجموعات التالية: مقر القيادة العامة للأركان ، ووزارة الدفاع ، وقيادة سلاح الطيران. ذلك في وسط المدينة.

رئيسة الوزراء مائير: ماذا يعنى ذلك؟

رئيس المخابرات العسكرية الجنرال إيلي زعيرا: إن ذلك يمثل عصب السلطة. المنطقة قليلة الكثافة من حيث المنازل ، لكنها داخل المدينة. المركز التجاري بعيد فهو يقع بضواحي المدينة.

رئيسة الوزراء مائير: إذا قصفنا تلك المنطقة ، فإلى أي مدى سيصل تأثير ذلك؟

رئيس المخابرات العسكرية الجنرال إيلي زعيرا: هذا يرجع إلى دقة الذين سينفذون الهجوم ، ولن يكون محيط التأثير واسعاً.

زعيرا يُلح على قصف دمشق ، ورابين يطلب ضرب المصريين للتأثير فى معنوياتهم! 

رئيسة الوزراء مائير: ما الأهداف المهمة خارج المدينة؟

رئيس المخابرات العسكرية الجنرال إيلي زعيرا: هناك أهداف أخرى خارج المدينة تُعد مهمة ، الا وهى:

  • محطة كهرباء دمشق.
  • خندق سلاح الطيران خارج المدينة.
  • محطة الطاقة الكهربائية لمدينة حمص.
  • معامل التكرير.

جميع تلك الأهداف ستكون مؤثرة ، لكن ذلك لن يكون مؤثراً جداً مثل منطقة وسط دمشق التي ستكون أكثر تأثيراً، ويمتلك سلاح الجو القدرة على مهاجمة هذا الهدف أو ذاك.

ثم ترد رئيسة الوزراء جولدا مائير بجملة ذات دلالة : ” لنفعل ذلك ، فنحن في نظر العالم مُجرمون في كل الأحوال”.

وفى اجتماع تشاوري آخر للقيادة الإسرائيلية جرى الحوار التالي:

الوزير يجال ألون: (حذفت خمس كلمات بمعرفة الرقابة العسكرية الإسرائيلية) ما المنشأة الموجودة في وادى النيل التي يمكن أن تحدث كارثة إذا أمكن الوصول إليها واستهدافها جواً؟ ، هل سد أسوان يحظى بحماية جيدة؟

وزير الدفاع ديان: حتى هذا ما كان ليحدث كارثة ، أنا لا أعرف هدفاً حيوياً يمكن أن يكون له تأثير. محطة كهربا القاهرة محمية للغاية.

الجنرال إسحاق رابين: هناك شيء ما يتعلق بالجانب النفسي ، ينبغي ضرب المصريين ، وإحباط معنوياتهم ، هذا سيؤثر كثيراً على الوضع في الجبهة الجنوبية (يقصد سيناء).

2- كراهية فى الصميم بين الجنرالات والسياسيين

إن القارئ لتقرير أجرنات والمدقق فى صفاحاته سيجد أن الساسة فى إسرائيل مثلهم مثل الساسة العرب بدون حاجة لقراءة وثائق! ، فهم كما يبدو من قراءة التقرير وغيره من الوثائق يكرهون بعضهم بعضاً إلى درجة التحريم أحياناً.

فالوزراء السياسيين مثلاً رأيهم سيئ فى الجنرالات العسكريين (يرونهم متعجرفين بزيادة ومُغترين بأنفسهم بأكثر من اللازم وعلى استعداد لخوض مغامرات خطيرة دون حساب للتكلفة الكبيرة).

كما أن الجنرالات العسكريين كانوا ينظرون نظرة تعالٍ مختلطة بالاحتقار إلى السياسيين (فهم يرونهم مجموعة من المدنيين المنافقين للشعب طمعاً فى الحصول على أصواتهم ، من أجل خدمة مصالحهم الذاتية ، كما أنهم مُرفهين يجلسون فى مكاتب مكيفة ولا يعرفون معنى صلابة المقاتلين فى الصحراء) !

وكلا الفريقين السياسيين والعسكريين يعرف عن الآخر ما يجعله يلتزم الحذر فى تعامله مع الطرف المُقابل ، فكلاهما مكشوف للأخر بدرجة فاضحة ، وصورة الساسة أمام العسكر والعسكر أمام الساسة تبدو من أول وهله نظرة عارية ، ففي دولة صغيرة مثل الدولة العبرية يُصبح الاحتفاظ فيها بسر أمراً محكوم عليه بالفشل.

وفى دولة مهاجرين لا أحد يعرف فيها الآخر إلا من خلال الظهور بالحصول على منصب ، ولهذا يكون الحذر أدعى فى التعامل مع الآخرين ، لأن الفضيحة (سياسية – مالية – جنسية) تعنى القضاء نهائياً على المستقبل السياسي أو العسكري للشخص الذى يُفتضح أمره وينكشف سره ويُهتك ستره.

تعليق: عن العلاقة بين المدني و العسكري!

ولعله نفس المأزق الذى يواجه كل دول العالم الثالث عموماً فى العلاقة بين المدني والعسكري. فالمدني الذى يستمد شرعيته من الجماهير فى الشارع ، والعسكري الذى يستمد قوته من السلاح الموجه والمخصص للميدان ، كلاهما المدني والعسكري يريد ويبحث ويتمنى ما بيد الآخر ،

فالسياسي يريد أن يكون جنرالاً ، والجنرال يتمنى أن يكون سياسياً!
المدني يريد ارتداء البزة العسكرية ، و العسكري يسعى لارتداء البدلة المدنية!
السياسي يريد “قوة” السلاح ، والجنرال يبحث عن “شرعية” الشارع!

وتلك هي المعضلة الكبرى التي تواجهنا فى العالم الثالث عامة وفى أمتنا العربية خاصةً.

لكن فى الدول المتقدمة التي حصلت نصيبها من التقدُم و راكمت نسبة من التحضُر نجد أن الصدام بين السياسي المدني والجنرال العسكري يخف أثره ويقل ضغطه بتنظيم العلاقة بينهم من خلال دستور يُحترم نصوصه ولا يتم تغيره لمصلحة شخص من السياسيين  ، أو لنزوة من نزوات بعض العسكريين ، وقانون تُنفذ أحكامه بصرف النظر عماً ينفذ ضده تلك الأحكام (سوء كان مدنى أو عسكري).

ولكن فى العالم الثالث الذى يُشبه جمهوريات الموز فى بعض البلدان يكاد الواقع فيه يتطابق إلى حد كبير مع الفن السوريالي ، ف الألوان مختلطة بدون معنى ، والتصاميم ناقصة بدون مبرر ، والعُمق غائب بدون أسباب ، والمشهد نفسه يبدو كالح ، و مستعصى على الفهم فى أغلب الأحيان!

عودة من جديد للسياق

كما أن الجنرالات لم يكونوا يحبون بعضهم البعض ، فالجنرال “إريك شارون” لم يكن يحب الجنرال “حاييم بارليف” وبارليف كان يبادل شارون نفس المشاعر ، كما أن الجنرال “بنيامين بليد” قائد الطيران كان سيئ الظن فى قدرات الجنرال “دافيد اليعازر” رئيس الأركان ، وإليعازر كذلك!.

والجنرال “إسحاق رابين” (نبي السلام عند المعتدلين العرب) لم يكن يُطيق زميله الجنرال “موشيه ديان” ويراه شخص (انتهازي باحث عن الأضواء) ، كما أن “ديان” كان يبادل “رابين” كراهيةً أكبر من كراهية رابين ويراه شخص (متردد ومتواضع القدرات).

ورئيسة الوزراء “جولدا مائير” كانت تنظر بإذراء واصل إلى درجة الاحتقار لوزير دفاعها “موشى ديان” ، كما أن “ديان” كان يبادل مائير نفس الكراهية وأكثر ومع رؤيته لها على أنها شخصية “عديمة الكفاءة ومنزوعة الجاذبية”!

ولعل ذلك يظهر فى محاضر المشاورات التي أجرتها القيادة الإسرائيلية أيام 8،9،10 أكتوبر 1973 وقد نشرت بعضها فى الجزء الأول ولا داعى لإعادة ما نُشر من قبل.

تعليق: كراهية ما قبل حرب يونيو!

ولعل مشاركة “جولدا مائير” و “إسحاق رابين” فى كراهية “موشيه ديان” لها أصول تعود لما قبل حرب يونيو 1967 ، فقبل الحرب بأسابيع معدودة ضغط الجنرالات وعلى رأسهم (إريك شارون ، و إيزر ايزمان ، و إسرائيل تال ، و إسحاق رابين) على المدني المسكين “ليفي أشكول” رئيس الوزراء وقتها من أجل اطلاق الحرب بعد أن رؤوه هو وبقية السياسيين (ومنهم مائير وهى وقتها رئيسة حزب الماباى الحاكم) يحاذرون الحرب فى اللحظات الأخيرة خوفاً من الخسائر(بحجة انتظار الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية) ، وقاد هؤلاء الجنرالات تمرداً يرقى للانقلاب ، وقد وصف الجنرالات رئيس الوزراء أشكول بأوصاف مثل “الجبن” و”التخاذل” و”الضعف” و “الهروب من تحمل المسئولية”.

وكان طلب الجنرالات هو عودة دافيد بن جوريون (“المُعلم” كما كانوا يسمونه ، وهو الرجل الذى يستشهد الساسة به في تهدئة ثورة الجنرالات) ليرأس الوزارة بدلاً من أشكول ، وكذلك أن يعود موشى ديان من صفوف الجنرالات بالمعاش إلى الخدمة العاملة ليُمسك وزارة الدفاع بدلاً من أشكول (وكان أشكول وقتها يُمسك برئاسة الوزارة والدفاع معاً)!

وقد رفض أشكول هذه المطالب كلها واعتبرها عُدواناً من العسكريين على السلطة المدنية المنتخبة في دولة اسرائيل الديموقراطية. كما أن جولدا مائير رئيسة الحزب (حزب الماباى) رفضتها وكانت علاقاتها مع بن جوريون قد ساءت ، وكان رأيها دائماً أن ديان “عسكري خفيف ومغرور” ثم هو “طامح لدور سياسي نابليونى” (على حسب تعبيرها) ، وكان السياسي المخضرم اسرائيل جاليلى يرى أن مطالب الجنرالات شطط ، لكنه من الخطأ التعامل معها بمجرد التمسك بحقوق السلطة المدنية (كما يرى أشكول) ، أو بالتقييم الذاتي الملون بالعواطف (كما تفعل مائير تجاه ديان).

وكان أشكول في تلك الظروف ينتفض غضباً لكنه جاهد في السيطرة على مشاعره ، وقد اعتبر نفسه مسئولاً عن احتواء التمرد حتى ولو ضحى بسلطته ، خشية أن يتحول “التمرد” بالفعل إلى “انقلاب” يسئ في تلك الأوقات الى اسرائيل. وعندما قبل أشكول بحل وسط وأعاد الجنرال “موشى ديان” من “التيه” الى “قيادة الجيش” مرةً أخرى ، فإنه خلق اختلافاً بينهم دون أن يدرى!

فقد انقسم الجنرالات وقتها الى جبهتين:

  • جبهة يمثلها الجنرال ديان العائد لوزارة الدفاع على حصان أبيض من فوق رأس رئيس الوزراء!، وكان أبرز الصقور في جبهة ديان هو “إيزر وايزمان” الذى قاد تمرد الجنرالات في مكتب رئيس الوزراء ، وكانت العلاقة بين ديان ووايزمان وثيقة وكان كلاهما “عديلاً” للآخر، أي أن زوجتي الجنرالين كانتا أختين!

 

  • والجبهة الثانية يمثلها الجنرال “اسحاق رابين” رئيس الأركان (وقتها) ، وكان شعوره أن عودة ديان فوق رأسه إلى وزارة الدفاع اهانة لكفاءته وشك في قدرته على تنفيذ خطة تحمل توقيعه. وكان رابين في الموقف الضعيف رغم أن عدداً من الجنرالات كانوا على استعداد لمساندته ، ولم يكن ذلك اعجاباً به ، وإنما نفوراً من ديان المغرور!.

وكان شعور هؤلاء الجنرالات خصوصاً هؤلاء الذين شاركوا في إعداد الجيش الإسرائيلي للحرب أن مجيء ديان جائزة لا يستحقها رجُل لم يكن له دوراً في إعداد القوات ولا في وضع الخُطة ، وقد قفز بمناورة انتهازية على مشهد كان بعيداً عنه ، فإذ هو في طرفة عين في مقدمة المشهد وصانعه وبطله بلا تعب أو جهد أو استحقاق أو جداره. (لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع برجاء مراجعة الرابط )

انتهى ذلك الجزء من المقال ولكن لم تنتهى الرحلة بين جنبات تقرير أجرنات ، ولازالت الوثائق تكشف المسكوت عنه ، وتفضح المخفي منه

فيديو مقال تقرير أجرنات … الجنرال إيلي زعيرا يهتك أسرار الصمت! (3)

أضف تعليقك هنا

مجدي منصور

‎محامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة