دييغو غودين.. اللاعب الذي قاد أتلتيكو مدريد إلى منصات التتويج

 قور مشوب

كان لافتاً، الأجواء التي سيطرت على ملعب واندا ميتروبوليتانو، يوم أمس الأول. الجماهير إحتشدت بقوة، وجاءت لتحضر مباراة أتلتيكو مدريد وإشبيلية، في الجولة الـ37 من دوري الدرجة الأولى الإسباني، لهذا الموسم.
بعد نهاية اللقاء، كان الكثيرون من المنتمين إلى أتلتيكو يسكبون الدموع، بدايةً من دييغو سيميوني، المدير الفني للفريق، الجماهير، وبعض اللاعبين، ليس بسبب التعادل بهدفٍ لكل فريق، أو الفشل في التتويج بلقب الدوري هذا الموسم، بل لسببٍ آخر.

جاء مجهولاً ورحل مشهوراً

تلك، كانت المباراة الأخيرة لدييغو غودين، قائد أتلتيكو مدريد، في ملعب واندا، بسبب أنه سيرحل عن الفريق، هذا الصيف. لذا، لم يكن مفاجئاً وكان مفهوماً، أن يشعر كثيرون بالحزن، والأسى، ويبكي لرحيل غودين، لفشلهم في توديعه بالشكل المناسب، وبما يليق بتاريخه معهم.
بعد تسعة أعوام كاملة، عاش فيها الكثير من الأفراح، الأحزان، الإنكسارات، التتويج بالكثير من الألقاب، سيغادر غودين أتلتيكو، في نهاية الموسم. غودين يرحل عن أتلتيكو مدريد مشهوراً بعدما جاء إليه من فياريال مجهولاً.
وسط كل هذا، فإن الحقيقة التي أصبح يعرفها الناس عنه وعن أتلتيكو، الآن، أنه يُغادر وقد إنقسم تاريخ النادي إلى حقبتين: قبل وبعد قدومه. لكن: كيف قاد دييغو غودين أتلتيكو مدريد إلى منصات التتويج؟ هذا بالتحديد، ما نحاول الإجابة عنه هنا، في الفقرات القادمة.

المجد لأتلتيكو

قبل كل شيء، فإن الحقيقة تُشير إلى أن غودين، بعد إنضمامه إلى أتلتيكو قادماً من فياريال، تحول إلى شخص آخر. في أتلتيكو، لم يتحول إلى أحد أفضل المدافعين في الفريق فحسب، أو الدوري الإسباني، بل وفي العالم، أيضاً. هذا، بالإضافة إلى الدور الكبير الذي لعبه في تتويج أتلتيكو بالبطولات.
الحقيقة أن غودين سيرحل وهو يشعر بالفخر لما حققه مع أتلتيكو: لقب الدوري الإسباني، كأس ملك إسبانيا، لقبين في الدوري الأوروبي، وصافة دوري أبطال أوروبا مرتين.
حسناً، غودين عندما إنضم إلى أتلتيكو قادماً من فياريال، في عام 2010، كان أتلتيكو قد فاز، للتو، بلقب الدوري الأوروبي، وأنهى الدوري الإسباني في المركز التاسع. حينها، كان الفريق يذخر بالعديد من النجوم: سيرجيو أغويرو، دييغو فورلان، ديفيد دي خيا، وغيرهم، ويقودهم فنياً كيكي سانشيز فلوريس.

بطريقة أو بأخرى، هذا يعني أن أتلتيكو كان يمتلك الإمكانيات، النجوم، الجهاز الفني المتمكن. لكنه، للحقيقة، كان يفتقد إلى الإستمرارية، الدافع، التصميم، القتالية، القيادة، والإيمان بالقدرة على إمكانية إزعاج ريال مدريد وبرشلونة أكثر، وليس بين الحين والآخر، وبصورة خجولة.
لكن، في غضون عام واحد فقط، كان كل شيء قد تغير، في نهاية ذلك الموسم. لقد جاء دييغو سيميوني، وعلى الفور، بدأ في إحداث ثورة كبيرة في أتلتيكو، قام ببيع العديد من اللاعبين، تعاقد مع لاعبين آخرون، وقام بالعديد من التغييرات، ليتماشى الفريق مع تطلعاته.

منذ ذلك الوقت، إنضم إلى أتلتيكو ورحل عنه الكثير من اللاعبين، لكن، غودين فقط، ظل مستمراً، شاهداً على كل شيء في النادي: نجاحاته، إخفاقاته، أحزانه، أفراحه، وكل شيء، بالفعل. في الواقع، غودين خلال سنواته الـ9، كان حجر الأساس الذي بنى عليه سيميوني نجاحاته مع أتلتيكو، إذ لم يكن يكل، يمل، يشكو، يتذمر، يطالب بشيء، أو يزعج أحد، إطلاقاً.
هو وحده، غودين كان شاهداً على كل شيء، بالإضافة إلى أنه كان قائداً؛ داخل وخارج الملعب، إذ إعتمد عليه سيميوني لتنفيذ أفكاره، لتمثيله داخل الملعب، قيادة زملاؤه، توجيههم، إبعادهم عن الضغوطات، العبور بالفريق من الظلام إلى النور، وترجمة أراء وتكتيكات سيميوني على أرض.
سيميوني كان يعرف ما يفعله، يعتمد على غودين كثيراً، يعرف أنه لن يخيب ظنه وآماله، إطلاقاً. ببساطة، لأنه، وطوال الـ9 سنوات الماضية، لم يعرف أتلتيكو لاعباً إستمر، هذه الفترة، أكثر من غودين، شخصاً قام بدور القائد أكثر منه.

أكثر من ذلك، فإنه كان اللاعب الذي يستمد الجميع قوتهم، شجاعتهم، إمكانياتهم، وكاؤهم، منه. بإختصار، غودين كان خط الدفاع الأول، وأهم لاعب في منظومة أتلتيكو وسيميوني، إذ لم يتأثر الفريق، إطلاقاً، رغم رحيل العديد من اللاعبين، خصوصاً في خط الدفاع، إذ رحل ديفيد دي خيا، تيبو كورتوا، ميراندا، فيرساليكو، وغيرهم، ولم يتأثر أتلتيكو في الخلف.
بدون مبالغة، فإن دييغو غودين كان قائد أتلتيكو مدريد بالفعل، شعار نموهم، مصدر نجاحهم كنادي، وعلامتهم التجارية المميزة، في السنوات الماضية. للدلالة على ذلك، فإنه يكفي الإشارة إلى أن غودين قائد حقيقي بالفعل، فهو لا يتحدث كفرد أو نجم، بل كقائد لنادٍ حقيقي، ليؤكد أنه رقم صعب في معادلة نجاح أتلتيكو، وأنه كان يمثل النادي أفضل تمثيل.

القائد الذي سيفتقده الجميع

(لقد كان أتلتيكو مدريد، طوال كل هذه السنوات، بيتي، عائلتي، وأكثر، أتمنى أن تتذكروني من خلال الحفاظ على قيم النادي وإحترام الزملاء والجماهير، أتمنى أن تكونوا قد شعرتم بالفخر لما قدمته؛ داخل وخارج الملعب. جائزتي الحقيقية هي شعوركم بالفخر تجاهي). كانت هذه، الكلمات التي خاطب بها غودين، الجماهير التي حضرت مباراته الأخيرة، يوم أمس الأول.
بالطبع، هذه الكلمات تعتبر التجسيد الحقيقي للجميع في أتلتيكو: الإدارة، الجهاز الفني، اللاعبين، الأنصار، وغودين. لقد كان هذا، النمط القوي والحماسي الذي كان يقود به أتلتيكو مدريد، مبارياته، على الدوام.
بهذا الرحيل، سيطوي غودين فترته الطويلة مع أتلتيكو، تلك الفترة التي لم تخلو من البطولات، الأحداث الساخنة، الإثارة، وكل شيء آخر. مؤكد، أن الجميع في أتلتيكو مدريد سيفتقد لغودين، قتاليته، روحه العالية، تضحياته، في الموسم المقبل.

وداعاً

الآن، سيُغادر غودين أتلتيكو والجميع يعرف من هو؟ ماذا فعل؟ ماذا قدم لهذا الفريق؟ وماذا حقق معه في فترته الطويلة تلك؟ فقط، لسوء الحظ، ربما لم يحصل على النهاية الخيالية والجميلة التي كان يستحقها،؟ بالتتويج بلقبٍ كبير. مع ذلك، فإن ما يمكن إخفاؤه، أنه قدم كل شيء لأتلتيكو، لم يبخل عليه بمجهوده، بتوجيهاته، إمكانياته، خبراته، أو تضحياته.
الحقيقة التي سيظل يتذكره بها الكثير من الناس، أنه كان صاحب هدف التتويج بلقب الليغا، قبل خمس سنوات، في شباك برشلونة، واللاعب الذي قاد أتلتيكو لقهر كل الظروف، كسر هيمنة وثنائية ريال مدريد وبرشلونة، التتويج باللقب في وجودهما، وأكثر.

فيديو مقال دييغو غودين.. اللاعب الذي قاد أتلتيكو مدريد إلى منصات التتويج

أضف تعليقك هنا