أبواب الجحيم

الضربة العسكرية لايران

بمرور الوقت تزيد مؤاشرات توجيه ضربة عسكرية لايران وضوحا وهو ما يعني فتح أبواب الجحيم في الشرق الأوسط، حيث تتعدد الشواهد على اقترابها وهو ما تؤيده قرارات رسمية صادرة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من بعض الدول المهمة والمؤثرة في العالم، وان ما يحدث في فنزويلا تحديدا على ارتباط وثيق الصلة من وجهة نظري بالاستعدادات لضرب ايران وهو الامر الذي يتطلب تهيئة المسرح العالمي اقتصاديا وسياسيا أولا تمهيدا للضربة العسكرية المزمع توجيهها لايران.

 علاقة الربط بين فنزويلا وعملية ضرب ايران مستقبلا

وليسمح لي القراء بعرض وجهة نظري في علاقة الربط بين ما يحدث في فنزويلا وبين عملية ضرب ايران مستقبلا .. ان عملية ضرب دولة بحجم ايران عملية صعبة بل عملية بالغة الصعوبة ويتطلب ضربها اتخاذ اجراءات استباقية تحسبا لعواقب ما بعد الضربة، وأهم تلك العواقب هى العواقب الاقتصادية على العالم بأثره وفي القلب منها سعر برميل النفط الذي بدوره من المفترض ان يرتفع سعره بصورة غير مسبوقة اذا اندلعت الحرب، حيث ان رد الفعل الايراني المتوقع مباشرة هو ضرب مصافي النفط في دول الخليج المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي من المتوقع ان تستخدم اراضيها وأجوائها للمشاركة في ضرب ايران.

وبالتالي سيتوقف الانتاج وهذا معناه مباشرة ارتفاع سعر برميل النفط عالميا نتيجة انخفاض المعروض، ولذلك شرعت الولايات المتحدة بقيادة ترامب ومستشاريه للتفكير في بدائل لحل هذه المشكلة فلم يجدوا أقرب وأغنى من دولة فنزويلا وهى من أكبر الدول النفطية وتملك أكبر احتياطي في العالم ، ولذلك ارتأت الادارة الأمريكية انها أفضل البدائل المتاحة بشرط تغيير النظام الحاكم في فنزويلا بقيادة الرئيس الشرعي المنتخب مادورو والذي تتعارض سياساته مع سياسات الولايات المتحدة ومصالحها فكان التفكير مباشرة في ازاحته هو أسرع الحلول لضمان استمرار تدفقات النفط الى السوق العالمي أثناء الحرب مع ايران ولضمان السيطرة على سعر البرميل، ومن هنا ظهرت الأزمة في فنزويلا أولا باعتراف العالم برئيس البرلمان رئيسا لفنزويلا وتبعها في ذلك بعض الدول الأوروبية في مقابل دعم روسيا للرئيس مادورو.

بالأمس القريب أعلنت الاستخبارات الروسية  انها ترصد استعدادت أمريكية لعملية عسكرية ضد فنزويلا، ثم تبعها بعد يومين محاولة انقلاب عسكري فاشلة لخوان حوايدو رئيس البرلمان وهذا معناه ان بوضوح ان الادارة الأمريكية مصّرة على ازاحة الرئيس مادورو لتحقيق الهدف الذي تسعى وراءه.

أجندات زعامة الشرق الأوسط

أعزائي القراء مسرح الشرق الأوسط مشتعل جدا ويعيش على فوهة بركان وتتنافس على زعامة مستقبله ثلاثة أجندات:

أولا: الأجندة الاسرائيلية .. والتي تريد من خلالها اسرائيل الانفراد بزعامة الشرق الأوسط بالكامل بما فيه الدول العربية التي شرعت بالفعل في التطبيع العلني معها كبعض دول الخليج ودول لديها اتفاقيات رسمية معها كمصر والأردن، وتريد من خلال هذه الاجندة ايضا تصفية القضية الفلسطينية ووضع حلول اقتصادية بديلة عن الحل السياسي الشامل وذلك من خلال صفقة القرن المزمع الاعلان عنها في يونيو القادم حسبما ورد عن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي عراب الصفقة.

ثانيا: المشروع الايراني .. وهو الطموح الايراني لقيادة الشرق الأوسط وتصدير الثورة الايرانية للبلدان العربية وهى عملية لم تتوقف منذ قيامها ، فايران بالفعل تسيطر وتتحكم في القرار السياسي لعدة بلدان عربية وهى العراق وسوريا ولبنان واليمن ولها مخلب قط في كل دولة يتيح لها ذلك.

ثالثا: المشروع التركي .. بقيادة اردوغان والذي يتبني كل تيارات الاسلام السياسي في المنطقة ويعتبر نفسه مسؤولا عنها، ويحتويها ويقدم له الدعم على أمل وصولها في يوم من الأيام الى سدة الحكم وبالذات في الدول العربية مستغلا الثورات والتقلبات الجارية في الجمهوريات العربية والتي في النهاية ستكون تابعة له لتحقيق حلمه باعادة الخلافة العثمانية ولكن في شكل حديث ليتوج بذلك زعيما على كل المنطقة.

وبناءا على ما سبق فان الأجندة الاسرائيلية في المنطقة وبدعم من الولايات المتحدة بكل قوتها وجبروتها في العالم، لن تقبل أن يزاحمها أحد على زعامة مستقبل الشرق الأوسط ، وبالتالي ستقوم اسرائيل حتما بتدمير الأجندات المنافسة لها واحدا تلو الآخر ولذلك التحريض الاسرائيلي ضد ايران لم يتوقف منذ وصول ترامب الى سدة الحكم فكان أول الضربات هو الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي مع ايران ثم اقرار حزمة عقوبات اقتصادية ثم مؤخرا اعلان الحرس الثوري في ايران منظمة ارهابية وهو ما يعد اعلان حرب في الحقيقة مع ايقاف التنفيذ مؤقتا ، وأيضا تصفير صادرات النفط الايراني لتدمير اقتصاد ايران كليا قبل الضربة وربما يؤدي ذلك لاحداث احتجاجات شعبية في العمق الايراني، ناهيك عن الضربات الجوية المتتالية للقواعد الايرانية في العمق السوري.

الحقيقة انه الشرق الأوسط على موعد مع فتح أبواب الجحيم قريبا وذلك لأن رد الفعل الايراني غير متوقع وصعب على جميع المحللين تفنيد وتحليل هذا الوضع المتشابك والمعقد في الخريطة السياسية للشرق الاوسط وما تم عرضه في هذا المقال هو مجرد اجتهاد ومحاولة لقراءة التغييرات الجيوسياسية والتحولات الجارية أمام أعيينا نظرا لتطورها المتسارع الذي يعجزنا احيانا عن فهم ما يدور وما ينتظرنا جميعا.

فيديو مقال أبواب الجحيم

أضف تعليقك هنا

محسن حامد

من مصر