الأرض العذراء…

بقلم: بولنوار قويدر

قادتني زيارة للفسحة والإستجمام لبقعة من أرض أجدادي،وكان لزاما أن أقف عند بعض المحطات بكل ما فيها، لا داعي لتحديدها جغرافيا لأن هذا ليس مهما في هذا الموقف… إنها بلدة طيبة ورب غفور…

أرض أجدادي الخصبة

عايشت أمورا بهذه المنطقة رأيت أن أسجلها عبر هذه الصفحة لا للتشهير ولكن لتحريك الضمائر والسواعد لتجديد العهد بهذه الأرض الخصبة ، من الناحية البشرية أولا ثم الأرض  الشاسعة ثانيا التي رايتها وسالت عنها فكان الجواب جماعي (إنها أرض عذراء لم يطأها شاب ولا كهل منذ عهد عاد…أما عنصر الشباب فهو يافع مفتول العضلات وجوههم ناضرة راكنون إلى الجدران وكراسي المقاهي…العيب لم يجدوا من يحفزهم ويوقظ فيهم الهمم الخاملة التي تستحق قبسة من نور لتنار المنطقة بأكملها في ظرف وجيز…).

 جنة الله فوق أرضة

بقعة إستراتيجية من حيث المكان ، خلابة من حيث الطبيعة، جنة الله فوق أرضه، طيور غناء وظلال وارفة وجبال عالية وزرقة السماء تجلب الناظرين ومياه عذبة كأنها من نهر سلسبيل…وزيادة على ذلك أنها تمر بفصول أربعة مترتبة متناسقة كل ذلك من صنع الله بديع السماوات والأرض.

الشوارع والمحلات القديمة

رغم هذا الجمال الإلهي الذي حباها الله بها إلاّ أن يد الإنسان لم تفعّل ولم تترك أثرا عليها ..فشوارعها مهملة النظافة والتنسيق ..في كل شارع سوق كأن المدينة خلقت سوقا ولم تخلق لغير ذلك… محلاتها غير متماشية والعصرنة من توضب وتنسيق وجلب المشتري …بضائعها مكومة فوق بعضها يعلوها الغبار تبدو إنها قديمة رغم حداثتها.

المدارس والأسرة والتعليم

تجارتها راكدة بما فيها شح في بيع الجرائد على الرغم من قلة العدد المعروض يجلبها شاب لا يحسن قراءة أسمائها ناهيك عن العناوين….فقر في القراء…أما المدارس منتشرة كزهور الربيع، ندية عطرة فوّاحة، فوق ربوعها والإقبال عليها شحيح والأمر يكتنفه الغموض…يجلس الطفل على مقاعد القسم للفترة الإلزامية وما بعدها فقط لمن كانت له الإرادة قوية وأدرك قيّم العلم والتعلم والأسر المهتمة والحريصة على العلم…. جلّهم يفكرون في اختصار الطريق….لكن نحو المجهول ونحو أفق غير محدود المعالم… الغريب كل إنتاجها مستورد -إن صحت هذه العبارة- (مستورد)من أقصى حدود الوطن ،يأتيها رزقها رغم أراضيها البور العذراء وسواعد شبابها.

المساجد والمصلين

مجموعين على صدورهم …إنها الكارثة أرض عذراء وشباب عاطل بل معطل عن الحركة ، الأسباب خارجة عن نطاق الفهم والمتتبعين لهذه الظاهرة… مما زاد دهشتي العمارات تنموا متسابقة نحو السماء وفي وسطها مسجد واحد غابت صومعته بين الجدران ، قليل المساحة رغم عدد السكان الذي يفوق ال25 ألفا نسمة ناهيك عن  السيّاح وعابري السبيل… مما ينعكس سلبا على النشء الصاعد من عدم ارتيادهم للمساجد وتعودهم عليها كما كنا صغارا ونحن نزاحم المصلين في الصفوف من أجل أن نقول لهم  بهذا التصرف والسلوك الروحي المنبعث منا ببراءة وحب تقليد الكبار((  نحن الخلف…))…إذ كلما كثرت بيوت الله تكثر التقوى وتحد من انتشار الرذائل وتحيي القلوب وتشحذ الهمم وبخاصة لمّا هذه البيوت تؤدي رسالتها الروحية والمادية …

قد قيل (( إنّ السماء لا تمطر ذهبا والأرض لا تنبت فضة… ما لم تفعل السواعد وتحيي الأرض بعد موتها…))وفي الأخير نقول ما قاله السلف الصالح(( لا خير في قوم لا يلبسون مما ينسجون، ولا يأكلون مما يزرعون، ويركبون مما لا يصنعون…))

 

بقلم: بولنوار قويدر

أضف تعليقك هنا