ما بعد العشاء – #قصة

الرجل الغريب 

دخلت المسجد في صلاة العشاء متأخراً قليلاً و خلعت حذائي و أثناء إتجاهي إلى الصفوف حيث بدأو في الصلاة أستوقفني رجلا أظنه في الستين من عمره يجلس بأحد أركان المسجد لحيته سوداء ليست بقصيرة يتخللها بعض الشعيرات البيضاء ذو وجه أسمر قليلاً يملأه تجاعيد كبر السن وعيون تخفيها نظارة مستديرة أو كما يقولون كعب كوباية يرتدي بذلة أنيقة تضيف لشخصيته هيبة رجل أعمال, ظننت أنه متعب فتوجهت إليه و لكن قبل أن أصل اليه أشار لي أن أتوقف ثم وجه يده إلي الصفوف توجيهاً منه أن أذهب إلى الصلاة, أنتهت الصلاة و بعد دقائق تذكرت الرجل ألتفت حولي لأبحث عنه و لكني لم أجده.

خروجي من المسجد ولقاء الرجل الغريب

خرجت من المسجد عائداً إلي البيت دخلت أحد الشوارع الجانبية الهادئة التي تخلو من الناس في معظم الأوقات مع عواميد إنارة قليلة ذات مصابيح صفراء بعد لحظات سمعت خطوات أقدام تقترب مني, في كل مرة أمر بهذا الشارع أطلق خيالي لسيناريو رعب جديد و لكن هذه المرة هل يصبح حقيقة؟ هل هو القاتل المنشود الخاص بي؟ كدت أدير رأسي لأنظر من خلفي ولكنه سبقني بوضع يده علي كتفي, مهلاً إنه رجل المسجد.

سؤال الرجل الغريب 

نظر إلى بإبتسامة ثم قال لي في صوت خافت ” هو أحنا بنصلي ليه؟؟؟ ”
إندهشت من ذلك السؤال المفاجئ تسألت هل تخطينا منتصف الليل أم أن هذا الموعد الجديد للأسئلة الوجودية بدأت بالأجابة و أنا مرتبك قليلاً ” عشان ربنا …….. ” قاطعني الرجل قائلاً ” سيبك من السؤال ده ” .
ألقي نظرة علي أخر الشارع ثم قال لي بنبرة جادة ” تعرف أنك ممكن متلحقش توصل لأخر الشارع فجأة و بدون أي مقدمات الدنيا تتنهي بالنسبالك و تسيب حياتك و أسرتك و شغلك… كل حاجة تنتهي… ايوة هو مفيش غيره الموت ”

جنون الرجل الغريب

الآن بدأت أتيقن أن هذا الرجل غير متزن عقلياً لعلي يجب أن أعامله بلين حتي يبتعد عني أو أن عليا الفرار سريعاً  أخترت  الحل الأول و بدأت بالتحدث ” لكل أجل كتاب و محدش متحكم بعمره …..”  قاطعني للمرة الثانية و لكن هذه المرة الدموع كانت تفيض من عينه ” ليه تسبني و تمشي من غير أما تقول فجأة كده كل حاجة أنتهت بعد خمسة و تلاتين سنة ؟ ”
سألته ” هي مين ؟ ” رد هذه المرة بعنف ” مراتي دلوقتي أنا عايش مليش حد ولا ليا حتى ولاد  ”
بغبائي الشديد طرحت عليه ذلك السؤال ” و هي سبتك ليه؟ ” كنت أنتظر لكمة منه و لكنه بدأ يضحك بهيسترية غريبة مكررأ نفس الكلمات ” الموت … الموت هو مفيش غيره ”

سقوط الرجل في الشارع 

صمت فجأة و إنقلبت عينه لأعلي و تحول لونها إلي الأبيض و بدأ يترنح حتي سقط علي , بدأت بالندأء عليه و لكنه لا يستجيب لجأت إلى  لطم وجه حتي يفيق لم تمر دقيقة وأفاق, حمدت الله أنه أفاق و لعنت حظي الذي أوقعني في نفس طريقه سألني بصوت مرهق ” ممكن توصلني لمحطة الأتوبيس؟ ” كانت المحطة قريبة و كذلك ضميري الذي سوف يودي بي يوماً ما جعلني أقبل.
أسنتده حتى وصلنا للمحطة و جاء الأتوبيس الذي سوف يركبه عانقني بنظرة وداعية حزينة وصعد, راقبته حتي جلس بجوار أحد النوافذ للتأكد من سلامته ثم نظر لي و هو يبتسم هذه المرة مخرجاً ورقة و قلم من جيبه وبدأ بكتابة شيئاً ما , بدأ الأتوبيس بالتحرك فرفع الورقة في وجهي كان مكتوب فيها “مغفل ”

رد المعروف يكون بالسرقة

حسناً هكذا يكون رد المعروف الآن تيقنت أن هذا الرجل مجنون تماماً , ذهبت للعودة للمنزل و لكن هذه المرة من طريق اخر وضعت يدي في جيبي لأخرج هاتفي و لكني لم أجده  مهلاً و كذلك المحفظة ليست موجودة بالجيب الاخر مرت الأحداث في دماغي سريعاً لقد أتقن الرجل الدور و سرقني و في النهاية أسدل الستار علي مسرحيته بنعتي بالمغفل جلست علي الأرض وبدأت بلعن  الرجل بدل المرة ألف مع مشاعر مختلطة بالحزن علي ما فقدت و من انبهار من تمثيل هذا الرجل و لكن الشئ الذي تأكدت منه الآن أنني بالفعل مغفل .

فيديو مقال ما بعد العشاء

أضف تعليقك هنا