تاريخ التعليم في مديرية الرضمة منذ القرن الخامس الهجري حتى اليوم

مراحل التعليم في اليمن

أولاً: مرحلة الكتاتيب

مرت مراحل التعليم ومراكزه بعدة مراحل في مختلف أرجاء اليمن حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، وكانت المرحلة الأولى هي مرحلة الكتاتيب أو ما يسمى “المعلامة”، ويتركز الاهتمام فيها على تعليم الأطفال القراءة والكتابة وتحفيظهم القرآن الكريم من ظهر غيب، وكانت الكتاتيب منتشرة في أغلب القرى، ويبدأ فيها التدريس من سن خمس سنوات ويستمر من سنتين إلى ثلاث أو أربع سنوات حسب قدرة الطفل على حفظ وختم القرآن الكريم، وكانت تُستخدم الألواح الخشبيه لتعليم التكابة وحفظ قصار سور القرآن ثم التدرج في السور إلى أن يتم الانتهاء من حفظ القرآن كله، وإذا تم الختم يكون الطالب قد انتهى من هذه المرحلة، ويقام له احتفال أو وليمه بهذه المناسبه، وأحياناً تقام وليمة؛ وليمة بعد حفظ كل جزء من القرآن ثم وليمة كبيرة بعد الختم.

ثانياً: مرحلة التعليم في المسجد

المرحلة الثانيه: وهي مرحلة الدراسة في المسجد، وهي مرحلة التفقه في العلوم، ويدرس الطالب في هذه المرحله العلوم الدينية واللغوية على يد أساتذة متفقهين في هذه العلوم، ولكن هذه المرحلة كانت تقتصره على أبناء الخواص من السادة والمشائخ دون عامة الناس في البداية، وقد اشتهرت منطقه (اُلخ) -بضم الألف- من مصنعة بني قيس في عصر الدوله الأيوبية في القرن الخامس الهجري، وكذلك في عصر الدولة الرسولية في القرن السادس وحتى الثامن الهجري كأحد مراكز العلم في اليمن، واشتهر من العلماء فيها العلامة “أحمد بن سليمان الشبواني “، والعلامة “عيسى بن مفلح الشبواني”، والعلامة “موسى بن أحمد النقيب”، والعلامة “أحمد بن أبي بكر بن المبارك” “وأحمد بن علي بن محمد بن سليمان” “وموفق بن المبارك”، ثم في عهد الدوله الطاهرية في القرن التاسع الهجري اشتهرت منطقه “العلاء” من مصنعة بني قيس كأحد مراكز العلم واشتهر فيها بنو المعلاء الذين كان لهم وجاهه عند بنو طاهر ومنهم العلامة “علي بن المعلاء”، وكان يسكن مصنعه بني قيس بنو عثمان ومنهم العلامه “احمد بن محمد بن عثمان” الذي انتقل للتدريس في ثلاء وتوفي فيها، وابنه العلامه “يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان”. وقد استمرت الدراسة في مصنعه بني قيس حتى عهد الدوله القاسميه.

التدريس في جامع الذاري والعلماء الذين درسوا فيه

ثم اشتهرت هجره الذاري منذ بدايه القرن العاشر الهجري، ويرجع الفضل في تأسيسها هجره إلى العلامة “الحسين بن عبدالله بن علي بن أحمد صلاح”، وكان يتم التدريس في جامع الذاري الذي بناه  الشيخ “عمر بن أحمد العكاد”، وأوقف عليه أموالاً ينفق عليها من يفد إليها، ويقيم في المسجد للدراسة، كما أوقف الإمام المتوكل “إسماعيل بن الإمام القاسم” أموالاً أخرى، واستدعي للتدريس فيها العديد من العلماء والفقهاء مثل الأكوع والديلمي والخباني والعماري والعنسي والرياشي والحبوري والظاهري والسماوي والوشلي والارياني، وقد تخرج من هذه الهجره العديد من العلماء والشعراء ورجالات الدولة أمثال: الشهيد القاضي “عبدالله الحجري” الذي تولى رئاسة وزراء اليمن عام 1970م، وأخيه المؤرخ “أحمد بن علي الحجري” صاحب كتاب (مجموع بلدان اليمن وقبائلها)، والشيخ الحافظ الضرير “أحمد التويره من أبناء قرية التويره عزلة أزال، والذي تفرغ للتدريس في المدرسة الشمسية بذمار، وتتلمذ على يديه شاعر اليمن “عبدالله البردوني” والمؤرخ القاضي “إسماعيل الأكوع”، وذكروه في كتبهم، واسمه الحقيقي هو “أحمد المقطر”، ولكنه بعد استقراره للتدريس في ذمار لقب نفسه بالتويره نسبة إلى قريته، وغيرهم الكثير من بيت الذاري والعماد والحجري.

ثالثاً: مرحلة افتتاح مكاتب تعليمية

وفي قرية الذاري تم افتتاح أول مكتب للتعليم في محافظة إب عام 1936م وذلك عندما قام وزير المعارف سيف الإسلام “عبدالله ابن الإمام يحيى” بزيارة لوادي الذاري بصحبة المهندس الزراعي السوري “أحمد وصفي زكريا” لمعرفة ما يصلح زراعته من الأشجار المثمرة في الوادي، فلاحظ المهندس السوري عدم وجود مكتب للتعليم سوى الجامع، وتنحصر فيه الدراسه على فئات معينه، فاقترح على وزير المعارف إنشاء مكتب يتم فيه تعليم جميع أبناء المنطقة فتمت الموافقة، وتم إرسال معلم كان يسميه أبناء المنطقة خواجه، وكان يدرس في هذا المكتب جميع المواد المعاصره من رياضيات واجتماعيات وتاريخ إضافة إلى القرآن الكريم واللغة العربية، وأقبل جميع أبناء المنطقة من أبناء المزارعين للدراسة فيه وكانوا من المتفوقين، ولكن ذلك لم يعجب بعض الطبقات فتم الرفع إلى وزير المعارف بأن هذا المكتب ينشر العلم في غير أهله، فقام “الحسن بن الإمام” أمير لواء إب عام 1938م بإغلاق هذا المكتب، وأمر بإنشاء مكتب للتعليم في إب أسماه “المسعف”، وتم فرض ضريبة على المزارعين في اللواء بقشه بعد كل قدح تجمع من أبناء اللواء وتودع في صندوق للإنفاق على هذا المكتب، وجعل طلابه من أبناء المشايخ وعقال القرى والسادة فقط.

رابعاً: مرحلة تأسيس المدارس والمعاهد

ثم بعد قيام ثورة 26 سبتمبر واهتمام الدولة بالتعليم والتوجه إلى جعله مجاني لجميع أبناء الشعب اليمني تم في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات تأسيس العديد من المدارس ومنها مدرسة الأمل بالرضمه والشهيد الزبيري بالإجلب والشعب في الجبوب وغيرها من المدارس… وكذلك المعاهد العلمية ومنها معهد القعقاع بن عمرو في التربه ومعهد الإيمان بالذاري ومعهد الاخلاص بالصبار ومعهد الإمام البخاري في يحير ومعهد الخير بيت الذيباني ومعهد السلام في جرف كلان، وفي عام 2001م تم إصدار قرار جمهوري بتوحيد التعليم وإلغاء المعاهد العلميه، فتم تحويل المعاهد إلى مدارس بنفس الأسماء السابقة.

مدارس المديرية وأبرز العاملين فيها 

وفي عام 2001م تم تأسيس قسم الإعلام والنشر التربوي بالمديرية، وتولى رئاسته الأستاذ المتألق “هاني الطريقي” حتى بداية العام 2016م، ثم تولى رئاسة القسم الأستاذ الفاضل والمبدع “صالح عبد المغني” ونيابه الأستاذ القدير “يحيى العواضي”، وقد قدموا في الفترة الأخيرة دور رائد في نشر وتوثيق الفعاليات والأنشطة التربوية والتعليمية في المديرية، وإبراز الشخصيات التربوية الفاعلة، ويبلغ عدد الطلاب والطالبات اليوم في المديرية حوالي ثلاثين ألف طالب، ويعمل في قطاع التربية والتعليم قرابة ألف ومائتين معلم ومعلمة، وبلغ عدد المدارس حتى نهاية 2017م 77 مدرسة حكومية منها 8 مدارس تحفيظ قرآن و47 مدرسة أساسي (أول-سادس) منها 6 مدارس بنات وعدد 22 مدرسه أساسي ثانوي (تاسع- ثانوي) منها 6 مدارس بنات.

ومنذ العام 2017 تم تأسيس قسم التعليم الأهلي ويتولى إدارته اليوم الاستاذ القدير “يحيى العواضي” معلم التاريخ بمجمع الأمل رئيس للقسم، وتم افتتاح 3 مدارس هي مدارس المتميزون وبسمه أمل و رواد المستقبل، وبلغ عدد طلاب التعليم الأهلي حوالي 550 طالب وطالبة ويعمل فيها عدد 60 معلم ومعلمة ليصبح بذلك العدد الإجمالي لمدارس المديرية حتى بدايه 2019م 80 مدرسة حكومية وأهليه وأغلبيه الكادر التعليمي من أبناء المديرية، كما وجد منذ عام 2016 بعض المراكز التجارية لتعليم اللغة الإنجليزية والكمبيوتر منها معهد اكسلانس للغات والكمبيوتر في خطوه لتنمية أبناء المديرية.

والجدير بالذكر أنه قد برز العديد من أبناء مديرية الرضمة في المجال العلمي منهم المؤرخ “محمد حسين الفرح” والدكتور “نصر الحجيلي” نائب عميد “جامعة ذمار” والدكتور “بدر صالح الفرح” نائب عميد كلية المجتمع بيريم والدكتور “فضل الحجيلي” كبير المدربين بالمحافظة والباحث الأكاديمي الدكتور “خليل الخطيب” بجامعه صنعاء والدكتور “ناصر الهزمي” الدكتور بكلية الزراعة جامعة صنعاء والدكتور “ناصر الشلالي” الدكتور بكليه التجارة والاقتصاد بصنعاء، وغيرهم الذين لا تحظرني أسماؤهم..

كما أن هناك العديد من أبناء المديرية ينتشرون في جميع مؤسسات الدولة ولعل من أبرزهم اليوم القاضي “أحمد عبدالله الحجري” محافظ إب السابق واللواء الدكتور “عبد الواحد صلاح” محافظ إب حالياً، وهناك الكثير ممن خرجوا من مدارس المديرية ولا سيما مجمع الأمل الثانوي، والذي يتولى إدارته اليوم أحد أبنائه الأماجد الأستاذ الوطني العلم القائد “عبد الواحد الغرباني”، والذي أثبت كفاءة عالية وتفاني منقطع النظير بالتكامل مع جميع الكادر التربوي وأبناء المديرية، والذي بالفعل كان اسم على مسمى، فمن طلاب الأمل اليوم الأطباء والمحامين والقضاة والمعلمين ودكاتره الجامعه والقاده العسكريين والباحثين الذين يضيؤن سماء العلم والمعرفة.

إعداد الباحث: رياض عبدالله عبدالكريم الفرح
ابريل2019
مع تمنياتي لجميع الطلاب والكادر التربوي بمديرية الرضمة بمزيد من التقدم والتألق.

فيديو مقال تاريخ التعليم في مديرية الرضمة منذ القرن الخامس الهجري حتى اليوم

أضف تعليقك هنا